كيف هو مشهدنا الرياضي؟

الدار البيضاء اليوم  -

كيف هو مشهدنا الرياضي

بقلم: بدر الدين الإدريسي

مشهدنا الرياضي، سواء توافقنا أم لم نتوافق على وصفه، لا هو بالمشهد المستنسخ ولا هو بالمشهد المستورد، لذلك لا حق لنا أن نتبرأ منه، فهو مشهد متطابق تطابقا كاملا مع واقعنا ومع عقلياتنا ومع طريقة تفكيرنا، ومتطابق على وجه الخصوص مع منظورنا للرياضة على كافة المستويات.

وإذا كان هذا المشهد الرياضي ينتج من الأسئلة الموجعة والمؤلمة ما لا نقدر على إيجاد أجوبة شافية لها، إذا كان هذا المشهد يصدر عنا للعالم وقبله لمحيطينا العربي والقاري، صورا لا نرضى على كثير منها، فذاك دليل قاطع على أن به الكثير من المعيقات التي لن يسمح وجودها إطلاقا بأي تطور من أي جنس.

والمشهد الرياضي الوطني، الذي لا خلاف على أنه هش ومعتل الأول والآخر وعامر بالنواقص، هو صورة منا جميعا، الوصي على الرياضة والمشتغل بها والناقد لها. لذلك عندما نتحدث عن محصول رياضي ضعيف فلابد أن نربط ذلك بما يعتري تسييرنا من نواقص، وبما يغيب الحكامة الجيدة عن تدبيرنا، وبما يتلف كل المساعي المبذولة في مناطق متباعدة بل ومعزولة من أجل النهوض بالقطاع الرياضي.

وإذا كان من الضروري أن تحدد الدولة اختياراتها بشأن الرياضة، وفقا لما يلزمه بها الدستور المحين، ووفقا لمرتبة التي تحتلها الرياضة في أولويات البلاد، فإنه سيكون لزاما أن يتغير المنظور وتتبدل الإستراتيجيات وتنهض المؤسسات الرياضية برمتها، بمسؤوليتها اتجاه شباب يحتاج اليوم بالذات، إلى ما يربطه بالرياضة، كمصدر للحلم وصناعة النجاح والفرح، وكوسيلة للقفز على مسببات الهشاشة والإنحراف، وكأداة لتنمية قيم الإنتماء.

هناك إذا حاجة لنقاش وطني، أيا كانت آلياته وأدواته، يضع المشهد الرياضي تحت مجهر النقد المترفع عن الأحكام القبلية والجاهزة، الغاية منه تعداد نواحي القصور في منظوماتنا الرياضية، ووضع استراتيجية متطابقة بأمدين قصير ومتوسط، إستراتيجية تحصل حولها التعبئة وتكون طريقنا نحو تجويد العمل الرياضي بكل أجناسه وأبعاده.

إن الوثيرة التي تتطور بها الرياضة في كثير من دول العالم، منذ أن دخلت الرياضة عهود التصنيع وأصبحت تمثل للدول الرائدة مجالا لإنتاج الثروات البشرية قبل الرياضية، تلزمنا بالتحرك بشكل عاجل نحو منظور جديد ومتطور، تكون معه القطيعة كاملة مع أساليب التدبير المتجاوزة، ويخلو معه المشهد الرياضي الوطني من كل جيوب المقاومة التي برعت في فرملة التغيير، بل وإعاقته لتحصن نفسها.

إن ما نشهده من بطء شديد في تنزيل مضامين قانون التربية البدنية والرياضة 30-09 والذي مضت قرابة عشر سنوات على صياغته والتوافق بالكامل على مضامينه، وقد راهنا من خلاله على تجويد العمل الرياضي وضمان إحترافية الجانب النخبوي فيه، لدليل قاطع على أنه إن حضرت الإرادة في التغيير، غابت للأسف الآليات العملية لتفعيل هذا التغيير للأفضل على كافة مظاهر وأجناس الفعل الرياضي.

بعد سنتين من الآن ستدخل الرياضة الوطنية إمتحانا أولمبيا جديدا، يفتحص سياساتنا واستراتيجياتنا في مجال صناعة الأبطال من ذوي المستوى العالي، وحتما لن تحضر المعجزة كما كان الحال في دورات خلت، عندما كان حصادنا الأولمبي صورة غير مطابقة لواقعنا الرياضي، ومع إستحالة حضور المعجزة، فإنه لن يكون مقبولا ولا مستصاغا أن ننجز نفس خطابات التشكي، وأن نكرر نفس الذي أصبحنا نحفظه عن ظهر قلب من مواويل الحزن والندم على أننا أخلفنا موعدنا مع التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف هو مشهدنا الرياضي كيف هو مشهدنا الرياضي



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية

GMT 05:12 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تيريزا ماي تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حرباء متغيرة اللون يمتد لسانها لـ60 ميلًا لصيد فريستها

GMT 22:38 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

قميص نيمار يظهر في الملعب قبل مواجهة ألمانيا

GMT 01:22 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المدافئ الكهربائية تتغلب على النمط التقليدي بأناقتها المميزة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca