حراك الحسيمة يضع العدالة والتنمية في مأزق

الدار البيضاء اليوم  -

حراك الحسيمة يضع العدالة والتنمية في مأزق

بقلم - ادريس الكنبوري

تشكيل لجنة لتقصي الحقائق أمام البرلمان حول ما يجري في الحسيمة ومحاسبة المسؤولين عن تأخر إنجاز المشاريع سيضع الحكومة التي كان يقودها بن كيران في قفص الاتهام.

اندلع الصراع مجددا داخل حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يقود الحكومة، على خلفية أحداث مدينة الحسيمة التي أكملت اليوم سبعة أشهر، حيث بدأت تصفية الحسابات بين الجناحين الرئيسيين داخله. الجناح الذي يقوده أمينه العام عبدالإله بن كيران، والجناح المحسوب على رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، إذ يحاول الجناح الأول استغلال الظروف السياسية الحالية والوضع في منطقة الريف لتسديد الضربات من تحت الحزام إلى الحكومة، ويتطلع إلى أن يدفع استمرار الاحتجاجات حكومة العثماني إلى التفكك، أو على الأقل إلى تأكيد مصداقية المحسوبين على بن كيران، الذي يدفع أنصاره من خلف الكواليس إلى التمرد على العثماني.

جناح بن كيران، لم يهضم إلى حد الساعة قرار استبعاده في نهاية مارس الماضي من مشاورات تشكيل الحكومة وتعيين العثماني مكانه، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب طاحنة بين الإخوة الأعداء غير مسبوقة في تاريخ الحزب منذ تأسيسه في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي. فقد وصلت هذه الحرب إلى الاتهامات بالخيانة والتنازل عن مبادئ الحزب، بل تطورت إلى نشر أخبار مختلقة في الصحف والمواقع الإخبارية من أجل النيل من العثماني وحكومته. وبينما كان الحزب في الماضي يتبجح بأنه حزب يستند على المبادئ الأخلاقية الإسلامية وبأنه أكثر الأحزاب المغربية انضباطا، كشفت الصراعات الأخيرة أنه لا يقل نزولا إلى السفح عن باقي الأحزاب السياسية التي اعتادت تصريف حساباتها الداخلية خلف الكواليس.

تطورات الأحداث في الحسيمة كانت بمثابة هدية لجناح بن كيران، الذي يريد أن يشمت في الحكومة. فهو يرى أن تلك الأحداث تعزز أطروحته التي تقول بأن إعفاء بن كيران كان خطأ سياسيا ما كان على الدولة أن تقدم عليه، وأن ما يجري في الحسيمة والمناطق المجاورة لها هو نتاج لذلك الخطأ، على الرغم من أن تلك الأحداث اندلعت قبل إعفاء بن كيران بثلاثة أشهر، ولكن الحسابات السياسية تدفع هذا الأخير وجناحه إلى تغليب هذه القراءة.

منذ أن بلغت أحداث الريف درجة من التصعيد سعى بن كيران إلى تجميد أجهزة الحزب، خاصة الأمانة العامة، وعدم عقد أي لقاء لهيئاته الموازية، خوفا من انفجار الوضع داخل الحزب، ولكنه في نفس الوقت دفع أنصاره إلى مهاجمة حكومة العثماني والتحلل منها ووضع مسافة معها لتبرئة ساحته أمام الرأي العام. ولدفع الخلاف إلى أقصى مدى، صدرت دعوات من داخل الحزب تطالب بن كيران باتخاذ موقف من الأحداث واقتراح مبادرة للوساطة لحل الأزمة، وذلك نكاية في الحكومة، ولإظهار أن الحزب غير مسؤول عنها وعن مبادراتها. كان واضحا أن الهدف من تلك التصريحات التي كانت الغاية منها التشويش على الحكومة، هو إعادة بن كيران إلى الواجهة بعدما تراجعت صورته إثر تشكيل حكومة العثماني.

القشة التي قصمت ظهر البعير وكشفت عن خلاف عميق داخل الحزب، هو رفض بن كيران إصدار بلاغ عن الأمانة العامة يبدي دعم الحزب للحكومة، وتقديم توضيحات حول الاتهامات التي يوجهها البعض إلى المشاركين في الحكومة باسم الحزب بأنهم نفّذوا انقلابا ضد أمينه العام.

خلف تلك الأزمة داخل حزب العدالة والتنمية توجد مخاوف من أن تنقلب الأمور إلى غير صالحه. فأحداث الحسيمة خلقت حالة من التوتر في الحياة السياسية بسبب الاتهامات المتبادلة حول المسؤوليات. فقد اقترح حزب الأصالة والمعاصرة، المعارض، تشكيل لجنة لتقصي الحقائق أمام البرلمان حول ما يجري في مدينة الحسيمة ومحاسبة المسؤولين عن تأخر إنجاز المشاريع الاجتماعية والاقتصادية التي كانت مبرمجة لفائدة المنطقة ولم يتم إنجازها، انطلاقا من الدستور الجديد لعام 2011 الذي يربط بين المسؤولية والمحاسبة. المقترح فتح مواجهة بين الأغلبية الحكومية والمعارضة، لأن من شأنه أن يضع الحكومة السابقة التي كان يقودها بن كيران في قفص الاتهام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حراك الحسيمة يضع العدالة والتنمية في مأزق حراك الحسيمة يضع العدالة والتنمية في مأزق



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 01:50 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

الأميرة ماري تلتقي بزوجة الرئيس ماكرون في باريس

GMT 12:46 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

امرأة تستفيق في قبرها بعد يوم كامل من دفنها

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 08:58 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ماء العينين تكشف عن تفاصيل لقائها مع بنكيران

GMT 16:13 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تركي آل الشيخ يرد على شائعات إصابته بمرض السرطان

GMT 07:31 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الأوضاع الحميمة في دول مختلفة

GMT 00:29 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح فندق "هيكفليد بليس" بعد ترميمه في إنجلترا

GMT 05:57 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

تطوير"مازدا 6" والحصول على عملاء من "ماي واي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca