بقلم: حسام نورالدين
أطلق جمهور النادي الأهلي على النجم المعتزل محمد أبو تريكة "لقب القديس"، وبعد أن فرح اللاعب باللقب سقط الجميع في فخ آخر وهو أنَّ للقداسة وجوه كثيرة تنتهي في الأخير إلى أنّه لا يوجد شخص فوق مستوى الأخطاء أو الخطايا على حد السواء حتى من يطلق عليهم البعض "قديسين"، وذلك قياسًا إلى أنَّه انتهى عصر النبوة وأصبح البشر جميعهم غير معصومين من الوقوع في الخطأ.
أبو تريكة وعن معرفة قريبة دامت لأعوام عدة، لا يعدو كونه مجرد إنسان له ما له وعليه ما عليه، مع الاعتراف بأنه يمثل نموذجًا ايجابيًا في الكثير من النواحي، غير أنَّه مثل أي إنسان عادي يتصرف بطلاقة في لحظات الاختيار الحر وتحت الضغوط الرهيبة، ومن واقع مسيرة أبو تريكة الحافلة في الملاعب نجد لحظات مضيئة وأخرى قاتمة ليبقى اللاعب مثار جدل كبير حتى بعد أن اعتزل الكرة.
محاسن أبو تريكة، لا تخفى على أحد، فهو اللاعب الذي رفع شعار الدفاع عن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" في بطولة أمم إفريقيا 2006 على خلفية أزمة الرسوم المسيئة، وفي 2008 لم يتردد في أن يدعم غزة بعبارات تعاطف جعلته يسكن شغاف القلوب في الوطن العربي، ولم يتأخر في المساهمة ببناء مسجد للفقراء في غانا في العام نفسه، وهو اللاعب الذي خاض مباراة لمكافحة الفقر بجانب نجوم العالم وكان سفيرًا لليونيسيف، وقدم نفسه في آخر أيام مسيرته على أنه صديق الشهداء بعد مجزرة إستاد بورسعيد.
ويبقى جانب آخر يحترمه البعض في شخصية تريكة وهو أنه لم يتحوَّل ويُغيّر موقفه من جماعة "الإخوان المسلمين" بعد سقوطها في مصر، ولم يدَّعِ مثل آخرين أنّه تعرض لعملية خداع بعد أن أعلن صراحة عن تأييد الرئيس الأسبق محمد مرسي في الانتخابات، وبغض النظر عن مدى اعتقاد البعض أنها جماعة "متطرفة"، إلا أن عدم تحوله جعله يحظى باحترام كبير لدى قطاع عريض من الجماهير.
ويُحسب على أبو تريكة أنَّه لم يُظهر الحقيقة عندما دفع لاعب "طلائع الجيش" في مباراة أهدت النادي لقب الدوري، وهو الذي تهرَّب من المشاركة في مباراة السوبر أمام "انبي" في تصرف غير احترافي نزولًا على رغبة جماهير الاولتراس، وهو الذي أغضب زملاءه عندما كان يتعمد الظهور بمفرده في مناسبات إنسانية كثيرة، لنجد أنفسنا أمام شخص عادي، لا يملك من لقب "القديس" إلا اللفظ فقط ويظل إنسان له مواقف مشرقة وأخرى قاتمة.