بقلم: محمد الروحلي
حققت الملاكمة خديجة المرضي إنجازا غير مسبوق في تاريخ الرياضة المغربية، بعد فوزها بأول ميدالية للملاكمة النسوية المغربية في بطولة العالم، والتي أقيمت بأولان أودي الروسية، لتكون بذلك أول مغربية وعربية وإفريقية تصعد منصة التتويج ببطولة للعالم في هذه الرياضة. اعتبر انجاز المرضي مفاجأة من العيار الثقيل، بعد فوزها على العديد من البطلات المتمرسات خلال الأدوار الأولى تتقدمهن المصنفة الرابعة فيكتوريا كيبيكافا، والمصنفة الخامسة دمير سينور.
خديجة المرضي الفائزة بالميدالية الذهبية خلال دورة الألعاب الإفريقية التي احتضنتها المغرب خلال شهر غشت الماضي، قدمت وتقدم درسا في التحدي والإصرار وقوة العزيمة وتجاوز العقبات والمشاكل والخصاص الفظيع.
كل متتبع لهذه الرياضة التي تتطلب النفس الطويل والإعداد الفردي المتكامل، لا زال يتذكر مشهدا مؤلما، خلال مباريات دورة كأس محمد السادس الدولية للملاكمة بمدينة مراكش سنة 2014، عندما اكتشفت خديجة أن والدتها التي رافقتها من الدار البيضاء، قد دخلت في نوبة إغماء جرّاء فرحتها الغامرة بفوز ابنتها في إحدى مقابلات هذه النسخة.
رغم محاولات إنقاذها، إلّا أن الأم لفظت أنفاسها الأخيرة في إحدى مستشفيات المدينة، ورغم دخولها في حالة حزن شديدة، إلا أنها أصرت على إكمال البطولة احتراما لبرنامج البطولة، واحتراما لتمثيلية بلادها، ففازت بذهبية أهدتها للملاكمة المغربية وروح والدتها التي وافتها المنية، وهي تتابع مباريات الملاكمة.
خلال رحلة روسيا برسم بطولة العالم، حملت المرضي معها حلم والدتها، وحلم أسرتها الصغيرة، وأسرة الملاكمة المغربية، وبالفعل كانت في الموعد، حيث توجت في هذا المحفل الدولي الهام، رغم أنه كان بإمكانها الفوز بالذهب لولا حدوث أشياء بالكواليس لا علاقة بالاستحقاق الرياضي، بقدر ما يرتبط بمجلات النفوذ وكيفية التأثير على قرارات الحكام.
رغم أن خديجة المرضي تعيش وضعية اجتماعية صعبة، فإن ذلك لم يحبط عزيمتها، كما أن الحالات الصادمة التي تعرضت لها طيلة مشوارها الرياضي وحياتها الخاصة، تركت بدون شك جرحا غائرا في نفسيتها، إلا أنها تمتلك طموحا وإصرارا فولاذيين مكناها من المقاومة وركوب التحدي، لتقدم بذلك نموذجا ناصعا بالنسبة لباقي الرياضيين.
برافو خديجة التي استطاعت أن تحقق لقبا من رحم المعاناة، والأمل أن تواصل طريقها بنفس النجاح والإصرار، حتى تتمكن من التتويج خلال دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو اليابانية صيف السنة القادمة، لتدخل التاريخ من بابه الواسع، كبطلة قاومت طويلا لتصل إلى قمة المجد …