بن كيران يوجه رسائل إلى القصر

الدار البيضاء اليوم  -

بن كيران يوجه رسائل إلى القصر

بقلم - ادريس الكنبوري

بن كيران وجد في انتقاد الملك للطبقة السياسية فرصة للعودة إلى هجومه التقليدي على الأحزاب، خصوصا التي يعتبرها خصومه، فكأنه يقول إن خطاب الملك يزكي انتقاداته.

عاد عبدالإله بن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي، إلى لغة الإشارات المتناقضة. ففي مؤتمر شبيبة حزبه بمدينة فاس نهاية الأسبوع وجه الرجل رسائل متعددة إلى أكثر من جهة، في محاولة لرأب الصدع داخل حزبه الذي كان مهددا بالانقسام في الفترات الماضية، بسبب موقف بن كيران وأتباعه من تشكيل حكومة سعدالدين العثماني، وفي محاولة أيضا لمغازلة القصر بعد التصريحات الغاضبة التي أدلى بها في السابق، كرد فعل على استبعاده من الإشراف على الحكومة وتعيين العثماني محله.

يظهر بن كيران بين الحين والآخر أنه ظاهرة سياسية بامتياز، فهو يستطيع أن يقول الشيء ونقيضه في وقت واحد، ويستطيع أن ينقلب على حلفائه السياسيين ثم يغازلهم بعد ذلك، والأكثر من هذا أنه أبان عن قدرة فائقة على الدفاع حتى عن فشله في رئاسة الحكومة لمدة خمس سنوات، وفي الوقت نفسه الاعتراف بأنه لم يقم بأي شيء يمكنه الدفاع عنه. كل ذلك يقوم به بنوع من الشعبوية التي تجعل الناس يتبنون خطابه الذي لا يقول شيئا ذا بال، لأنهم لم يعتادوا على مسؤول سياسي يتوفر على قدر من التناقض في تصريحاته، بحيث يستطيع من خلال ذلك خلق “الحدث” السياسي ولفت الأنظار إليه.

التصريحات الأخيرة لبن كيران تأتي بعد أيام من خطاب العرش الذي ألقاه الملك في نهاية يوليو، والذي وجه فيه انتقادات لاذعة إلى الطبقة السياسية والأحزاب والمسؤولين في الدولة، ودعا الجميع إلى تحمل مسؤوليته وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية الضيقة. وكان حزب العدالة والتنمية واحدا من الأحزاب المعنية بتلك الانتقادات، بوصفه الحزب الذي يقود الحكومة، بل ربما كان معنيا أكثر من سواه.

يبدو أن الخطاب الذي كان له وقع مزلزل داخل الأحزاب السياسية كافة، قد أقنع بن كيران بأن المسار الذي يسير فيه كأمين عام للحزب أحد معوقات العمل الحكومي، وبأن ازدواجية المواقف، بين تحمل رئاسة الحكومة والقيام بدور المعارضة في نفس الوقت، أمر لا يحتمل، وبالتالي على الحزب أن يستقيل من رئاسة الحكومة أو يصلح بيته الداخلي بحيث يكون في مستوى المسؤولية.

قال بن كيران، في كلمته إنه يطمع في أن يتدخل الملك محمد السادس لإطفاء لهيب الاحتجاجات في مدينة الحسيمة بمنطقة الريف، التي تتواصل لأكثر من ثمانية أشهر، مشيرا إلى أن الملك هو الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بذلك “ولهذا السبب وضعناه في ذلك المكان”. وفي الوقت الذي سكت الكثيرون عن الدور الذي قام به الأمن في مدينة الحسيمة، وأشاد فيه الملك بهذا الدور، كان بن كيران أكثر جرأة في الدفاع عن رجال الأمن وما قاموا به، حيث وجه إليهم التحية وأثنى على دورهم في الحفاظ على النظام.

غير أن بن كيران لم يفوت الفرصة للعودة إلى أسلوبه القديم، لكن هذه المرة عبر التخفي وراء الخطاب الملكي وتوظيفه لصالحه. لقد وجد في انتقاد الملك للطبقة السياسية فرصة للعودة إلى هجومه التقليدي على الأحزاب، خصوصا التي يعتبرها خصومه، فكأنه يقول إن خطاب الملك يزكي انتقاداته. وبهذا لعب بن كيران لعبتين، الأولى هي استخدام انتقادات الملك ضد خصومه، والثانية هي التماهي مع الخطاب وإبعاد حزبه وكأن هذا الأخير غير معني بتلك الانتقادات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بن كيران يوجه رسائل إلى القصر بن كيران يوجه رسائل إلى القصر



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca