بقلم - محمد بلعودي
قرار مقاطعة الديربي من قبل "إلترات" فريقي الرجاء والوداد بمثابة ضربة موجعة لجامعة كرة القدم، ورسالة تحمل أكثر من معنى لمن يهمه أمر الرياضية المغربية.
وبدل أن تنتظر "الإلترات" قرار اللجنة التأديبية بعد أحداث مباراة الرجاء وبركان، أعلنت بمحض إرادتها موقفها بالمقاطعة، لتؤدب الجامعة ولجنتها، بل لتؤكد أن الجماهير ليست قطيعا يساق حيث يريد له من يسهر على تسيير كرة القدم الوطنية.
المقاطعة رسالة لا تحتاج إلى جهد أو عمق تفكير لفهمها، فليست هناك مباراة في الدوري الاحترافي تغري بالمتابعة والحضور الجماهيري أكثر من "ديربي" الغريمين، ومقاطعتها دليل قاطع على رفض الجماهير البيضاوية بلونيها الأخضر والأحمر للارتجالية والارتباك اللذين أصبحا السمة الأبرز في كل موسم رياضي.
مقاطعة "الإلترات" موقف بطولي، وكبح لرغبة جامحة تدفع الجماهير إلى الحضور بكثافة في كل ديربي، بل هو إعلان صريح عن "حداد" ستعيشه مدرجات ملعب مراكش، حيث ستجرى المباراة، في غياب الاحتفالية والحماس الجماهيري.
وفي بيان الرجاويين والوداديين رسائل قوية لنبذ العنف كما جاء في البيان: "لتفادي الفخاخ المنصوبة، خصوصا لحساسية الطريق، والتي من المتوقع أن تكون مشتركة"، وإدراك عميق لما قد يخطط له لزرع فتيل الفوضى بينهم، لذلك حاولت "إلترات" الرجاء والوداد أن تبقى أياديها بيضاء، بعيدة عن كل التهم والشبهات، وهو موقف يحسب لها.
وكيف لمسؤولي كرة القدم أن يجيبوا عن سؤال المقاطعين عن عجزهم على "تنظيم حدث كروي محلي في الوقت الذي راهنوا فيه على تنظيم حدث عالمي وآخر قاري"، كما جاء في البيان.
ولأن الديربي هو أفضل حدث رياضي تستغله الجامعة لتسويق منتوج كرة القدم الوطنية خارجيا، فالمقاطعة ستشكل ضربة موجعة، وستحول مجرى النقاش في الإعلام الوطني والدولي من الحديث عن أهمية المباراة، إلى فتح نقاش حول قرار المقاطعة، وأهميته، وتوقيته، وما قد يترتب عنه، من خطوات مقبلة.
مؤسف حقا أن يتحول الديربي الذي وجب الحرص على توفير كل الظروف لإنجاحه، حتى يكون في مستوى التطلعات، وبخاصة أنه يحظى بمتابعة إعلامية وطنية ودولية كبيرة، إلى عبء تسعى الجامعة، ومسؤولو الأمن، إلى إيجاد طريقة للتخلص منه، وتغريبه، وإذا اقتضى الحال إجراؤه "ويكلو".
المقاطعة هي دق لناقوس خطر يؤكد أن الرياضة المغربية تحتضر منذ سنوات، وأنه لم يعد هناك مجال للصبر على الارتجالية والقرارات الفجائية التي تصدم الجماهير عند كل موسم رياضي.
موقف "الإلترات"، وهي التي استعانت بها الجامعة لصنع الاحتفالية وإعطاء صورة حضارية عن الجماهير المغربية في القمة المغاربية أمام الجزائر، يبقى أقوى من موقف مسؤولي الرجاء والوداد، إذ تغلق الملاعب في وجه فريقهم في كل موسم، ويفضلون المعاناة في صمت، بدل تفعيل مذكرة التعاون الموقعة بينهم لاتخاذ موقف صارم، يطالبون فيه، على الأقل، بإيجاد حل نهائي لمشكل الملعب، إن لم يكن الموقف إعلان عن مقاطعة لعب المباريات، وهو موقف يحتاج إلى جرأة وقوة شخصية ربما تفتقد في المكاتب المسيرة الحالية.