بقلم- المهدي الحداد
حان وقت الحصاد ودقت ساعة جمع المحصول، وآن الأوان ليأخذ كل مجتهد نصيبه ويعثر الباحث على غنيمته، ويربح كنزه الذي حفر طويلا في الأعماق وكسر مختلف التضاريس لإيجاد مفاتيحه.
عرش الكرة الإفريقية ينادي المغرب بصوت جهْوري هذه الأيام، ليرتبط بعقد شرعي مع سفيري الوطن، ويعتلي نهضة بركان والوداد البيضاوي كرسي الحكم بالقارة، ويؤكدا مجددا للأفارقة والعالم أن الزمن هو زمن الكرة المغربية بإمتياز.
إنجاز تاريخي وخرافي ليس من فوقه شيء سيكون لو تحققت الإزدواجية، وزين البركانيون وبعدهم الوداديون صدورهم بذهب كأس الكونفدرالية وعصبة الأبطال، وزادوا من حقد الحاقدين ورفعوا أدرينالين الحساد، وأصابوا من يحاربون الأندية والمنتخبات المغربية بالجلطة الدماغية.
أحلى تتويج للنهضة في التاريخ سيكون من قلب برج العرب وأمام فريقٍ كثير المناورة والكلام، حيث سيتعرض النادي البرتقالي حتما لجميع أنواع التضييق والمؤامرة والمضايقات المشروعة وغير المشروعة، والتي تستوجب هدوءا وتركيزا كبيرا وعدم الإنسياق مع تيار المصريين، والذين سيفعلون كل شيء لتبقى الكأس بالإسكندرية، وتكون مباراة الإياب النهائية بالديار حفلة خالية من عصير البرتقال.
على المدرب الجعواني وفرسانه الشجعان أن ينسوا لقاء الذهاب ويدخلوا موقعة العودة وكأنها مباراة سد فاصلة، لا خيار فيها غير الفوز وإسقاط الجدارات، دون دهشة ولا خوف من التهديد والوعيد، لأن الأبطال يولدون من رحم الحروب والتضحيات، ونهضة بركان أو «البُركان» كما يحلو لرئيس الخصم مناداته سينفجر حتما بأرض الكنانة، وسيثأر للحسنية وإتحاد طنجة، وسيرفع أول لقب إفريقي في التاريخ، محافظا على التتويج بطعم مغربي للسنة الثانية تواليا، في سيناريو مكرر عن ما حدث سنتي 2010 و2011 مع الفتح الرباطي والمغرب الفاسي.
نهضة بركان ورغم فقر تجربته، فهو لا يحتاج منا للنصائح ولا للدروس المتعلقة بالخبث الكروي، والمكر والحيل الواجبة في هكذا نهائيات وأمام خصومٍ يدمنون المقالب، لكنه محتاج للدعم الجماهيري من جميع الشعب المغربي، والمساندة الإعلامية المطلقة وتحفيزها المعنوي واللفظي، لإعداد البركانيين نفسيا لما ينتظرهم من إكراهات جمة لن تزيدهم إلا إصرارا.
أما الوداد الرياضي فهو عملاق مجرب تعرفه جيدا المواعيد القارية الكبرى، وتتغزل به الأميرة السمراء على فترات متقطعة، قبل أن ترفع مؤخرا من منسوب حبها للفرسان الحمر، والذين سيبحثون عن الزواج الثالث بها في رابع غزل بينهما، وبالتالي معادلة رقم الغريم الرجاء والوقوف جنبا إلى جنب في الصف الرابع قاريا في عدد ألقاب العصبة، وراء الأهلي ومازمبي والزمالك.
الوداد بمناعة كافية وخبرة عالية وروح ثأرية لرد الدين للترجي، ولسعه كما لُسع بسُمّه قبل 8 سنوات، وإنهاء الهرج التونسي هنا ذهابا بالرباط، ليكون حصنا من جحيم الإياب برادس، في أمسية رمضانية يخشى فيها «لمْكشخون» سيناريو دجنبر 1999.
لن نقرأ الفنجان، لن نحلل أكثر، لن نتوقع ولن ننفخ في الرماد كما يفعل عن قصد الزملاء بتونس ومصر، سنساند جميعا كمغاربة جمهورا وصحافة فريقي النهضة والوداد لإنتزاع التاجين الغاليين تواليا، وسنركز على الدعم المطلق والهدوء والمكر، والإيقاع بالخصم بنفس أسلحته، فالوقت حان لنأخذ حقنا بأيدينا وأقدامنا وأقلامنا، والتربع على العرش الذي يداعب منذ مدة أركاننا.