التجربة المغربية في مواجهة الإرهاب تحت المجهر

الدار البيضاء اليوم  -

التجربة المغربية في مواجهة الإرهاب تحت المجهر

بقلم - ادريس الكنبوري

المغرب يتوفر على سجل حافل بالنجاحات في مجال مكافحة التطرف داخل البلاد، يرتكز على التنمية الاقتصادية والبشرية وضبط الحقل الديني.

ما فتئ النموذج المغربي في مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب يلقى تنويها على أكثر من صعيد ومن أكثر من جهة، ذلك أن المملكة يُشهد لها اليوم بمراكمة خبرات متميزة في هذا المجال انطلقت منذ ما يزيد على عقد ونصف العقد من الزمن تقريبا، تم خلالها إرسال سياسة شاملة تقف على قوائم عدة تجمع ما بين الإصلاح الديني والمؤسساتي والتشريعي والمراقبة الأمنية والتعاون الإقليمي والدولي، إلى جانب البعد الاجتماعي والاقتصادي لمحاربة البيئة المولدة لنزعات التطرف والرفض للدولة.

تقرير الخارجية الأميركية الذي صدر هذا الأسبوع حول الإرهاب، والمخصص لحصيلة السنة الماضية، وضع التجربة المغربية تحت المجهر بوصفها واحدة من التجارب العربية الناجحة. فقد أكد أن المغرب يتوفر على سجل حافل بالنجاحات في مجال مكافحة التطرف العنيف داخل البلاد، يرتكز على التنمية الاقتصادية والبشرية وضبط الحقل الديني، بالإضافة إلى التسريع في تفعيل مبادرات في مجالي التعليم والشغل لفائدة الشباب، وتوسيع حقوق المرأة وتمكينها السياسي والاجتماعي.

وعلى صعيد العمل الميداني أبرز التقرير الدور الذي يقوم به المغرب في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، عبر المساهمة بفرق عسكرية في التحالف الدولي ضد هذا التنظيم، واعتبر أن المغرب “شريك مستقر” في المنطقة الأفريقية.

وليس تقرير الخارجية الأميركية فريدا من نوعه في التشديد على أهمية التجربة المغربية، فقد صدرت خلال الفترات الماضية دراسات أمنية عدة بكل من فرنسا وإسبانيا بوجه خاص أشادت بالنموذج المغربي.

ولا شك أن هذا النموذج مر بصعوبات جمة خلال السنوات الأولى، منذ تفكيك أول خلية إرهابية عام 2002، هي التي عرفت بـ”خلية جبل طارق”، ثم تفجيرات الدار البيضاء في 16 مايو 2003 التي تركت بصمتها على السياسة الأمنية وعلى المزاج السياسي والثقافي بالبلاد.

بيد أن المغرب كان سباقا في المنطقة العربية والمغاربية إلى اتخاذ مبادرات جريئة في الحقل الديني، تمثلت في إدخال تعديلات شبه جذرية على المؤسسات العلمية والبرامج الدينية والقوانين المؤطرة للخطابة والوعظ وبناء المساجد وتكوين المرشدين والأئمة.

وتشكل هذه التجربة الأخيرة تجربة رائدة على الصعيد الأفريقي. فخلال السنوات القليلة الماضية استقبل المغرب عددا من الأئمة والمرشدين الأفارقة والأوروبيين للخضوع لبرامج تكوينية في مؤسسة محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين، بناء على اتفاقيات أبرمها مع هذه البلدان التي سعت إلى الاستفادة من النموذج المغربي.

وفي إطار الأزمة التي تعيشها بلدان أوروبية مع الإسلام المهاجر، وفي سياق البحث عن صيغة أكثر فاعلية للتعامل مع نزعات التطرف والعنف التي بدأت تتسلل وسط فئات من الشباب المهاجر، عمل المغرب على تقديم خبرته لبعض الحكومات الأوروبية، وهو ما دفعه إلى زيادة أعداد الأئمة الذين يرسلهم كل سنة إلى البلدان الأوروبية للتأطير الديني للجالية.

وتعد عودة المغرب إلى أحضان الاتحاد الإفريقي في السنة الماضية، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الغياب، حافزا قويا لتعزيز التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب، عبر فتح قنوات التعاون والشراكة مع البلدان الأفريقية وصب النموذج الوطني المغربي في إطار إقليمي أوسع. فالإرهاب لم يعد ذا بعد محلي، بل صار أكثر فأكثر تمددا عبر الحدود، وأهمية النموذج المغربي مرشحة للبروز بشكل أقوى من خلال الاحتكاك بالتجارب الأفريقية الأخرى المشابهة، وهو أمر وعاه المغرب بشكل مبكر، وتمثل ذلك في مبادرته بإنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في يونيو من السنة الماضية، بحيث تكون إطارا لتقريب وجهات النظر وتبادل الخبرات في المجال الديني، من منطلق الإيمان بأن التصدي لظاهرة الإرهاب يتعين أن تولي الاهتمام للبعد الديني والثقافي للظاهرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجربة المغربية في مواجهة الإرهاب تحت المجهر التجربة المغربية في مواجهة الإرهاب تحت المجهر



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 01:50 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

الأميرة ماري تلتقي بزوجة الرئيس ماكرون في باريس

GMT 12:46 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

امرأة تستفيق في قبرها بعد يوم كامل من دفنها

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 08:58 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ماء العينين تكشف عن تفاصيل لقائها مع بنكيران

GMT 16:13 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تركي آل الشيخ يرد على شائعات إصابته بمرض السرطان

GMT 07:31 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الأوضاع الحميمة في دول مختلفة

GMT 00:29 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح فندق "هيكفليد بليس" بعد ترميمه في إنجلترا

GMT 05:57 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

تطوير"مازدا 6" والحصول على عملاء من "ماي واي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca