الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

الدار البيضاء اليوم  -

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

زاهي حواس
بقلم : زاهي حواس

بعنوان هو لكتاب صغير الحجم كبير القيمة ألفه الأستاذ الدكتور سليمان عبد الرحمن الذييب، أستاذ الكتابات القديمة في قسم الآثار بكلية السياحة والآثار جامعة الملك سعود. تم نشر الكتاب منذ بضع سنوات وتحديداً في عام 2019 ضمن سلسلة كتاب المجلة العربية ليحمل رقم 266 ضمن هذه السلسلة المعرفية القيمة. ورغم قلة عدد صفحات الكتاب فإنه جاء جامعاً ووافياً لموضوعه، وهو الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية. وقد تعمد الدكتور سليمان عدم الإسهاب في عرض المحتوى لكي يخفف على القارئ غير المتخصص ولكي لا يقحمه في كثير من التفاصيل التي قد لا تهم سوى الباحث المتخصص. والمعروف أن موضوع اللغات القديمة وخطوط كتاباتها المختلفة هو فرع مهم من علوم الآثار، بل لا نغالي إذا قلنا إنه الفرع الأهم على الإطلاق، من خلاله يحقق المؤرخ والباحث في علم الآثار أهدافه من معرفة بآداب وديانات وسياسات بل وأحوال الشعوب القديمة من خلال معاملاتهم الاقتصادية والاجتماعية المكتوبة. ولولا الكتابة لظل علماء الآثار يتحدثون فقط عن عصور ما قبل التاريخ، حيث إن الفارق بين تلك العصور والعصور التاريخية هو معرفة الكتابة - أي مقدرة الإنسان على تسجيل لغته المنطوقة عن طريق كتابة تكون هي وسيلة للتواصل بين أفراد المجتمع أو حتى بين المجتمعات وبعضها البعض.
ورغم أن دراسة اللغات وخطوط الكتابة القديمة هي من أمتع الدراسات، فإنها ليس تبالأمر السهل وتحتاج إلى ملكات خاصة في باحث اللغات القديمة. وقد نجح الدكتور سليمان في عرض المحتوى بشكل علمي سلس بداية من عرض مبسط للامتداد الجغرافي للمملكة العربية السعودية التي تمتد لأكثر من مليونين وربع المليون كيلومتر مربع. هذه المساحة الشاسعة والموقع الجغرافي المتميز جعلا أرض المملكة العربية السعودية مسرحاً لنشاط حضاري متنوع لشعوب وقبائل اتصلت بكبريات الحضارات الإنسانية سواء في بلاد النهرين أو العراق القديم وكذلك ممالك اليمن القديمة والحضارة المصرية القديمة وحضارات الساحل الفينيقي. وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الامتداد العظيم والموقع المتميز هي تعدد الكتابات المستخدمة وقد أسفر الكشف عن آلاف النقوش الكتابية وتصنيفها إلى الآتي: - الكتابات الآرامية سواء القديمة التي عثر عليها بمملكة دادان (العلا الحالية)، وكذلك ما يعرف بالكتابات الآرامية المكتوبة بالخط الدولي الذي انتشر بتيماء في شمال غربي المملكة وفي جنوبها أيضاً. هذا بالإضافة إلى الكشف عن آلاف النقوش الكتابية بالخط النبطي في شمال وشمال غربي المملكة.
- الكتابات المسندية بقسميها الشمالي والجنوبي. وتشمل الكتابات المسندية الشمالية أربع لهجات، هي الثمودية والصفائية والديدانية واللحيانية نسبة إلى مملكة لحيان، وقد انتشرت اللهجات الديدانية واللحيانية في منطقة العلا، حيث استمرت مملكتا ديدان ولحيان لأكثر من تسعة قرون، بينما تشمل الكتابات المسندية الجنوبية لهجتين هما السبئية والمعينية.
كذلك أدى الامتداد الجغرافي الشاسع للمملكة العربية السعودية ودورها الكبير في التجارة والتواصل الحضاري بين حضارات الشرق الأدنى القديم إلى وجود كثير من الكتابات الأجنبية على أراضيها منها المسمارية (سواء الأكدية والأشورية)، والمصرية القديمة، خاصة بالخط الهيروغليفي، وكذلك الكتابات العبرية والإغريقية واليونانية.
هذا الثراء العظيم في أعداد الكتابات والنصوص ، الحرف بلغات مختلفة ، إضافة إلى الامتداد الشاسع للأرض التي هي مسرح النشاط الإنساني بالمملكة العربية السعودية يكشف عن حجم المسؤولية والجهد المنوط بهيئة التراث ووزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية للكشف عن التراث والحفاظ عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية



GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 15:01 2022 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

الخطاب الإنتخابي للثنائي الشيعي في لبنان

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca