بقلم - طارق الأدور
أعظم شئ في لعبة كرة القدم والذي يجعلها متفردة عن باقي اللعبات الجماعية والفردية، أنها لا يمكن أن تبوح بأسرارها إلا بعد صافرة نهايتها، وأن التوقع فيها مستحيل مهما كان مستوى أحد طرفيها، وهذا ما جسدته مباراة العودة الشهيرة بين ليفربول وبرشلونة في الأنفيلد امس الأول والتي إستطاع فيها فريق نجمنا محمد صلاح أن يطيح بفريق أعظم من لمس الكرة في التاريخ لونيل ميسي بعد أن عوض فارق أهداف كان مستحيلا بثلاثية في الذهاب إلى تحقيق رباعية أسطورية ليصل للعام الثاني على التوالي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.
ما شاهدته في تلك المباراة يوجز إثارة ومتعة وجمال كرة القدم من كل الوجوه، وبخاصة عندما يبدو للجميع ان المهمة مستحيلة، ثم يتحقق المستحيل ويصبح واقعا.
والحقيقة أن المهمة التي واجهها ليفربول كانت تبدو وراء المستحيل لثلاثة أسباب رئيسية الأول أن الفخسارة بثلاثية تستوجب تسجيل 4 اهداف في العودة وهو ما كان يبدو من الخيال أن تسجل في أفضل فريق في العالم هذا العدد دون أن تهتز الشباك بأي هدف يجعل المهمة أكثر إستحالة، والثاني أن الفريق المطالب بتحقيق المعجزة ينقصه ثلاثة من نجومه الأساسيين وهم محمد صلاح هداف الدوري الإنجليزي ومهاجمه روبيرتو فيرمينيو ولاعب الوسط المهاجم نابي كيتا، مما أضطر مديره الفني يورجين كلوب بالدفع ببعض اللاعبين الذين لا يشاركون بإستمرار مثل شاكيري واوريجي.
أما عنصر الصعوبة الثالث فهو أن ليفربول كان يواجه لتحقيق المعجزة فريقا كبيرا قادر على التسجيل في أي وقت وفي أي مكان بقيادة ميسي، وهو فريق حقق من قبل أعظم ريمونتادا في تاريخ الكرة أمام باريس سان جيرمان، بل هو مفجر هذه التسمية باللغة الأسبانية التي اصبحت بعد ذلك تعبيرا عالميا.
رغم كل هذه الصعوبات تحقق المستحيل وفاز ليفربول بالنتيجة المطلوبة 4-صفر ولم تهتز شباكه ووضع مدربه خطة محكمة لإختراق مرمى برشلونة من ناحية، ولمنع ميسي ورفاقه من التهديف من ناحية أخرى.
عرف كلوب من أين تؤكل الكتف فإصطاد كل العصافير بحجر واحد ولم يترك تفسيرة فنية صغيرة إلا وإخترقها ولكن الأهم من النواحي الفنية التي قتلت بحثا بعد المباراة هي تلك المشاهد الممتعة في كرة القدم.
الجماهير بألوانها وتفاعلاتها السعيد منها والتعيس، وتلك هي أجمل صور كرة القدم والتي تجذب مشاهديها في كل مكان، وهي الصورة التي لا زلنا محرومين منها في بطولاتنا للعام الثامن على التوالي.
الروح القتالية من البداية للنهاية هي جزء هام من البداية للنهاية ولعلي قد ذكرت سابقا أن ريمونتادا الأهلي أمام صنداونز الجنوب أفريقي للعودة من خماسية نظيفة كانت تتطلب 4 عوامل رئيسية حتى تتحقق، أولا أن يكون كل اللاعبين في الموعد وقد كان لاعبو ليفربول جميعا أساسيين وبدلاء في قمة مستواهم، وثانيا أن يستغل الفريق انصاف الفرص، وقد إستغل ليفربول 80% من الفرص، وثالثا أن يتميز اللاعبون بالروح القتالية، وما أروع تلك الروح التي ابرزها فريق الريدز، وأخيرا أن تتدخل الأقدار في عدم إصابة مرمى ليفربول بهدف من إنفرادات ميسي وسواريز وألبا كان سيعقد المهمة.
والآن تستطيع عزيزي القارئ ان تدرك الفوارق بين ريمونتادا ليفربول التي حققت المستحيل وريمونتادا الأهلي أمام صنداونز والتي لم تتحقق.