العبرة بالخواتيم

الدار البيضاء اليوم  -

العبرة بالخواتيم

بقلم: بدر الدين الإدريسي

من دون السقوط في المقاربات التشكيكية التي تستهدف نزاهة ما آلت إليه البطولة الإحترافية الأولى التي أسدل عليها الستار أول أمس الثلاثاء، ومن دون إسقاط نظرية المؤامرة على المشهد الختامي، لبطولة لا يراد باحترافيتها أن تكون فحسب، مؤسسة على الأعراف الإحترافية ولكن الأكثر منه على القواعد الأخلاقية وعلى مبدإ تكافؤ الفرص وإحلال النزاهة، سأقول بمطلق الأمانة أن المحصلة النهائية كانت منطقية ومعللة ولها أكثر من سند رياضي.
لا أدعي أن الشفافية سيطرت بالمطلق وبالكامل على خاتمة البطولة، ولكنني بالمقابل لا أملك ولا دليلا على أن هذه الخاتمة، بالمباريات الحساسة والمصيرية التي عرفتها لم تكن نظيفة، ولو كانت الجامعة تملك نصف دليل على وجود مبيدات لهذه النظافة، ما تأخرت في تحريك مسطرة المتابعة لضبط من يتاجر بالنزاهة والصدقية، ولطالما قلت بأن العيون يجب أن تكون مفتوحة، وبأن سقف المراقبة يجب أن يصل لأعلى مستوياته، لتجفيف منابع الفساد وضبط المتآمرين على النزاهة، ومهما اجتهدت الجامعة في فرض الوازع الأخلاقي وفي تقوية سلطة الرقابة، فإنها بالتأكيد لن تطمئن مطلقا إلى أن المشهد الكروي قد تنظف بكامله من الذين ألفوا الإسترزاق من المحن التي تجترها الأندية الغارقة مع نهاية كل موسم، ومنها من يقبل بالوهم، قشة تتمسك به للنجاة من الغرق.
بعيدا إذا عن نظرية التشكيك في صدقية الخواتيم وفي نزاهة التباري، يجب الإعتراف على أن الوداد البيضاوي إستحق لقبه العشرين عطفا على رصيد نقاطه وعلى درجة التميز التي بلغها في تدبير المراحل الصعبة من الموسم، كما أن لا خلاف على أن الغريم الرجاء كان جديرا بالوصافة التي تعيده مجددا لمسرح الأبطال الأفارقة، بل إنه يهنأ على أنه حصد في موسم الريح والألم والمعاناة، لقبين قاريين ومرتبة تصعد به لعصبة الأبطال.
وهل نختلف على أن شباب الحسيمة عطفا على موسمه الكارثي، إستحق انحداره للقسم الوطني الثاني، فقد جنى عليه تدبيره الأرعن والسيء ولقاء الرياح التي زرعها تباعا في حقوله، لم يكن ليحصد أسوأ مما حصده، وإلا بماذا نفسر أن شباب الحسيمة عرف في موسم واحد ثلاثة رؤساء وثلاثة مدربين، وما لا يعد من لاعبين جيء بهم جملة وتم استعادهم جملة من دون أدنى وازع رياضي.
وهل في سقوط الكوكب المراكشي إلى القسم الوطني الثاني ما يثير الإستغراب أو حتى الشفقة؟
صحيح أنني أجتر مع المراكشيين ألما كبيرا، وفريق بمرجعية وتاريخ الكوكب، ورمز من رموز مدينة عريقة وكونية، يتهاوى إلى قسم المظاليم، إلا أن هذا الذي حدث وهو مؤسف يلخص قصة إخفاق تدبيري على كافة المستويات، بل ويجسد حقيقة أن من لا يتعظ وهو يلدغ من نفس الجحر عشرات المرات، لا يمكن لأحد أن يرثي لحاله إن هو سقط.
ما بين التجاذبات والتلاسنات والضرب الصريح تحت الحزام، أدى الكوكب المراكشي الضريبة الثقيلة والمؤلمة، بأن سلم عنقه لمشنقة النزول التي كان يتخلص منها بأعجوبة في المواسم الماضية، ولا يمكن إطلاقا أن يعفى أحد من تحمل مسؤولية هذا التهاوي، فاللاعبون الذين جيء بهم للكوكب أكثرهم لم يحسن الظن به، والمدربون المتعاقبون ما نجحوا في إبعاد الفريق من شظايا التسيير ولظى الأزمة المالية الحارق، والمسيرون ما استطاعوا تلجيم نزواتهم للإنتصار لمصلحة الكوكب، والفعاليات الإقتصادية التي تجني الثروات من خيرات المدينة السياحية والطبيعية لم تتحرك لإغاثة فريق لم يكن يجد أحيانا ما يسد به الرمق.
لفؤاد الورزازي الذي تعلق بالأمل لآخر لحظة، وحاول جهد المستطاع أن ينتشل الكوكب الغارق في وحل الإستسلام، له كل الحق في أن يتمسك بأي قشة لكي يغير شكل القدر، إلا أنه إزاء هذه الحصيلة الحتمية، ستكون هناك حاجة لجلسة محاكمة صريحة وموضوعية مع الذات، للإعتراف بالذنب، لعل جلسة المصارحة هاته تكون بلسما يداوي ما بالكوكب من جراح، ويقويها لتنهض من الكبوة وتبحث بكل ما أوتيت من قوة مستمدة من المرجعية والعراقة، عن سبيل يعيدها بسرعة للقسم الأول، لأن إدمان البكاء والبحث عن الجناة المفترضين، قد يفضي بالكوكب إلى ما أفضى به التاريخ القريب بأندية مرجعية لم تعد للأسف سوى رجع من صدى زمن جميل وأطلالا عليه يكثر النوسطالجيون الوقوف، بكاء على الماضي، وحزنا على صرح تهاوى.     

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العبرة بالخواتيم العبرة بالخواتيم



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca