إصلاح التعليم.. الأمل في المعلم

الدار البيضاء اليوم  -

إصلاح التعليم الأمل في المعلم

بقلم : فريهان الحسن

مهنة مريحة؛ دوام قصير، عطل كثيرة، ضمان وأمان وظيفي. تلك نصيحة كانت حاضرة في أوساط عائلات لأبنائهم لترغيبهم بمهنة التدريس، بعيدا عن أي شغف أو علم أو كفاءة تمكنهم من أن يكونوا أهلا لها.. فشهادة جامعية بأي تخصص ستكون كافية! وسنويا، يتخرج آلاف الطلبة من الجامعات، وعلى مدى عقود، ظل التدريس هدفا رئيسيا لغالبية الخريجين، بغض النظر عن التخصص الجامعي أو قدراتهم الحقيقية على تعليم الطلبة ما ينفعهم بمستقبلهم، أو تسلحهم بالدورات والتدريبات لتحسين مهاراتهم وأدواتهم.

ضمن هذه الثقافة، كانت مهنة التدريس خيارا مفضلا لدى الغالبية؛ يدخلونها بدون قناعة، كونها خيارا متاحا، لكن المؤسف أن هذه الثقافة ما تزال حاضرة، وإن بنسبة أقل، إذ ما يزال معلمون يفكرون بذات الأطر التقليدية، من غير أن يواكبوا التطور المستمر الذي يلقي بظلاله على التعليم، ولا في مهارات التعامل مع الطالب بشكل يربطه بواقعه.

نتيجة اختلالات عديدة، فإن العملية التعليمية في جميع أركانها؛ المعلم، المنهاج، الأساليب، البيئة المدرسية والطالب، استقرت على نمطية بعيدة عن المعايير العالمية للتطور والإبداع، وسط متغيرات عالمية وثورات تكنولوجية هائلة لم نستطع مسايرتها. والفيديو الذي عرض على موقع "عرمرم" أخيرا، أوضح تجارب دول متقدمة في التعليم، مؤشرا على تجربة فنلندا واشتراطها في المعلم الحصول على معدل عال بالثانوية العامة، وعدم الاكتفاء بدرجة البكالوريوس، بل أن ينال درجة الماجستير، ويخضع لامتحانات عديدة، ويقبل واحد من كل 10 متقدمين للمهنة، بما يضمن اختيار الموهوبين والذين يستحقون شغل الوظيفة. سنغافورة تعتمد النظام ذاته، فـ30 % من أوائل خريجين المدرسة يسمح لهم بالتقدم للمعهد الوطني للتعليم، ليخضعوا لامتحانات تنافسية، ويتم اختيار 12 % فقط منهم!

جودة التعليم في تلك الدول لم تأتِ من فراغ، فالحوافز التي ينالها المعلم هناك تجعل من العدل تطبيق صرامة عالية في الانتقاء، فرواتب المعلمين هي الأعلى بين جميع المهن الأخرى، في حين رواتب معلمينا دون المستوى، مع غياب الحوافز والمكافآت، رغم التحسن النسبي بالرواتب خلال الأعوام الأخيرة، لكنها تبقى دون الطموح، ولا تعطي المعلم الشغف الكافي للتميز بمهنته أو رفع كفاءته. 

لا ننكر دور أساتذة عظام تخرج على أيديهم علماء ومبدعون، ولا نتغاضى عن معلمين مبدعين موجودين في مدارسنا، استطاعوا من خلال مبادرات فردية أن يصنعوا التغيير في صفوفهم، مجتهدين رغم قلة الإمكانات المتوفرة، فتركوا بصمات في مدارسهم وعلى العملية التعليمية برمتها. لكن نسبتهم متواضعة بالنظر إلى أعداد المعلمين، كما أنهم ينطلقون من مبادرات فردية وليس من استراتيجية فعالة تخدم العملية برمتها.

إعادة النظر باستراتيجيات التعليم جميعها مصلحة وطنية ينبغي أن تتقدم على أي أولوية، فنحن نتحدث عن مستقبل الوطن، وعن أجيال كاملة ستتولى إدارة شؤون البلد خلال عقدين فقط، لذلك ينبغي أن نحرص على أن يكون قادة المستقبل مسلحين بجميع المعارف والمهارات.

نتحدث اليوم ونحن أكثر تفاؤلا عما كنا عليه قبل سنوات قليلة، فهناك ما يشي بالأمل عبر خطط إنقاذ وطنية تشمل المناهج، ورفع كفاءة المعلمين وتحسين البيئة المدرسية وتطويرها، وكلنا ننتظر تطبيقات على أرض الواقع كنقطة بداية ليكون تعليمنا استثمارا حقيقيا ينهض بالمجتمع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح التعليم الأمل في المعلم إصلاح التعليم الأمل في المعلم



GMT 19:42 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

في متاهات التعليم

GMT 07:56 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 10:27 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تقييم رؤساء الجامعــات؟!

GMT 09:27 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ

GMT 09:26 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الرد على الإرهاب بالعلم والعمل

GMT 11:55 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حكايات من المخيم مخيم عقبة جبر

GMT 10:48 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الإرشاد النفسي والتربوي

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

اختراع ..اكتشاف .. لا يهم.. المهم الفائدة

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca