عدم الترشح لتنظيم "الكان" بين حتمية الخيار وحرية الاختيار

الدار البيضاء اليوم  -

عدم الترشح لتنظيم الكان بين حتمية الخيار وحرية الاختيار

بقلم : محمد التويجر

خروج السيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضي الإعلامي البارحة إلى العلن، وأعلن تأكيده بأن المغرب غير معني بتنظيم كأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقبلة، وفرض على السابحين في عوالم الأحلام والتنبؤات الاستفاقة وربط الصلة من جديد بالواقع الذي لا يرتفع.

خروج الوزير بـ"التصريح الزلزال" رافقته بعض الشكوك والتوجسات، لأن الشخصية معروفة بمواقفها المثيرة أحيانا (موقفه من ترشح المغرب لتنظيم كأس العالم لسنة 2026 غيض من فيض)، فالكثيرون اعتقدوا جازمين بأن تنظيم المغرب لـ"الكان" مسألة وقت ليس إلا، وأن القيمين على الشأن الرياضي ببلادنا أرادوا إلباس الموضوع حلة الإثارة وانتظار ساعة الصفر قبل الكشف عن الترشيح.

لنتفق بداية أن الجهات المسؤولة عن الشأن الرياضي المغربي (وزارة وصية) لم تتحدث قط صراحة عن خيار الترشيح  كانت مجرد أضغاث أحلام، مرتبطة أشد الارتباط بإحساس الإعجاب بشخصية الربان الجديد للجامعة فوزي لقجع الذي نجح في اقتحام ساحة كانت محتكرة، زمن الرئيس السابق حياتو - من لدن المصريين والتونسيين والجزائريين بدرجة أقل، معتقدين أن علاقته الوطيقة مع رئيس الكاف الملغاشي أحمد أحمد تفتح أمامه كل الأبواب بمجرد الضغط على الزر، ناسين أن الرجل لا يمكنه التصرف بمفرده دون تنسيق واستشارة مع المتحكمين في القطاع الرياضي ببلادنا.

لو استحضرنا الماضي القرب، سنلمس أن هناك فرقا كبيرا بين الظروف التي جعلت المغرب يعوض كينيا في تنظيم الكأس القارية الخاصة باللاعبين المحليين (الشان) وتلك المتحكمة في دورة "كان "2019 التي وجدت الكاميرون نفسها عاجزة عن الوفاء بدفتر تحملاتها، خصوصا بعد رفع عدد المنتخبات المشاركة فجأة من 16 إلى 24.

نظريا، المغرب جاهز من حيث البنيات التحتية المتوفرة والمستجيبة لمقتضيات تنظيم أرقى التظاهرات، وقادر على فتح ذراعيه لاستقبال أبناء القارة كما كان على الدوام، لكن التنظيم ليس الملاعب ولا الفنادق لا الطرق، بل يتعداه لأمور مرتبطة بالتزامات المملكة السياسية والاقتصادية، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يستغل أزمات الآخرين للركوب على الموجة وتحقيق انتصارات لحظية، سرعان ما تنعكس سلبا على حاضره ومستقبله.

لا يمكن أيضا التنكر لمضامين اللقاء الإعلامي المشترك الذي عقده فوزي لقجع بمعية نظيره الكاميروني، تزامنا مع الشأن لطمأنة الكاميرونيين ألا أطماع للمغرب بشأن تنظيم دورة 2019، وأنه سيكون من السباقين لتسخير إمكانياته وخبرته لإنجاح الدورة.

ذات الأسباب التي جعلت المغرب يتراجع عن تنظيم دورة 2015 ما زالت حاضرة، فرغم خبرة الأجهزة الأمنية المغربية، واستراتيجياتها الاستباقية، يستحسن ألا نقدم على الترشح بسبب معطيين أساسيين:

- تفاديا لسيناريوهات الخصوم الذين قد يستغلون الحدث الكروي القاري الهام لتسخير الحدث الرياضي لتطبيق أجندتهم الرامية إلى الإضرار بأمانه واستقراره.

- ألا يتخلف المئات بعد انقضاء الشان عن العودة إلى بلادهم وتحويل المغرب إلى قاعدة انطلاق نحو معانقة ما يعتبرونه الفردوس الأوروبي

- احتراما للعلاقات المتميزة التي تربط المملكة في الكاميرون، واستشرافا لغد أفضل ينسجم ودور المغرب في تجميع مكونات القارة " ماما أفريقا"، حول كلمة سواء تنفض بفضلها غبار التخلف واستنزاف خيراتها، والعمل جنبا إلى جنب خدمة لأجيال المستقبل المنتمية لقارة غنية بتاريخها وخيراتها

وهناك معطى منطقي وموضوعي يجعل المغرب بعيدا عن تنظيم دورة 2019، فالمغرب أيها السادة ملتزم في الفترة ذاتها باحتضان الألعاب الأفريقية التي يتبارى خلالها الاف المشاركين (أضعاف حاضري الكان)، ومن هذا المنطلق، لا يمكن فتح جبهات عدة ضمانا لخدمات جيدة، وتفاديا لتشتيت الجهد ...أليست هي الأسرة الأفريقية نفسها

ما يهم جمهور المتتبعين للشأن الرياضي المغربي- هنا والآن - توفير الظروف المواتية لتمكين الأسود من تحقيق حلم رفع الكأس القارية غاليا بعد استعصاء عمر لأزيد من 40 سنة، خصوصا أن المنتخب الحالي ممتلك لما يكفي من مؤهلات تجعله قادرا على لباس البطل....هذا هو رهان الحال والمستقبل، ودونه مجرد جزئيات وتوهمات لا تنسجم مع سياسة المملكة .

وكيفما كان الحال، سيظل المغرب فاتحا ذراعيه لأشقائه وأصدقائه المنتسبين لذات القارة، موطدا علاقاته بقياداتها، مركزا تحركاته على استراتيجية اقتسام المنافع وفقا للمبدأ الاقتصادي الشهير " رابح – رابح "، متمنيا حظا سعيدا للبلدان المرشحة للحلول مكان الكاميرون، معلنا أنه سيكون فاعلا أساسيا على أرضية الميدان بحثا عن إسعاد الملايين من عشاق الأسود، دافعا إياهم - كما فعل خلال مونديال روسيا - إلى الزئير من جديد، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عدم الترشح لتنظيم الكان بين حتمية الخيار وحرية الاختيار عدم الترشح لتنظيم الكان بين حتمية الخيار وحرية الاختيار



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca