كان متوقعا أن يخوض الرجاء مباراة صعبة في ذهاب نهائي كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أمام فيتا كلوب الكونغولي، بيد أنه لم يكن متوقعا بالمرة أن يجعل الرجاء المباراة سهلة، وأن يتسيدها من بدايتها إلى نهايتها، وأن ينهيها متفوقا بنتيجة لا تقبل الجدل، ثلاثية دون رد.
لقد فعل الرجاء بفيتا كلوب الكونغولي، ما لم يفعله به أي فريق آخر هذا الموسم، فقد مارس عليه ضغطا عاليا، جعل لاعبي فيتا يشعرون بالاختناق، وعندما كان الرجاء ينتقل إلى الهجوم فإنه كان يفعل ذلك بسرعة دون تسرع، مع تنويع في الأداء والهجمات، وتناقل للكرة جعل كعب الرجاء عاليا في المباراة.
وحتى عندما أضاع لاعبو الرجاء سيلا من الفرص السانحة للتسجيل في الجولة الأولى، فإنهم حافظوا على رباطة جأشهم، وبقي المدرب غاريدو واثقا في مجموعته التي وجدت الطريق سريعا للشباك، إذ في عشرين دقيقة أنهى الرجاء كل شيء، وأحرز ثلاثة أهداف (اثنان بواسطة سفيان رحيمي في الدقيقتين 47 و61) والثالث من ضربة جزاء أحرزها محمود بنحليب.
كان بمقدور الرجاء وقد تبقت 25 دقيقة من الجولة الثانية الزيادة في غلة الأهداف، خصوصا أن المنافس أكمل المواجهة بنقص عددي، لكن لاعبي الرجاء لم يفعلوا ذلك، فقد وجدوا أنفسهم منقادين للحفاظ على النتيجة بدل تعميق الفارق، وحسم كل شيء في الدار البيضاء.
في المحصلة النهائية فاز الرجاء لأن أداءه الجماعي كان في أرقى مستوياته، ولأن بعض اللاعبين تخلوا عن النرجسية، فقد كانوا يعرفون أن الحافز كبير وأن خلفهم جمهور لا يعرف الملل، وأيضا لأن أغلب لاعبي الرجاء يتميزون بالسرعة والمهارة الفردية، لذلك، عندما كانت تمر بالفريق أوقات حرجة، كان الأداء الفردي ينبعث لينعكس على الأداء الجماعي، وقد فعل ذلك حذراف والحافظي وبنحليب والرحيمي وبوطيب ومابيدي..
وقد اتضح والرجاء في هذا المستوى العالي أن حاجة الفريق ملحة للاعب ارتكاز يعوض السنغالي نياسي، الذي برغم اجتهاده الكبير وسعيه لأن يكون في الموعد، إلا أنه ليس في مستوى بقية لاعبي الفريق، وقد كان الرجاء محظوظا لأن مدرب فيتا لم ينتبه إلى الثغرة الكبيرة التي كان يخلفها الأداء الأرعن لنياسي.
لقد استحق الرجاء الفوز، وقد فعل ذلك بجدارة، وبكبرياء الفرق الكبرى.
وللأمانة فالرجاء منذ مشاركته في الموندياليتو ووصوله إلى النهائي أمام بايرن ميونيخ الألماني، لم يظهر بهذا المستوى وهذا الأداء المبهر.
أما الجمهور فقد كان ملهما، وشكل قوة دفع للاعبي الفريق، وضغط بكل السبل على المنافس الذي وقع لاعبوه في فخ الارتباك، وتضييع الكرات.
لقد ملأ مدرجات الملعب ساعتين قبل انطلاقة المباراة، وعندما دقت ساعة الصفر، كان في الموعد الكبير، وساهم في كتابة واحدة من أجمل ليالي كرة القدم المغربية.
اليوم وقد قطع الرجاء نصف الطريق، ما هو المطلوب حتى يعود باللقب من كينشاسا؟.
بلاشك لن ينزل الفريق الكونغولي يديه، وسيدافع بشراسة عن حظوظه في التتويج، وقد بدأت فعلا تسخينات مباراة
الإياب في وسائل الإعلام الكونغولية.
في كرة القدم ليس هناك مستحيل، وليس هناك مباريات تحسم قبل إجرائها، ويملك مدرب فيتا كلوب الكثير من الوقائع ليحشد بها همم لاعبيه.
وفي المقابل فإن مدرب الرجاء خوان كارلوس غاريدو، يعرف ما ينتظره بالكونغو، ولهذا السبب فإنه تفاعل مع الفوز بحذر، إذ عبر عن سعادته به، لكنه دعا إلى تأجيل الاحتفال إلى ما بعد إكمال المهمة في مباراة الإياب.
سيكون على لاعبي الرجاء وكل منظومة العمل، أن يضعوا الفوز الكاسح ذهابا خلف ظهورهم، وأن يركزوا على مباراة الإياب، وأن يخوضوها كما لو أنها مباراة من تسعين دقيقة.
ألف مبروك للرجاء فوزه في الذهاب، لكن لابد من التسلح بالحذر دون إفراط أو تفريط، ولابد أن يحافظ الجميع على القوة الذهنية في مباراة الإياب حتى يتوج الفريق باللقب، ويبقي الكرة المغربية في دائرة التتويج القاري للسنة الثانية على التوالي.