زيزو يحترم نفسه

الدار البيضاء اليوم  -

زيزو يحترم نفسه

بقلم: المهدي الحداد

عاش من عرف قدره، وسما من إحترم نفسه، وكبُر وارتقى من تواضع وتحلى بشيم الأخلاق، وترك البصمات العميقة في المسار، ليخرج بطلا محبوبا وشخصية محترمة في أعين الصغار كما الكبار.
هذا ما ينطبق على زين الدين زيدان الذي قرر فجأة الإنسحاب من القلعة البيضاء، وترك مقعده دون سابق مقدمات، في قرار إهتز له العالم لغرابته وسرعته وظرفيته.
زيزو بطل الأبطال، المربي الأخ، المؤطر النصوح ودع ريال مدريد بقبعة المجد والكبرياء، بعدما إختار الإستقالة وهو في القمة، قمة أوروبا والعالم التي لم يصل إليها إلا القلة القليلة من المدربين العظماء.
فاز بما لم يفز به من سبقوه، وحقق المعجزات كمدرب مبتدئ، ودخل التاريخ بعصامية وكاريزما وقدرٍ شاء أن يضعه على رأس الهرم ويكافئه على خصاله العديدة، ويتوجه بالذهب الغالي وأوسمة لم تخطر على بال أحد.
أن تُدرب ريال مدريد في أول تجربة في المجال، وتنال الثقة والرضا وتخطف الكؤوس والأدرع المحلية والأوروبية والعالمية في 3 سنوات متتالية، والأكثر من هذا أن الإنجازات المحققة هي الأولى في سيرة ذاتية تدريبية فارغة، فهذا أشبه ما يكون بالسحر أو إمتلاك تلك العصا السحرية العجيبة التي لطالما تبرأ منها المدربون وإعتبروها من الخيال.
زيدان بأخلاقه وإحترافيته وذكائه وحظه يغادر مدريد والدهشة على وجوه المدريديين، الذين عاشوا معه الأعراس والأفراح الأنطولوجية، وتلذذوا رفقته طعم سيادة قارة وكرة أرضية في إحدى أزهى فترات الملوك منذ تأسيس ناديهم، قبل أن يودعوه بالدموع والقلوب تكن له حبا شديدا ومكانة خاصة للأبد.
زيزو اللاعب السابق والمدرب الحالي أكثر الناس إحتراما للنفس والذات، وأشد حرصا على إختيار التوقيت الحاسم والصحيح لإتخاذ القرارات الكبرى في الحياة المهنية، وأنفته لا تسمح له بأن يكون مفعولا به ومستقبل الأوامر والقرارات، بل تدفعه ليكون صاحب المبادرة وتقرير المصير بعد تفكير ودراسة دقيقة وغير خاطئة.
أن تودع الملاعب كأسطورة من بوابة نهائي كأس العالم، وأن تنهي الفصل الأول من المجد التدريبي وذهب العصبة يطوّق العنق، وأن تصّر على تكرار سيناريو الوداع المؤثر الذي يزيد من رفع الأسهم والإحترام، فهذا لا يمكنه إلا أن يجعل من هذا العبقري رمزا للحب والمتعة، التواضع والطيبوبة، الأخلاق والإحترافية، الوزن الثقيل في منظومة هذه اللعبة المجنونة عبر التاريخ.
زيدان الإستثناء بين جميع مدربي ولاعبي العالم، فهو القدوة للناشئين في الممارسة والمثال للمبتدئين في المهنة، والدرس المجاني لأولئك الذين يعشقون «لْبُوز» وإلتقاط الصور في المؤتمرات ودكة الإحتياط، أو الذين تُغرقهم الأنانية والعجرفة في إساءة التعامل مع الصحفيين واللاعبين والجماهير.
بون شاسع بين أرسين فينغر الذي حلقت من فوقه الطائرات تطالبه بالرحيل، ودُفع دفعا عنيفا ولسنوات متتالية من أجل حزم الحقائب، وبين من هزمه كبرياء النفس وأثقلته الألقاب ليغادر في أجمل موعد، وينسحب من الأضواء مؤقتا دون أن ينسحب من الذاكرة والحُسبان.
شكرا زيدان لأنك تحترم نفسه، لأنك من نوعية الأبطال الذين يرحلون وهم في القمة، لأنك صورة الإنسان والرياضي الذي يُحبّب الناس في الحياة والرياضة، والسر عيشها ببساطة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيزو يحترم نفسه زيزو يحترم نفسه



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 09:38 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

«بوليساريو» الداخل..!

GMT 09:46 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

برودكوم تعرض الاستحواذ على كوالكوم مقابل 130 مليار دولار

GMT 01:09 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

Poison Girl Unexpected الجديد من "ديور" للمرأة المفعمة بالأنوثة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 18:18 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

تامرعبد المنعم يصالح محمد فؤاد في حفلة زفاف

GMT 21:31 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مدينة تاوريرت تستقبل حافلتين من اليهود

GMT 04:47 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

توقيف أحد مهربي المواد المخدّرة في مدينة بركان

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 21:14 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

فوائد عصير البطيخ المر في القضاء على الخلايا السرطانية

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca