قارة تظلم أسودها

الدار البيضاء اليوم  -

قارة تظلم أسودها

بقلم: المهدي الحداد

الكل يشهد بأن المغرب من أكبر الأوطان الكروية في إفريقيا، والجميع يعترف بأن المغاربة أمهر اللاعبين وأكثرهم موهبة وسمعة حسنة حتى خارج القارة السمراء، لكن على أرض الواقع وفي منصة الجوائز والمكافآت شيء آخر، مما يطرح التساؤل حول قيمة السيادة واللمعان دون تتويجات وميداليات ذهبية.

 البلد الذي يعد من أعرق وأشهر البلدان الإفريقية لم تفز أسوده بأي لقب قاري منذ 42 سنة، ولم يظفر أي لاعب منه بالكرة الذهبية طيلة 20 عاما، والأسباب كثيرة ومتعددة تتداخل فيها المسؤولية الذاتية والعوامل الخارجية، ويبقى الظلم عاملا رئيسيا في بعض الأحيان خصوصا فيما يتعلق بجائزة أفضل لاعب إفريقي للسنة.

 الكاف أفصح الأسبوع الماضي عن اللوائح النهائية للمرشحين لجوائزها السنوية، وفيها ظهر إجحاف جديد أصبح عادة مع أسود الأطلس، بحيث أقصي بعض أفضل أفارقة أوروبا والعالم كحكيم زياش ونور الدين أمرابط، مقابل تواجد نجوم ولاعبين آخرين لم تكن سنة 2018 مثالية وأنطولوجية لتشفع لهم بالمنافسة على الكرة الذهبية، لكن أعضاء اللجان التقنية وتطوير الممارسة بجهاز الكاف صوتوا لهم وأعطوهم الشرعية للتواجد في قائمة أفضل اللاعبين الأفارقة.

 غريبة فعلا أصوات هؤلاء وقراراتهم ونظراتهم التقنية وهم الذين يحملون قبعات المسؤولية، فهل يُعقل مثلا أن يسقط زياش أفضل لاعب في هولندا وعبقري أجاكس ووصيف بطل الأوروليغ والمشارك في كأس العالم بروسيا، ويحضر عوضا عنه زميله الحارس الكاميروني أندري أونانا الذي لم يفعل شيئا لافتا وتفصل بينه وبين حكيم سنوات ضوئية؟ وكيف إحتسبوها حينما تجاهلوا الدبابة نور الدين أمرابط حديث العالم قبل شهور ومدلل المغاربة والعرب، وأدرجوا أسماء لاعبين مغمورين أو محليين بدون صدى خارجي مدوي، كالأوغندي دينيس أونيانغو والنيجيري أليكس إيووبي والمصري وليد سليمان؟ ولولا خجل «خبراء» الكاف من أنفسهم لما وضعوا المهدي بنعطية ضمن العشرة المرشحين، لينافس منطقيا حامل اللقب محمد صلاح ومعه رياض محرز وساديو ماني وبيير أوبميانغ.

 خلال 20 سنة التي مضت لم يفز ولا أسد بجائزة أفضل لاعب إفريقي رغم أن مروان الشماخ أو يوسف حجي أو الحسين خرجة وحتى منير الحمداوي كانوا يستحقونها في بعض الفترات، وتعرض المغاربة منذ الأسطورة مصطفى حجي صاحب آخر كرة ذهبية مغربية عام 1998 إلى إقصاء وإستبعاد قد يكون مقصودا أو لأسباب سوء تقدير أو مجاملة أو لخدمة أجندة جهات إشهارية ودعائية خارجية، وحتى في هذه السنة المونديالية التي تألق فيها الأسود والمغاربة على جل الواجهات وشرفوا إفريقيا وأبهروا العالم، فداكار السينغالية لن تتوج بشكل شبه مؤكد عميد الأسود وقيصر جوفنتوس يوم 8 يناير المقبل.

 وسائل الإعلام الإفريقية التي تصوت ومعها العديد من النجوم السابقين والمدربين وعمداء المنتخبات يميل غالبيتهم عادة للكرة الأنغلوساكسونية وينجذبون للهجوم ويعشقون أفارقة البرمرليغ، وهو ما يفسر التتويجات المتتالية للمحترفين في الأندية الإنجليزية، وإمكانية كبيرة جدا لمحافظة الفرعون المصري على تاجه الذهبي أو منحه لزميله السنغالي ساديو ماني هذا العام.

 أشرف حكيمي وهيرفي رونار قد يكونان أكثر حظا وترشيحا للفوز بجائزتي أفضل لاعب واعد وأحسن مدرب، فجميع المعطيات تؤكد أحقيتهما بالتتويج، لكن في حال خسارتهما الرهان فلن يكون الأمر بغريب ولا مفاجئ عن إفريقيا وجهاز الكاف، الذي لطالما ظلم الأسود وحرمهم من القمة والسيادة التي يستحقونها في قارتهم، لكن يكفي أنهم ينالون الإعتراف الأوروبي ويعتلون الصدارة ويتوجون أسبوعيا وشهريا وسنويا بكبرى الجوائز المعنوية والفخرية من أعرق وأشهر المواقع والمنابر الإعلامية بالقارة العجوز.

 الظلم وارد في هكذا جوائز كبيرة وثقيلة ليس إفريقياً فحسب وإنما حتى من قبل الفيفا ومجلة «فرانس فوتبول»، لكن حينما يكون مقصودا أو غير معقول ولا إحترافي من أصحاب الإختصاص في القارة السمراء، فالأمر يصبح مزاجيا وعاطفيا خاليا من أرقام المنطق وثقافة الروح الرياضية، ليصير جورا غريبا ومؤلما بحق المغرب والأسود، وعقدة ممتدة لعقود لم يقدر على فكّها عشرات النجوم والأساطير المغربية.


عن صحيفة المنتخب المغربية

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قارة تظلم أسودها قارة تظلم أسودها



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 09:38 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

«بوليساريو» الداخل..!

GMT 09:46 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

برودكوم تعرض الاستحواذ على كوالكوم مقابل 130 مليار دولار

GMT 01:09 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

Poison Girl Unexpected الجديد من "ديور" للمرأة المفعمة بالأنوثة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 18:18 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

تامرعبد المنعم يصالح محمد فؤاد في حفلة زفاف

GMT 21:31 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مدينة تاوريرت تستقبل حافلتين من اليهود

GMT 04:47 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

توقيف أحد مهربي المواد المخدّرة في مدينة بركان

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 21:14 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

فوائد عصير البطيخ المر في القضاء على الخلايا السرطانية

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca