لا للغرور ولا للمباهاة

الدار البيضاء اليوم  -

لا للغرور ولا للمباهاة

بقلم: بدر الدين الإدريسي

لن تأخذنا النشوة، في ما شاهدناه من الفريق الوطني في مباراته المثالية أمام فيلة كوت ديفوار، إلى الحد الذي يصيبنا بالهوس والهذيان، فنظن أن فريقنا الوطني أصبح سلطانا على إفريقيا وأن النجمة الإفريقية الثانية ستوضع على صدر قميصنا الأحمر والأخضر، بعد انتظار دام 43 سنة، منذ أن جلب الجيل الأسطوري بقيادة الفنان أحمد فرس النجمة الإفريقية الأولى من هضاب اثيوبيا.
وأبدا لن يصاب أسود الأطلس بجنون العظمة، لمجرد أنهم روضوا للمرة الثالثة تواليا فيلة كوت ديفوار، في مشهد كروي لا هو بالتاريخي ولا هو بالإستثنائي، لأنه مشهد تكرر في زمن الأسود مع الربان هيرفي رونار لمرات عديدة، كما أن هذا الذي حدث وأكبره المغاربة، لأنه رفع عن صدورهم خوفا جثم بعد الوديات الثلاث الأخيرة وبخاصة أمام محاربي ناميبيا الشجعان، لن يثني الأسود عن مواصلة المسير في شعاب الأساطير بمصر الشقيقة، فالعلا الذي يصبو إليه الفريق الوطني وكل المغاربة لم يتحقق منه إلا القليل.
لم يكن حدسا ولا تخمينا ولا تكهنا، أن أتوقع ظهور الفريق الوطني أمام كوت ديفوار بالصورة التي تتطابق مع ممكناته ومع تراكماته، فما حركت في مباراة ناميبيا بنشازها وبركاكتها وأيضا بالهواجس التي أطلقتها ساكنا، لذلك لم ألجأ مثل الكثيرين، ممن تهزمهم المظاهر، إلى بيع جلد أسود الأطلس في مزاد الإحباط واليأس، ولم أوافق على كثير مما ذهب إليه المنزعجون من العرض الذي قدمه أسود الأطلس أمام ناميبيا، إلى الجزم بأن الفريق الوطني سيعرف في تشكيله وفي قاعدة أسلوب لعبه الكثير من التغييرات تحسبا لملاقاة كوت ديفوار.
بالقطع لم أنح ذاك المنحى، أولا لمعرفتي الكبيرة بالطريقة التي يفكر بها هيرفي رونار والذي لا ينكسر أمام أي لحظة ضعف أو وهن، أو أمام أي إختناق تكتيكي تفرضه طبيعة العمل ويفرضه أن قوة الفريق الوطني جعلت الآخرين يجتهدون في قراءته، فما كان ممكنا بالرغم الذي فعله رونار في مباراة ناميبيا عندما أراح الأحمدي وعندما لم يكن بلهندة متاحا له، أن يتزحزح عن جوهر التفكير وقاعدة الثقة التي أسسها طوال سنوات اشتغاله مع الفريق الوطني، الثقة أولا بمنظومة العمل والثقة ثانيا في الأعمدة.
لم ينسق رونار وراء من دعاه إلى عدم ترسيم نبيل درار لأنه كان بعيدا عن مستواه في مباراة ناميبيا، ولم يلق بالا لمن طالبه بإدخال مزراوي في الرواق الأيمن وسحب الأحمدي من الوسط والإستعاضة عنه بأيت بناصر وأيضا بإجلاس يوسف النصيري حتى لو تطلب الأمر اللعب من دون رأس حربة، تلك كانت اجتهادات لا صلة لها بالنص وبالأصل الفكري لرونار، الذي ما تشبث بالحرس القديم وأبقاه إلى اليوم داخل الفريق الوطني، إلا لأن هذا الحرس متحفز فعلا لأن ينهي قصة الغرام مع الفريق الوطني بالظفر بكأس إفريقيا للأمم مهما بلغت الصعاب.
ما شاهدناه من الفريق الوطني أمام كوت ديفوار والذي يمثل اليوم للخبراء مرجعا فنيا، لكي يزدادوا اقتناعا بأن الفريق الوطني جاء لهذا «الكان» في ثوب المرشح القوي للفوز باللقب، كان هو القاعدة، أما الإستثناء الذي لا يقاس عليه فهو ما كان بعضه في مباراة ناميبيا وكثيره في وديتي غامبيا وزامبيا.
أما ما هي ممكنات استمرار هذه القاعدة والمتمثلة في الأداء النموذجي للفريق الوطني؟ فهذا هو السؤال الذي ستجيبنا عنه مباراة اليوم أمام أولاد جنوب إفريقيا، والتي يهمنا فيها أن يفوز الفريق الوطني ليحافظ على الروح الإنتصارية وأيضا لينهي الدور الأول متصدرا للمجموعة، وهو ما يبقيه آمنا ومستقرا ومطمئنا في ملعب السلام، وأن يضيف لما قدمه أمام الفيلة هامشا جديدا للثقة في القدرات، برغم أن المباراة لن تكون سهله لا على الفريق الوطني، ولا على منتخب جنوب أفريقيا الذي يعرف أنها مباراة تذهب به من النقيض إلى النقيض، مباراة إما تؤهله للدور ثمن النهائي متصدرا للمجموعة وإما تحكم عليه بالإقصاء والخروج من الدور الأول.
من المفروض أن تكون كل التهليلات النفسية التي أحاطت بمباراتنا أمام كوت ديفوار قد تلاشت بالكامل، ومن المفروض أيضا أن يكون الأسود قد أدركوا أن اليوم الجميل يظهر من صباحه، وما كان أمام كوت ديفوار، لم يكن سوى البداية وما زال ما زال..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا للغرور ولا للمباهاة لا للغرور ولا للمباهاة



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca