الاتفاق النووي وشروط إيران الجوهرية

الدار البيضاء اليوم  -

الاتفاق النووي وشروط إيران الجوهرية

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

في ذروة التصعيد المتبادل ما بين إيران و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، والتصريحات الغربية عن وصول مفاوضات فيينا إلى طريق مسدود، لم تغلق الولايات المتحدة نوافذها الدبلوماسية بوجه طهران، وقدمت لها فرصة جديدة قد تكون الأخيرة، قبل أن تذهب الأطراف المعنية إلى خيارات تصعيدية؛ إذ أكدت الخارجية الأميركية، يوم الثلاثاء الماضي، أنها تنتظر رداً بنّاء من إيران بشأن إحياء اتفاق 2015 النووي. واشنطن ربطت هذه العودة بأمرين شديدي الحساسية داخل إيران، ولدى المجتمعين الإقليمي والدولي؛ الأول داخلي يرتبط بالخارج، وهو تخلي إيران عما وصفته الخارجية الأميركية بقضايا غير جوهرية، تقصد بها تحديداً طلب طهران رفع «الحرس الثوري» عن قائمة الإرهاب الأميركية. أما الأمر الثاني، وهو خارجي سيترك أثره على الداخل الإيراني المتوتر أصلاً؛ فهو أن واشنطن ربطت ما بين عودة طهران للاتفاق وحيازتها للقنبلة النووية، أي أن العودة يجب أن تكون قبل أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً.
الأمر الأول، أي «الحرس الثوري»، بوصفه العمود الفقري للنظام؛ لا يمكن للنظام داخلياً، وهو يمر بمرحلة انتقالية لما بعد المرشد، حيث تتعرض إدارة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى انتقادات شديدة من داخل المعسكر المحافظ تتهمها بعدم كفاءتها في معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية، حيث تستمر الاحتجاجات الشعبية في أغلب المدن الإيرانية، ويستمر معها إضراب «البازار» في المدن الكبرى، بسبب سوء سياسات الحكومة المالية ورفع الضريبة التي تترافق مع تراجع حاد في سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي، إذ أكد الخبير الاقتصادي الإيراني محمود جامساز لصحيفة «مستقل» أن سياسات الحكومة الحالية اقتصادياً لا تختلف عن سابقاتها بأنها غير قادرة على ضبط سوق العملات، في ظل تراجع احتمال نجاح المفاوضات النووية، فكل هذه القضايا ستكون معالجتها على عاتق «الحرس الثوري»، في أي لحظة تخرج فيها الأمور عن السيطرة، فالحرس بوصفه العمود الفقري لمؤسسات النظام وحاميه الأول والأخير، لذلك بالنسبة للنخبة الحاكمة، فإن التخلي عنه تفاوضياً في هذه المرحلة أقرب إلى التخلي عن جوهر الثورة، وكشف النظام داخلياً، لذلك يمكن القول إن مطالب واشنطن وإصرارها على هذا الموقف أقرب إلى مَن يطالب النظام بالتخلي عن حصانته.
الأمر الثاني، أي العودة إلى الاتفاق قبل امتلاك قنبلة نووية، هو الأمر الخارجي الذي يؤثر على الداخل؛ إذ إن إيران تتصرف وكأن فرصتها الذهبية في الوصول سريعاً إلى امتلاك قدرات نووية أو قنبلة نووية تقلب فيها الطاولة على الجميع، وتغيير معادلة المفاوضات، فالنظام القلق داخلياً وخارجياً يعتبر أن القنبلة النووية ستحميه من تدخل خارجي يؤدي إلى سقوطه أولاً، وأن مكاسب إيران الإقليمية والدولية ستتعزز ثانية. أما الطرف الآخر الدولي والإقليمي فيرغب في استمرار المفاوضات من حيث انتهت، ويرفض إعطاء طهران مزيداً من الوقت، ولا يرغب في أن تستغل انشغالاته الدولية وتداعيات حرب أوكرانيا على الأمن والاقتصاد العالميين، كما أنه لا يرغب في أن يصل إلى لحظة الحرج، وهو أن يضطر إلى التدخل لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية؛ فهو حتى الآن يتجنب المواجهة العسكرية، ولكنه سيكون أمام خيارين، أحلاهما مُرّ: أن يتصرف قبل إعلان إيران امتلاكها للقنبلة النووية، وهذا له شروط وتداعيات مختلفة، أو أنه سيتحرك بعد إعلان إيران، وهذا سيكون أشبه بكارثة على إيران والمنطقة والعالم. كما أن الحديث عن اقتراب طهران من القنبلة وأنها على مسافة أسابيع، يتزامن مع جولة الرئيس الأميركي إلى المنطقة، حيث سيكون ملف إيران النووي وسياساتها في المنطقة في مقدمة أولوياته.
وعليه، فإن إيران والمنطقة في سباق مع الزمن، فلا بوادر بأن إيران مستعدة للتنازل، ولا إمكانية لتقدير الرد الأميركي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق النووي وشروط إيران الجوهرية الاتفاق النووي وشروط إيران الجوهرية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca