الآلة وأجر العمل

الدار البيضاء اليوم  -

الآلة وأجر العمل

بقلم مظهر محمد صالح

انشغل القرن العشرين في تحليل جدلية العلاقة بين الآلة والدخل وانعكاس ذلك على الرفاهية الفردية ومستوى نمو تشغيل قوة العمل. وكانت بريطانيا موطن الثورة الصناعية هي محطة الجدل الاولى في تناول المعطيات التاريخية التي احاطت بتطور الدخل الحقيقي فيها.فمنذُ عهود الانتاج المشاعي وحتى العام 1750 لم يتضاعف الدخل الفردي في بريطانيا سوى مرة واحدة .
في حين ادت الثورة الصناعية الى تعاظم دخل الفرد في بريطانيا بين الاعوام 1570 و1850 الى نحو ثلاث مرات.
وتعاظم الدخل الى اكثر من ثلاث مرات بين العام 1850 والعام 1975 .ولم يستغن التصنيع وتقدمه عن قوة العمل الانساني بتاتاً، بل على العكس اسهمت التكنولوجيا بامتصاص التزايد في القوة البشرية طوال القرن العشرين.
وعلى الرغم من ذلك، فثمة من يجد من الاقتصاديين بأن عصر الاتمتة الجديد المتمثل بالثورة الصناعية الثالثة(ثورة الكومبيوتر) والتي ابتدأت منذ ثمانينيات القرن العشرين، قد جعل الدخل الحقيقي للافراد يأخذ مسارات افقية مختلفة الاتجاه مقارنة بما كان عليه الحال ابان الثورتين الصناعيتين الاولى والثانية.
فخلال العقود الاربعة المنصرمة،لم يستطع الدخل الحقيقي للافراد مجاراة ارتفاع مستوى المعيشة في الولايات المتحدة وبريطانيا وحتى المانيا نفسها.
ففي اميركا صار من الصعب اليوم تكييف ميزانية الفرد من الدخل الحقيقي من دون اللجوء الى الدين او الائتمان المصرفي.ولم تشهد مستويات الدخل الحقيقي في بريطانيا والمانيا اي تقدم حقيقي نحو الارتفاع الملموس.
ويعود السبب في ذلك، كما تؤشره الدراسات الحديثة، الى سرعة إحلال رأس المال محل العمل من خلال الاتمتة، ما زاد من حصول رأس المال على حصص مرتفعة من الدخل العالي، وذلك منذ العقد الثامن من القرن الماضي، كما نوهنا سلفاً، حيث اخذت حصة رأس المال بالتعاظم من الدخل العالمي ازاء تدهور حصة العمل من ذلك الدخل.
ويعزو الاقتصادي الفرنسي توماس بيكتي في كتابه الشهير- الذي صدر في باريس في العام 2013- والذي جاء تحت عنوان: «رأس المال في القرن الحادي والعشرين»، مبينا بأن انخفاض حصة العمل من الدخل العالمي جاء نتيجة ارتفاع معدل نمو عائد رأس المال على معدل النمو في الناتج الاجمالي للعالم.
كما لايعرف الكثير استاذ الاقتصاد لاري سومرز الذي شغل منصب وزير الخزانة الاميركية في عهد الرئيس بيل كلنتون 1999 ، والذي انصب اهتمامه في مقاله العلمي الذي نشره في العام 2013 مستعيراً العنوان نفسه لمقالة سابقة اعتمدها عالم الاقتصاد جون ماينرد كينز في العام 1930 والتي كانت تحت عنوان: «الممكنات الاقتصادية لاحفادنا»، اذ وجد سومرز ان اتجاهات بطالة العاملين في اميركا من بين عمر 25الى54 عاما قد ارتفعت من عامل واحد عاطل ازاء عشرين عاملاً مشتغلاً في ستينيات القرن الماضي لتبلغ اليوم عاملاً واحدا عاطلاً ازاء كل سبعة عمال مشتغلين، ما جعل دخل العمل ضحية دائمة لسرعة أتمتة رأس المال في القرن الحادي والعشرين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآلة وأجر العمل الآلة وأجر العمل



GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca