الإرهاب يدفع إسبانيا أكثر نحو المغرب

الدار البيضاء اليوم  -

الإرهاب يدفع إسبانيا أكثر نحو المغرب

بقلم - ادريس الكنبوري

مدريد ليست لديها الخبرة الكافية في التعامل مع مراكز العبادة فيها، وتتعامل بنوع من التساهل مع تعيين الأئمة والترخيص لهم والسماح بفتح مراكز عبادة دون العودة إلى الاستعانة بمشورة الجانب المغربي.المغرب لديه وجهة نظر مخالفة للحكومة الإسبانية

في إطار التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا نجح البلدان يوم الثلاثاء الماضي في تفكيك خلية إرهابية جديدة تتكون من خمسة أفراد، ثلاثة منهم من مدينة الفنيدق شمال المملكة، واثنان من مدينة بيلباو الإسبانية، أحدهما ذو جنسية سنغالية. وقد لاقى الحدث حفاوة بالغة في إسبانيا، حيث ثمّن المسؤولون الإسبان جدية التعاون المغربي وقدرة الأجهزة الأمنية على إحباط المخططات الإرهابية التي تستهدف البلدين، ويجري التخطيط لها بين الضفتين.

الحدث تزامن مع دراسة رسمية أصدرها المعهد الملكي للدراسات في مدريد (إلكانو) قبل أسبوعين، تعكس الانشغالات الكبرى لدى المسؤولين الأمنيين والحكوميين في إسبانيا بقضية الإرهاب ووجود جالية مغربية كبيرة العدد في شبه الجزيرة الإيبيرية. وهي انشغالات ليست جديدة، لكن تكرار صدور مثل تلك التقارير الأمنية التي يبرز فيها المغاربة بوصفهم أكثر الجنسيات إثارة للانتباه والتركيز في إسبانيا يكشف مدى الاهتمام الزائد بالحضور المغربي في البلاد، ويتضمن تلميحات غير خافية بأن التهديد الإرهابي الأكبر يأتي من حاملي الجنسية المغربية.

فالمغاربة في إسبانيا يشكلون تقريبا ثلثي المهاجرين، بنسبة تصل إلى 67 في المئة، ما يجعلهم الجنسية الأولى في إسبانيا بين المهاجرين. وبعد حصول عمليات إرهابية في عدد من المدن الأوروبية، مثل باريس وبرشلونة وبرلين، تورط فيها مهاجرون مغاربة، باتت مدريد أكثر حرصا على مد يدها إلى المغرب لتعزيز التعاون الأمني، قصد مراقبة تحركات بعض المهاجرين الذين يمكن أن يكونوا عناصر في شبكات إرهابية.

وفي شهر ديسمبر من السنة الماضية، في أعقاب العملية الإرهابية في مدينة برشلونة، قال وزير الداخلية الإسباني خوان إغناسيو زويدو، خلال زيارته للرباط، إن التعاون الأمني مع الرباط يعد مثالا نموذجيّا في الاتحاد الأوروبي لأشكال التعاون الأخرى التي يمكن للاتحاد أن ينخرط فيها مع بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، مشيرا إلى أن التنسيق الأمني بين البلدين مكن خلال عام 2017 فقط من إطلاق 12 حملة أمنية داخل إسبانيا أدت إلى اعتقال 175 متشددا.

تشكل مدينتا سبتة ومليلية المحتلتان هاجسا قويا للسلطات الإسبانية، نظرا إلى وجودهما على التراب المغربي ولاحتكاكهما المباشر بمنطقة الشمال، التي ينحدر منها جل المغاربة الذين التحقوا بتنظيم داعش خلال السنوات الماضية. وجاء في دراسة المعهد الملكي أن ثلاثة أرباع المتطرفين الذين قتلوا أو اعتقلوا بين 2013 و2017 في إسبانيا ينحدرون من هاتين المدينتين، حيث كشفت أن 44 في المئة من هؤلاء ينحدرون من سبتة، و28 في المئة من مليلية، مشيرة إلى أن 40 في المئة من المغاربة الذين التحقوا بتنظيم داعش في نهاية 2013 كانوا ينحدرون من مدن الشمال المغربي القريبة من المدينتين المحتلتين.

ويوجد في إسبانيا حوالي 1260 مركز عبادة تابعا للمسلمين، بينها مساجد مرخص لها ومحلات سرية وخارج التصنيف، 268 منها توجد في منطقة كاتالونيا. وتقول السلطات الإسبانية إن ما يناهز مئة منها تابعة لتيارات سلفية متشددة، 80 منها توجد في كاتالونيا وحدها، حيث ترتفع معدلات التطرف في أوساط المهاجرين المسلمين.

ولكن السلطات المغربية ترى أن على إسبانيا القيام بدورها في مراقبة العائدين من ميادين القتال في سوريا والعراق، لأن هؤلاء يمكن أن يشكلوا خطورة على أمن البلدين. وقبل أشهر حذر عبدالحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، مدريد من العائدين في حال لم تتم مراقبتهم بشكل جيد. بيد أن المغرب لديه وجهة نظر مخالفة للحكومة الإسبانية.

فإذا كانت هذه الأخيرة قلقة بسبب العدد الكبير للمهاجرين المغاربة على أراضيها، فإن الأمر يتطلب انخراطا أكبر للجانب الإسباني في تنظيم شؤون هؤلاء المهاجرين، خاصة لجهة الإشراف على المساجد وسلطة تعيين الأئمة فيها. فإحدى أكبر المشكلات أن مدريد ليست لديها الخبرة الكافية في التعامل مع مراكز العبادة فيها، وتتعامل بنوع من التساهل مع تعيين الأئمة والسماح لهم بفتح مراكز عبادة دون العودة إلى الاستعانة بمشورة الجانب المغربي.

وقد بدأت مدريد تتفهم هذا الوضع في الفترة الأخيرة، بعد أحداث برشلونة التي تورط فيها مهاجر مغربي يحمل صفة إمام لأحد المساجد السرية، لكي تحاول لأول مرة إشراك المغرب في تدبير الشأن الديني فيها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب يدفع إسبانيا أكثر نحو المغرب الإرهاب يدفع إسبانيا أكثر نحو المغرب



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca