من لا يتعلم لا ينجح!

الدار البيضاء اليوم  -

من لا يتعلم لا ينجح

بقلم : عبد اللطيف المتوكل

اختتمت كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم في دورتها ال32، التي نظمتها مصر من 21 يونيو إلى 19 يوليوز 2019، بفوز الجزائر باللقب، لثاني مرة في تاريخها بعد الإنجاز التاريخي الذي صنعته سنة 1990، وهي تستضيف النهائيات لأول مرة، واكتفاء السينغال بصفة وصيف البطل للمرة الثانية في مسيرتها، إثر خيبة الأمل التي تجرعتها في نهائي دورة سنة 2002 بمالي.
ونستطيع أن نؤكد على أن الجزائر تستحق اللقب عن جدارة، لأنها أظهرت من البداية أنها جاءت إلى أرض "الفراعنة" لتتنافس على الكأس، وهي تقدم فصولا من عروض العزيمة والإصرار والتصميم والروح الجماعية العالية والواثقة من بلوغ الهدف المنشود.
وفرضت الجزائر نفسها مبكرا في لائحة أبرز المرشحين للظفر بالكأس، ومعها السينغال التي أثبتت امتلاكها للمؤهلات الكفيلة بأن تجعل منها بطلا للمسابقة، إلا أن الحلم لم يتحقق مرة أخرى، وتأجل إلى موعد لاحق!.
وخلت دورة مصر 2019، من عنصر المفاجأة، على الرغم من الخروج الجماعي والمبكر لثلاثة منتخبات من دور ثمن النهاية، وهي مصر البلد المنظم والكاميرون حامل اللقب، والمغرب الذي تردد اسمه قبل انطلاق النهائيات كواحد من المرشحين "الأقوياء" للتتويج بالكأس!!.
لقد خسرت مصر، حاملة الرقم القياسي في الفوز باللقب، سبع مرات، رهان الذهاب بعيدا في المنافسات، لكنها فازت بكأس حسن التنظيم، بعدما تجاوزت سقف النجاح َ، وهي تستضيف أول دورة تنظم بمشاركة 24 منتخبا، وبحضور جميع كبار كرة القدم الإفريقية، وقدمت صورة رائعة وحضارية للعالم عن الكأس القارية وعن تطلع الأفارقة إلى تطوير هذه المسابقة، لتجعل منها رافعة للتنمية الرياضية والاقتصادية والاجتماعية، ووسيلة لتعزيز وتقوية وشائج الاحترام والتعاون والتسامح والتعايش بين الأفارقة، والتمسك بقيم التنافس النزيه والروح الرياضية.
وكغيرها من الاستحقاقات الرياضية الكبيرة، تعتبر كأس إفريقيا للأمم جديرة بالدراسة والاستفادة والتعلم في كثير من الجوانب، سواء التنظيمية أو التنافسية، لكنها تبقى بالنسبة لمن سقط فيها، ولم يقو على الصمود وإثبات شخصيته، فرصة لمراجعة أوراقه، وتقييم اختياراته وتوجهاته، وممارسة النقد الذاتي والاعتراف بالأخطاء التي تم ارتكابها، وإجراء مقارنة صحيحة بينه وبين من نجحوا، لتحديد أسباب فشله، والوقوف على العوامل التي قادت غيره لبلوغ القمة.
خروج المغرب مبكرا من النهائيات، أمام منتخب بنين، الذي مازال يبحث عن كتابة تاريخه في كأس إفريقيا للأمم، هو عنوان للإفلاس الشامل.
إفلاس في الفكر والاختيار والتوجه والإدارة والسلوك، بسبب طغيان الأوهام ونزعة الاستعلاء وعدم الوعي بأن النفخ الممارس هو شبيه بالنفخ في قربة مثقوبة!!.
المال ليس هو المشكلة، وليس هو الحل، وإنما الاعتقاد بأنه السبيل الضروري لفتح ممرات العبور المستعصية وتحقيق الانجازات، وفك العقدة الملازمة لكرة القدم المغربية منذ التتويج الوحيد باللقب الإفريقي سنة 1976 في أديس أبابا، هو السبب في تعاقب التجارب الفاشلة.
المال إذا لم يقترن بقواعد الحكامة في التسيير والإدارة يتحول من نعمة إلى نقمة، ويعصف بالثوابت ويقضي على المقاربات الواقعية والعقلانية في ترتيب الأولويات والعمل وفق مخطط وجيه وطموح.
المال وسيلة تساعد على التخطيط وحسن الاختيار وفرض روح الالتزام وحسن السلوك.
وبهذه الرؤية الثاقبة والعقلانية، توزع المهام والصلاحيات ويتم تحديد الأهداف المراد بلوغها، من خلال الإجابة عن السؤال الدائم الحضور: ماذا نريد من كرة القدم المحلية؟!.
المدرب يأتي لينجز العمل الميداني المطلوب منه، وليس لينجز العمل الذي يريده لنفسه، وليشتغل بناء على معايير واقعية ومنصفة، تعطي الأولوية والأفضلية للمواهب الصاعدة ولمن تتوفر فيهم شروط التنافسية والخبرة والعطاء القوي.
إهمال اللاعب المحلي هو إهمال للحاضر والمستقبل، وبسببه تتعرض المواهب للموت البطيء، فتضيع، تحت وطأة الركض نحو السراب، وتضيع معها فرص البناء والتطوير والنجاح.
من لا يتعلم من الفشل يغلق على نفسه أبواب النجاح، ولذلك، لا يجب التعامل مع سقطة ال"كان" بلقاءات تهدف إلى در الرماد على العيون، ويغلب عليها الطابع "الفولكلوري"، والرغبة في التملق لرئيس الجامعة، وإظهاره للناس على أنه ضحية غياب مكتب جامعي قوي، والسعي نحو تزييف الحقائق، والهروب من ممارسة النقد الذاتي.
قوة المكتب الجامعي (المديري) من قوة الرئيس، والواجب يحتم عليه تفعيل دور هذا الجهاز التنفيذي، وتوزيع المهام والإشتغال بطريقة احترافية وواقعية وجادة في تدبير كل القضايا...
إنها هزة عنيفة، تحتاج لقوة الشخصية والارادة والرؤية السديدة في الحوار والتشاور والتشخيص لتكون الاختيارات صحيحة، ويكون العمل بمقتضاها نزيها وفعالا وباعثا على الثقة والأمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من لا يتعلم لا ينجح من لا يتعلم لا ينجح



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 14:59 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عنصر أمني في تطوان يطلب رقم هاتف طالبة لإرجاع رخصة القيادة لها

GMT 18:48 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

"أرامكو" السعودية أعلى شركة ربحا في العالم

GMT 22:54 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"فيسبوك" تنفي تعرض الموقع لاختراق

GMT 05:18 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم بريطانية تقرّر حظر تقديم أطباق الأفوكادو

GMT 17:23 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تحركات الملك محمد السادس تستنفر المسؤولين في مراكش

GMT 07:08 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

برونا ماركيزين أنيقة خلال حضورها مهرجان البندقية

GMT 23:45 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

القهوة للحصول على شعر ناعم ومحمي من التساقط

GMT 13:51 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

تجنبي تلك الأخطاء في تصميم ستائرغرف نوم المنازل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca