أنا والغريب على أخي

الدار البيضاء اليوم  -

أنا والغريب على أخي

بقلم: المهدي الحداد

اتفق العرب مجددًا على أن لا يتفقوا، وتشبتوا كعادتهم بالتفرقة والتغريد كل على هواه، وتوسيع هامش الخلافات صغيرة كانت أو كبيرة، والتي يبدو أنها لن تنتهي أبدًا.

في السياسة كما في بقية المجالات الأمور متشنجة، وهذا يمكن أن نتفهمه لطبيعة المناخ العام في المنطقة العربية والدولية في الأعوام الأخيرة، لكن أن يصل التفكك إلى الرياضة ومزجها بالسياسة والإحتقانات الضيقة، فهذا غير مقبول لأنها المتنفس الوحيد ونقطة الإلتقاء والوحدة بين الشعوب العربية.

غريب جدًا أن يجد المغرب وملف الترشيح لإحتضان كأس العالم 2026 معارضة وأعداء من بعض الأشقاء العرب، الذين تناسوا كل أعراف القومية والدين والعرق، ودهسوا العروبة بعجلة المصالح والأنانية، ومنهم من أبدى علانية حقدا شديدا وشرا لاذعًا إتجاه المغاربة، وإستغل المناسبة للقيام بتصفية حسابات ضيقة وغير مجدية.

في الأيام الماضية زارت لجنة ملف الترشيح الثلاثي المنافس للملف المغربي بعض الدول العربية في القارة الأسيوية، وإلتقت بمسؤولين فتحوا لها الأبواب الرئيسة، ومنحوها كامل العطف والدعم، ووعدوها بالتصويت والوقوف معها يوم 13 يونيو بالعاصمة الروسية موسكو.

الملف المغربي وإن وصل طبعا إلى عتبة هذا النهائي الحاسم بعد شهر، لن ينال بشكل مؤكد بعض الأصوات العربية التي ستخلق الفارق بلا شك، وقد ترجح رسميا كفة أمريكا للفوز بشرف تنظيم مونديال 2026، وتحكم على حلم المغاربة والأفارقة بالفشل والإغتيال من نيران صديقة.

الأمريكيون أذكياء جدا بتحركاتهم الأخيرة في المنطقة العربية وآسيا، لإيمانهم أنها البؤرة التي ستربح المعركة والصندوق الذي سيخرج الأصوات الفاصلة، فنظريا إفريقيا بغالبيتها مع المغرب وأمريكا الشمالية والجنوبية مع المنافس، والقارة الأوروبية منقسمة بالمناصفة للطرفين، مما يعني أن المباراة ملعوبة في القارة الصفراء وتحديدا الشرق الأوسط والخليج، لجمع أكبر عدد من المؤيدين والمساندين، وبالتالي ضمان الأصوات الإجمالية الكافية للإنتصار وأدناها 104 صوتا.

لم يكن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يطل على العالم بتلك التغريدة النارية لو لم يستشعر الخطر، ولم يتم إخباره بأن بعض الحلفاء العرب والأفارقة ضده، وعباراته بالتهديد وقطع الدعم والحماية والمساندة لهم إختارها عن قصد، ليقينه أنها نقطة الضعف لدى هؤلاء الذين لن يستطيع الكثير منهم قول كلمة «لا» لأمريكا.

المصالح تطغى والعلاقات الديبلوماسية تحضر بقوة، وبمطبخ الكواليس تُطهى القرارات، وهو ما فطنت له لجنة الملف المغربي التي أشار أحد أعضائها مؤخرا، بأن بعض الدول تجامل وتدعم شفهيا المغرب، لكن تطبيقيا هي ماكرة وذكية ولا ترى غير مصلحتها، بعيدا عن العاطفة أو القومية أو الدين، ويوم التصويت ستظهر وجهها الحقيقي الذي سيصدم العديد من المتتبعين المغاربة والأجانب.

بعض بلدان أمريكا الوسطى والجنوبية على خلاف مع الجيران في الشمال ورغم ذلك فقد أعلنوا أنهم يدعمون بشكل مطلق الملف الثلاثي، تطبيقا لمقولة أنا وأخي على إبن عمي.. وأنا وإبن عمي على الغريب، الشيء المفقود عندنا نحن العرب للأسف، والمثير لسخرية الآخرين والمُهيّج للمزيد من التفرقة والتطاحنات وسخط الشعوب الناطقة بلغة الضاد.

مونديال 2026 بدأ يغازل بقوة الأمريكيين بعد الأحداث الأخيرة، والمقرف أن الفيفا تتفرج وتتابع السيناريو الذي تعلم نهايته وستسعد بها، أما نحن الأمة العربية المسلمة فعروبتنا شُيعت، بعدما تخلينا عن الحديث النبوي الشريف القائل: «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا والغريب على أخي أنا والغريب على أخي



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 09:38 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

«بوليساريو» الداخل..!

GMT 09:46 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

برودكوم تعرض الاستحواذ على كوالكوم مقابل 130 مليار دولار

GMT 01:09 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

Poison Girl Unexpected الجديد من "ديور" للمرأة المفعمة بالأنوثة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 18:18 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

تامرعبد المنعم يصالح محمد فؤاد في حفلة زفاف

GMT 21:31 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مدينة تاوريرت تستقبل حافلتين من اليهود

GMT 04:47 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

توقيف أحد مهربي المواد المخدّرة في مدينة بركان

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 21:14 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

فوائد عصير البطيخ المر في القضاء على الخلايا السرطانية

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca