بقلم: محمد فؤاد
هذه المرة، إستشاط رونار من موقعه فرحا لا غضبا من مؤدى الهدية الكيموينية أي قاتل أحلام ناميبيا كيموين عندما فاز الأسود بحظ هذا الرجل الباكي في زمن القتل البطيئ للإنجاز التاريخي، وهذه المرة لم يفرح رونار كعادته عندما استشعر بخطوط النار تقترب منه نحو إنعكاسات التعادل أمام ناميبيا وإن كنا نعترف أن الرجل حمل عبء الحرارة وصهد الإسكندرية الملغوم في عز الظهيرة واكتشف أن ضياع الجهد البدني في الشوط الأول سيقتل أحلام نيل المباراة، لكن توزيع هذا الجهد رغم بطء التمريرات ولهث الدوليين مثلما يلهث الكلب بعد جري طويل أو جهد كبير، شكل لدى رونار حلقة معذبة في إظهار الحقيقة المخفية للاسود وهي تبحث عن منفذ هدف يأتي من كل المواقع. وكنت أشعر مع الرجل بدقات العقارب تتسارع كالبرق مع حكم اهدر لنا بعض الوقت في الحديث مع الخصم أثناء الكرات المتوقفة، ومعها إزداد رونار شكا في مصير مباراة ستضعنا حثما في بؤرة الندم والشك الفضيع على فريق وطني بدأت تتهاوى أوتاده عنوة. لكن قميص رونار الأبيض حمل له بشرى الحدث وزكى له ردة الفعل بالمونديال عندما تلقى الضربة من إيران من رجل ولي الهجوم المغربي بوهدوز، ليأتي البديل كيموين ويرفع المغرب في برج الفوز الهدية ويبكي سقوط فريقه بغلطة غير مقصودة كان فيها كثير من الدوليين بأمريكا اللاتينية يسقطون بالقتل الغادر.
ومع هذا الحظ والزهر الذي كنا نبحث عنه ولا زلنا حتى في إستثمار الفرص الضائعة، سيكون أمام رونار حلقة معنوية جديدة مع الفيلة وبعدها أمام جنوب إفريقيا لقص شريط الإبداع المنتظر، لأنه في كل الأحوال، عندما يقف الحظ أو «الزهر» معك، من البداية إلى النهاية، ستكون أسعد إنسان يتلقى الهدايا، وربما يدرك رونار أن حظه مع ناميبيا هو من سيقطع معه حظ المباريات القادمة حتى وإن كانت أصعب مما نتصوره أمام مواجهات ساخنة وثأرية أمام كوت ديفوار وحتى مع جنوب إفريقيا التي لم نحلم معها بأي لقاء تاريخي على مستوى نيل الفوز. وحقيقة هذا «الزهر» لابد أن يقطع شريطه طويلا معنا ومع رونار لنكتشف جميعا أن نيل اللقب قد يسير على هذا النحو إن قرأ رونار تصورات الخصوم التي نواجهها تدريجيا في سياق البحث عن ورقة العبور الأولى.
ويبدو قميص رونار الأبيض ناصعا بدون أخطاء لأنه فاز رغما عن أنفه وأتى إليه الفوز من حيث لا يدري، وعليه أن يلبسه تباعا أمام الفيلة التي فاز معها كبطل، ثم كسر أوتارها أمام الأسود ثلاث مرات قبل أن يدخل معها الجمعة سجالا محمولا بثقل المسؤولية ورد الدين المنتظر من الكوت ديفوار. وبياض هذا القميص يجب أن يكون هو المتحف الهندامي للرجل لأنه فاز كثيرا بالألقاب بنفس «الشوميز» الأبيض، وعليه أن يحتفظ به كتحفة أثرية ولو أن الرجل عادة ما يغير ذات القميص الأبيض بنفس اللون ونفس المتجر دون أن يغير موقع شراء القميص. وشخصيا أومن بالحظ أيا كانت تبعاته السيئة والإيجابية، وكلنا يحتفظ بذكريات الحظ السعيد أو الحظ العاثر، لكن حتى بالمنتخب الوطني هناك طريق خاص به لدى المدربين أو اللاعبين أو أصحاب الفأل السعيد حتى من أصغر رجالات الفريق الوطني ولو كان ذلك برجل الأمتعة المفترض أن يكون رجل سعد.
وحظ رونار مع المغرب ضد الفيلة إزدادت وثيرته منذ توليه قيادة الأسود عندما أخرج الفيلة في موقعتي كأس إفريقيا وكأس العالم، وربما قد يعود ذات الموقف في هذه الكأس الغريبة التي لا تبتسم مع المغرب بأرض مصر، لكن مع رونار ومن يدري قد تبتسم لنا الأيام القادمة ببشرى لم نكن لنضعها في الحسبان أمام هذا الشك الفضيع لقدرات أسود سينتهي إعتزال ثلثها بعد كأس إفريقيا، ومع ذلك علينا أن نرهن أنفسنا أمام هذا الحظ الروناري، ومع حظ ناميبيا، ومع ما يمكن أن ترسمه لنا قفزات الكان بسعد قد يلد كل مباراة أعراس مثيرة نتمناها أن تخرجنا عنوة مع هذا الرجل.
آمل أن يكون لقاح الفوز أمام الكوت ديفوار برغم إرتفاع أسطوله الهجومي كما هو مقروء في التحليل العام للمباراة، لقاحا علاجيا لأصحاب الشك وأصحاب التحليل الهدام وأصحاب النبش والنهش في اللاعبين الدوليين ومنهم كثر في بعض الإذاعات وعلاجا لشعب لن يبخل على فريقه الوطني بالدعم الكبير لقضية نهائيات عقدت تاريخنا الكروي بلقب وحيد.
وهاك شي رشة من الزهر ديالي.