لماذا تأخر الميلاد؟

الدار البيضاء اليوم  -

لماذا تأخر الميلاد

بقلم- بدر الدين الإدريسي

لم يكن إعتباطيا أن يتحدث المشرع لقانون التربية البدنية والرياضة 30-09 في المادة 57 عن رياضيي المستوى العالي الذين يتميزون عن سواهم من الممارسين، بكونهم حازوا ألقابا عالمية أو أولمبية أو أنه مؤهلون لحيازتها باقتراح من الجامعة الوصية على نشاطهم الرياضي، فقد قصد المشرع أن يجعل لرياضيي المستوى العالي إطارا تنظيميا يستجيب علميا وقانونيا للضوابط الفنية والمالية وحتى اللوجيستية التي تتحكم في تأهيلهم للمشاركة في دورات أولمبية وبطولات عالمية أو بطولات قارية، وهي كما نعرف فضاءات محجوزة بقوة الرهان لكبار الرياضيين.

كانت هناك قصدية في التشريع، لوضع الدولة من خلال الجهاز الوصي أمام مسؤوليات محددة في الزمان والمكان تختص أساسا بوضع آليات عملية لتقنين رياضة المستوى العالي، وأولها الإحتكام للنص القانوني الذي يحدد طرق تشكيل اللجنة الوطنية لرياضة المستوى العالي، وثانيها تحديد شروط منح صفة الرياضي من المستوى العالي وشروط سحبها أيضا.

وبرغم أن قانون التربية البدنية والرياضة 30-09 صدر في الجريدة الرسمية يوم 24 غشت 2010، إلا أن المرسوم المتعلق بتطبيق مواد القانون 30-09 لن يصدر إلا يوم 4 نونبر 2011، وقد أفرد القسم الثاني بالكامل لرياضة المستوى العالي، حيث جرى تحديد الشروط التي يتقيد بها الوزير الوصي لإشهار اللجنة الوطنية لرياضة المستوى العالي.

وبرغم أن المشرع ربط في المادة 24 للمرسوم إنشاء اللجنة الوطنية لرياضة المستوى العالي بشهر يناير الذي يلي دورة الألعاب الأولمبية، إلا أن وزير الشباب والرياضة انتظر مرور سنة ونصف على انقضاء دورة ريو دي جانيرو بالبرازيل، ليكشف عن اللجنة الوطنية لرياضة المستوى العالي بناء على ما ورد في المادة 20 التي تحدد كيفية تشكيل وعمل هذه اللجنة.

طبعا يسائلنا الزمن الأولمبي عن هذا الوقت الذي جرى هدره، فمن أصل السنوات الأربع التي حددها المشرع في إطار الدورات الأولمبية لعمل اللجنة إياها، نكون قد أتلفنا ما لا يقل عن 14 شهرا، وهو زمن سنحاسب عليه بقوة بقوة ومنطق الحكامة الجيدة التي يجب أن تطبع إعداد أي بلد لرياضييه من المستوى العالي للإستحقاقات الدولية والقارية وفي طليعتها بالطبع الألعاب الأولمبية.

وحتى لا يقال أنني أصادر الميلادات حتى لو كانت قيصرية، فإنني سأتوجه، وقد جرى تشكيل اللجنة الوطنية لرياضة المستوى العالي من قبل السيد وزير الشباب والرياضة خضوعا لأحكام القانون، إلى صلب الإشكالات التي واجهت تجربتنا الأولى مع لجنة رياضة المستوى العالي، تحديدا بعد دورة بيكين 2008، حيث وجه لنا الأولمبياد صافرات التنبيه والإنذار وقد تراجع حصادنا الأولمبي لأسباب فنية وتدبيرية بالمقام الأول.

فبرغم أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد خص رياضة المستوى العالي بموازنة هي الأضخم على مر التاريخ الرياضي الوطني (33 مليار سنتيم) بهدف إعداد الرياضيين المغاربة لأولمبياد لندن، إلا أن حصيلتنا للأسف كما كان الحال في الدورة التي أعقبتها بريو دي جانيرو لم تزد عن ميدالية برونزية وحيدة، وقد كان ذاك الحصاد الأولمبي الكارثي دلالة على فشل ذريع في مقاربة رياضة المستوى العالي والنخبوي كما هي محددة بالأرقام في الزمن الرياضي الحديث.

وأيقن جميعنا أن ما يوجد من إختلالات بنيوية في تركيباتنا ومنظوماتنا الرياضية، لا يمكن أن يفضي إلى تحقيق إنجازات رياضية قوية في الملتقيات الكونية حتى لو توفر مال بالكم الهائل الذي وضعه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رهن إشارة اللجنة المسؤولة عن رياضة المستوى العالي.

إن أكبر مسؤولية تواجه اللجنة الوطنية المشكلة حديثا لإدارة رياضة المستوى العالي وللتحضير أساسا للدورة الأولمبية لعام 2020، هي أن تتدارك ما فاتها من زمن وهو جدير بالإعتبار، وأن تسابق الزمن لوضع أساسات فنية موضوعية وشفافة للرياضيين الذين سيحملون صفة المستوى العالي، وربطهم ببرامج تحضيرية بالغة الدقة وعلى الخصوص توفير أطر تقنية عالية المستوى تشرف على تأهيلهم، من دون الوقوع في المحاباة كما كان الحال في اللتجارب السابقة، التي ما فشلت إلا لأنها اعتمدت على مدربين غير مؤهلين لإعداد رياضيي المستوى العالي.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تأخر الميلاد لماذا تأخر الميلاد



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 05:00 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

أفكار عملية بسيطة لتنسيق حديقة منزلك في صيف 2018

GMT 05:38 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"ماتشو بيتشو" مدينة ألانكا لغز وعظمة طاغية

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 01:19 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

د. باسم هنري يُبشّر بعلاج للإنزلاق الغضروفي

GMT 18:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 07:12 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

جهزي طعامك بنفسك في مطعم " Dinning Club" في لندن
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca