بقلم - اللواء المتقاعد شريف العمري
هل ارتفاع معدل البطالة سبب من أسباب التطرف؟ هل من الممكن أن يبيع الإنسان نفسه للتنظيمات الإرهابية مقابل مبلغ من المال ثم لا يكون حر نفسه؟ ما فائدة المال اذا كان ثمنه فقدان الحياة؟ عندما يتم الحديث عن أسباب التطرف، فإن المتحدثين في الغالب يغفلون عن الدافع النفسي للشخص المتطرف وهو استعداده الذاتي ورغبته ومن ثم قبوله السير في هذا الطريق ولولا هذا الاستعداد فإن أموال الدنيا كلها لن تكون مغرية لإلقاء نفسه في التهلكة .
ولكن كيف تتولد هذه الرغبة وهذا الاستعداد ؟ هنا علينا أن نفرق بين الأسباب والدوافع والمحفزات والظروف التي تجعل من الشخص يتحول من العادية الى التطرف بسرعة تختلف من شخص لآخر و أحيانا دون ملاحظة التغييرات التي تطرأ على سلوكه ونمط حياته، وبعض المدارس في التطرف تنفي فكرة غسيل الدماغ التي تقوم بها التنظيمات الارهابية للشخص في معرض تجنيدها له وتطرح فكرة رغبة الشخص الذاتية من داخل نفسه للتجنيد انها هي وليس غسيل الدماغ، هي العامل الاكبر في اتمام عملية التجنيد والالتحاق بالتنظيمات الإرهابية.
عودة الى البطالة ، فإن ارتفاع معدلات البطالة وخاصة بين خريجي الجامعات، توفر الارضية لمزيد من التحولات في طريقة تفكير الشباب عندما يسد الأفق أمامه و يتم إدخاله في نفق لا يكاد يرى أطراف قدميه من شدة الظلمة، مع غياب في الرؤية لحل هذه المشكلة (البطالة) التي تتفاقم يوما بعد يوم. يتسبب هذا الامر في تحول تفكير الشباب، (وخاصة غير القادرين اكاديميا على المنافسة في سوق العمل الضيق ) بطريقة سلبية الى البحث عن بدائل لسد وقت الفراغ اولا و لتوفير مصدر دخل لسد نفقاته اليومية، كحد أدنى مثل التفكير بالسير بطريق الجريمة والمخدرات .
وفي ظل الضغوطات المعيشية والاجتماعية على الشباب، فانها تجعلهم يقبلون بأي عرض يعرض عليهم يحقق لهم دخلاً ولو يسيرًا، فكيف إذا كان هذا الدخل أو الوعد به أكبر من ذلك (عرض التنظيمات الإرهابية)، خلاصة القول أن معالجة ظاهرة ارتفاع البطالة، بين الشباب تأتي من باب سد الذرائع أمامهم لعدم التوجه الى قبول العروض الأخرى، من التنظيمات الإرهابية التي تسد ثغرة البطالة لديهم، والحديث يطول .