​استقلالية الطواف

الدار البيضاء اليوم  -

​استقلالية الطواف

بقلم- محمد الروحلي

شكّل انسحاب أفراد المنتخب المغربي للدراجات من النسخة الـ31 مِن طواف المغرب للدرجات الهوائية الذي اختتم الأحد الماضي، صدمة كبرى لدى الرأي العام الرياضي الوطني، إذ لم يكن أحد يتوقع مثل هذا القرار الجماعي من طرف دراجين يبدو أنهم ضاقوا ذرعا من كثرة المشاكل والإهمال الذي يعاملون به من طرف مسؤولي الجامعة.
حسب تصريحات المتسابقين فإن أسباب الانسحاب مادية، وتحديدا عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، وكذلك غياب الاهتمام من لدن مسؤولي الجامعة، ورغم ذلك، وافقوا في البداية على المشاركة في غياب الحوافز والإمكانيات، ليواصلوا بعد الانسحاب سلسلة تصريحاتهم لوسائل الإعلام، والتي كشفوا خلالها عن عديد المشاكل التي يعانون منها، وتتجلى في خصاص مالي فظيع وظروف سيئة للتدريب، وغيرها من الجوانب التي لم تكن أبدا في الحسبان.
وبعيدا عن حيثيات الانسحاب، أعاد قرار الجامعة القاضي بتوقيف المنسحبين، الحديث مرة أخرى عن ظروف الإعداد والتنظيم لطواف المغرب، وضرورة اتخاذ التدابير الكفيلة بتطور الطواف، وجعله ضمن مصاف أهم التظاهرات على الصعيد الدولي، وتفادي تكرار حالات تسيء له، كما حدث خلال نسخة هذا العام، فالطواف الذي يعد بالفعل إرثا حضاريا وتاريخيا لجميع المغاربة، يتجاوز بعده الرياضي الصرف، ليمتد إلى مجالات منها ما هو سياحي واجتماعي واقتصادي وتنموي، دون أن نغفل الجانب السياسي.
يرتبط طواف المغرب كتظاهرة تعود لأكثر من خمسين عاما، في المتخيل الشعبي بالفرجة والمتعة، والقوة والانتصارات، إذ نقشت رموزها بأحرف من ذهب في قلب وذاكرة كل المغاربة، فالذين عاشوا سنوات الخمسينات والستينات حتى السبعينات، لا بد وأن يتذكروا بكثير من الإعجاب والتقدير أسماء ميزت تاريخ الرياضة الوطنية.
باعتزال مجموعة من الأسماء الوازنة وسقوط الجامعة في صراعات هامشية وخلافات داخلية، دخلت هذه اللعبة نفقا مظلما، زج بها في مرحلة قاتمة من تاريخها، مرحلة لم تستطع الخروج منها، رغم عديد المحاولات التي قامت بها الجهات الوصية على الشأن الرياضي فإنها لم تكن لتصل إلى الجوهر، لاعتمادها على المعالجة السطحية ومنطلقات المنفعة الشخصية، دون البحث في أسباب ومسببات المشاكل التي كانت تعصف بالدراجة والدراجين.
في الأعوام الأخيرة، عرف تسيير الجامعة تغييرا ملموسا، مما سمح بإعادة تحريك فعالياتها التي كانت مغيبة، لتظهر النتائج الإيجابية من جديد، مما جعل الدراجة تقفز إلى واجهة الأحداث وطنيا وعربيا وأفريقيا.
ودون شك فإن انخراط مؤسسات وطنية في تخصيص دعم سنوي للطواف، يعبر عن رغبة في جعل هذه التظاهرة الوطنية تستعيد أولا قيمتها التاريخية، وثانيا تمكينها من احتلال مكانة متميزة على الصعيد الدولي، على غرار دوريات الغولف، التنس، سباق السيارات، وغيرها من الأنواع التي تستقطب اهتمام المختصين على الصعيد الدولي، وتسهم في جلب سائحين من نوع خاص.
على هذا الأساس، فقد بات من الضروري إنشاء مؤسسة خاصة بتنظيم ورعاية طواف المغرب للدراجات على غرار جمعية جائزة الحسن الثاني للغولف التي يترأسها الأمير مولاي رشيد، واستطاعت أن تعبر بهذه التظاهرة نحو فضاءات أرحب، بنهج طرق احترافية وتدبير حديث، وشفافية مطلوبة.
والمؤكد أن إنشاء مؤسسة مستقلة خاصة بالطواف، سيكون خطوة جد إيجابية تمكن من الحفاظ على الموروث الرياضي الوطني، كما تؤسس لأسلوب جديد في ما يخص الإشراف على التظاهرات الوطنية الكبرى، يقطع الطريق مع ماضي الفوضى والتسيب والنهب والاختلاسات.​

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

​استقلالية الطواف ​استقلالية الطواف



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 05:00 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

أفكار عملية بسيطة لتنسيق حديقة منزلك في صيف 2018

GMT 05:38 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"ماتشو بيتشو" مدينة ألانكا لغز وعظمة طاغية

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 01:19 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

د. باسم هنري يُبشّر بعلاج للإنزلاق الغضروفي

GMT 18:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 07:12 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

جهزي طعامك بنفسك في مطعم " Dinning Club" في لندن

GMT 22:10 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

توقيف شخصا هاجم السفارة الفرنسية في الرباط
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca