محمد زايد
تصريحات أو مبرّرات فوزي لقجع تحمل في طياتها الكثير من المسؤولية والحزم والثقة، تُصدقها وتطمئن لها، تشعر لوهلة أن ما سيتبعها فعلا عمل أو أعمال كبيرة بحجم ما قيل، لكن ما إن تتذكر أن المتحدث يجيد فن الخطاب، وأنّ ما خرج به اليوم يشبه إلى حد ما ما قاله في مرات متقطعة سابقا، يتسلل ذاك اليأس الأول إلى قلبك وتتذكر عديد المواقف الغير محمودة التي مرّت منها كُرتنا خلال فترته وفترة من سبقه.
لا ننكر أن هناك عمل جاد قائم، لكن ليس كل عمل جاد يؤدي إلى الفلاح إن لم يكن في منحاه الصحيح، وبطريقته المُثلى.
فن الإعتراف لا يجيده الأغلب من مسؤولينا اليوم، هو الفن الذي يعرف فوزي لقجع كيف يطبقه في حالات خاصة، حتى يتفق الغالبية على فكرة "السيد خدام"، لكنها الفكرة التي لا نلمس ثقلها في واقعنا بكل صدق.
تحدث رئيس جامعتنا عن الفساد في الكرة الوطنية وهذا أمر معلوم، وتحدث كذلك عن ضرورة تحول الأندية إلى شركات وإلا ستحرم من الممارسة الاحترافية، كما استدل بميزانية الأهلي المصري واعتبر أنديتنا فقيرة بالمقارنة معه، وشكر رونار على ما قدمه للمنتخب ونصح بالتكوين وأمر بالإسراع في التفعيل وقارن بفترة 2014 وغير ذلك مما خرج به اليوم، جمع الرجل كل البيض في سلة واحدة، ونحن ننتظر حديثه بشكل مباشر عن آخر بيضة سقطت بل انبطحت بأرض الكنانة.
لن نتهم فوزي لقجع بالمراوغة ولا يحق لنا ذلك، أولا لأن النوايا لا يعلم ما فيها إلا خالقها، وثانيا لأنه لم يتجاهل الحديث عن الإخفاق الأخير بالكان، رغم "ديبلوماسيته" التي ظهرت في حديثه عن رونار وحتى عن استعداده بالتنحي عن منصبه لو وُجد الرجل المناسب لذاك المنصب، وهذا كله لم يكن في اعتقادي المتواضع كافيا لجرد مشاركة "مُخيبة" نظير الآمال التي عُقدت قبلها والوعود التي أُطلقت بالتألق وهو ما لم يكن على الإطلاق.
إن مشكلة منظومتنا الكُروية سيد فوزي لو اعتبرتني متابعا غيورا على منتخبه وكُرته كحالك و حال الملايين من المغاربة، تكمن في ضبابية المشهد الكُروي والتعتيم الذي يمارس عليه، لانشعر بحسن التواصل بين الجهاز الكُروي الأول في البلاد والقاعدة، والأمثلة على ذلك كثيرة، أبرزها وآخرها استقالة هيرفي رونار وإنكارها والتأخر في تبرير فشل المنتخب في الكان وهو ما فتح باب التأويلات وزاد في اتساع الهوة بيننا وبين رأس الهرم، وهذا يخلق في أغلب المواقف تنافرا بين الفئتين، فئة المسؤولية (الجامعة) وفئة المِلكِية (الشعب).
شخصيا سأكون كاذبا بل خائنا إن لم أعترف بالعمل الذي يسهر على إنجازه رئيس جامعتنا فوزي لقجع منذ تقلده هذه المهمة قبل سنوات، لكن وأكرر ذلك، اعتبره في منحىً مُعوّج الطريقة، ليس لقلة الكفاءة وضعف الرؤية، بقدر ما هو نابع من عيب التسرع وسوء التخطيط في حالات ما، والدليل هي النتائج برّمتها، من منتخبات الفئات الصغرى إلى المنتخب الأول مرورا بالمنتخب النسوي، وهو ما اعترف به السيد فوزي لقجع اليوم.
أرجو شخصيا أن نركز على العمل القاعدي أكثر من أي وقت مضى، وألا نعطي وعودا بالنجاح لكي لا تكبر الطموحات أكثر من الواقع الحقيقي، وأن يفتح باب التواصل بشكل مباشر أكثر وتؤخذ القرارات الصادرة عن الجامعة الوصية بمختلف اتجاهاتها بالجدية والحزم المطلوبين، وأن يتم تنقية محيط المنتخبات والأندية والإدارات والمؤسسات من كل الأفراد والجماعات التي تسعى للنجاح الفردي أكثر من الكُلّي، وقتها قد نخطو خطوتين إلى الأمام وتعيدنا خطوة الكبوات إلى الخلف فنكون قد حققنا أهدافا ملموسة، بدل أن نخطو خطوة القرارات والرؤى الهادفة إلى الأمام وتعيدنا خطوات النكسات والضبابية إلى نقطة الإنطلاق في كل مرة.