بقلم : عبد اللطيف المتوكل
اتفق محمد بودريقة رئيس فريق الرجاء الرياضي (البيضاوي) لكرة القدم، مع رؤساء أربعة فروع لنادي الرجاء، وهي ألعاب القوى والسباحة وكرة اليد وكرة السلة، على وضع حد لحالة التشرذم وإعادة الشرعية للمكتب المديري، ووقعوا جميعا عريضة يفوضون من خلالها إلى حسن السنيني الرئيس المنتدب لرجاء ألعاب القوى، باتخاذ الخطوات والإجراءات الضرورية لتصحيح مسار المكتب المديري، وذلك عبر تشكيل لجنة تحضيرية لعقد جمع عام استثنائي في الأفق القريب.
هذا الاتفاق الهام، يعتبر إشارة دالة من الفروع الرجاوية الخمسة، على إرادتها في لم الشمل وإعلان المصالحة، ولعل ما يضفي على هذه الإرادة بعدا إيجابيا هو أن رئيس رجاء كرة القدم بودريقة واحد ممن يتقاسمون هذا الهم بشكل علني، خصوصا أنه كان وراء الانقلاب الشهير ليوم 27 فبراير 2013، والذي عصف بالمكتب المديري الشرعي برئاسة محمد أوزال، لكن ثلاثة فروع عارضت ذلك الانقلاب بقوة ووضوح، وهي ألعاب القوى وكرة اليد وكرة السلة.
ولاشك أن سياسة اليد الممدودة التي قرر بودريقة انتهاجها، باعتباره الحامل من الناحية الافتراضية لصفة رئيس المكتب المديري لنادي الرجاء الرياضي، إلى اليوم، واصطفافه في صف من عارضوا الانقلاب الخطير والشهير، هي بمثابة اعتراف ضمني وصريح، بأنه أخطأ في حق المكتب المديري، وسقط في المحظور.
فقهاء القانون يقولون الاعتراف سيد الأدلة"، وأهم شيء بالنسبة لفروع الرجاء، هو أن تنظر إلى الأمام، بعد أن تستخلص الدروس من صراعات وانقسامات الأمس، وأن تمتلك ثقافة الروح الرياضية والتسامح، وتعلن القطيعة النهائية مع فكر وسلوك الإقصاء والانتقام.
الفروع الرجاوية الخمسة، تتشارك في كونها أنواع رياضية أولمبية، ومن هذا المنطلق يجب أن تتحرك في اتجاه لم الشمل ونبذ كل أشكال الإقصاء والتهميش، وفتح الباب أمام الفروع الأخرى الأولمبية وشبه الأولمبية وغير الأولمبية، شريطة أن تكون ملفاتها القانونية سليمة وأن يكون تواجدها على الساحة الرياضية قائم الذات، وليس صوريا.
عندما أعلن بودريقة عن استقالته من رئاسة المكتب المديري، في 14 يوليوز الماضي، ونشرها في الموقع الإلكتروني لرجاء كرة القدم، انتظرنا من رفاقه في المكتب التنفيذي (المفترض) للمكتب المديري، خطوات عقلانية وحكيمة، لكن العكس هو الذي حصل، بسبب تباعد الرؤى والمواقف بينهم وبين عدد من الفروع، وخاصة فروع السباحة وألعاب القوى وكرة اليد وكرة السلة والكرة الحديدية.
وكنا قد أكدنا على أنه كان من المفروض أن يتم التعامل مع استقالة بودريقة بكثير من النضج والتبصر بهدف تحقيق المصالحة واستحضار المصلحة العليا لنادي الرجاء الرياضي، لا أن تتسبب هذه الاستقالة في مزيد من الانقسام والتصدع والصراعات الهدامة بين مكوناته.
وأوضحنا أن الاستقالة بالطريقة التي تمت تعتبر غير قانونية، لسببين جوهريين اثنين.
الأول: أنها غير مكتوبة ومذيلة بتوقيع محمد بودريقة في "ورقة رأسية رسمية" باسم النادي، ولم يوجهها لأي عضو من أعضاء المكتب المديري عن طريق البريد المضمون ليبلغه بالقرار.
الثاني: أن نشرها في الموقع الإلكتروني لرجاء كرة القدم، كاف لوحده لنزع صفة المشروعية عنها، وبالتالي اعتبارها غير ذات جدوى مادامت لم تحترم "الاختصاص المكاني"، ولم تتقيد بالضوابط والأخلاقيات والأعراف المنظمة لقرار الاستقالة.
لكن رفاق بودريقة تجاهلوا هذه الاعتبارات والحقائق والجوانب القانونية، وفضلوا ممارسة سياسة الهروب إلى الأمام، فنصبوا في اجتماع "سري" الكاتب العام محمد سيبوب رئيسا للمكتب المديري، رغم أن استقالة بودريقة، تسقط المكتب برمته وتنزع عنه غطاء الشرعية، ولا تمنح للكاتب العام حق الحلول مكان الرئيس في حال الاستقالة، مثلما لا يجوز إعادة توزيع المهام بين الأعضاء، تحت أي ذريعة في ظل استقالة الرئيس، ومن يقول أو يدعي عكس هذا، فما عليه إلا أن يدلي بالأدلة القانونية التي تثبت صحة ادعاءاته!.
المثير للاستغراب، هو أن سيبوب يفضل لغة المواجهة على لغة التقارب والحوار، وأصدر مؤخرا بلاغا "ناريا" كال من خلاله اتهامات خطيرة لفروع ألعاب القوى وكرة اليد وكرة السلة، ودافع عن رئاسته للمكتب المديري، وادعى أن عدد الفروع يصل إلى 20 فرعا، واقتبس صفة "العالمية" من فرع كرة القدم، وألبسها للمكتب المديري، دون أن يتساءل مع نفسه، حول ما إذا كان المكتب المديري يستحق هذه التسمية/ الصفة، في الوقت الذي تئن فيه الفروع تحت وطأة الخصاص والمعاناة المريرة، ولا تستطيع أن تتنافس على ما هو محلي ووطني، فبالأحرى على ما هو قاري ودولي!!.
الرئيس المفترض للمكتب المديري يحتمي بوصل الإيداع لإثبات شرعيته، مع أن وصل الإيداع لا يمنح الشرعية ولا يزيلها، مادام مجرد وثيقة تعترف من خلالها السلطة المحلية بتوصلها بوثائق لجمعية رياضية، أما الجوانب المرتبطة بقانونية تلك الوثائق وشرعية المكتب المسير فمن اختصاص القضاء المدني، ومن اختصاص القضاء الرياضي الذي مازال غير قائم الذات في منظومتنا الرياضية.
هناك حل واحد، لإعادة الأمور إلى نصابها في المكتب المديري للرجاء، وتكريس الجهود لما هو أهم، وهذا الحل يكمن في المصالحة والحوار والتوافق، بهدف تصحيح المسار، وإنقاذ الفروع، وتوسيع القاعدة بناء على سياسة جديدة، قوامها الاجتهاد في البحث عن رعاة ومستشهرين، واعتماد نظام داخلي في توزيع العائدات، يحفظ لكل مكون حقوقه ومصالحه وفق معايير منصفة، تتأسس على عنصر الأولوية والاستحقاق!.
عن يومية "رسالة الأمة"