شياطين ليلة القدر

الدار البيضاء اليوم  -

شياطين ليلة القدر

بقلم: المهدي الحداد

«الضّحْك فينا وتيْزيدو يْضحّْكو فينا العالم»، وعبارات حرام، عيب، عار، فضيحة وغيرها من كلمات الشكاوي سئمنا من ترديدها، لأن الزمن يسير والسنوات تمضي، والشعوب تتقدم بسنوات ضوئية، ونحن في إفريقيا نتخلف ونزداد تراجعا بأعوام فلكية.
لوبيات الفساد تنخر القارة في عدة قطاعات، في مقدمتها الرياضة وكرة القدم، حيث «مافيا» متشعبة تحارب التغيير من الداخل، وتحرص على بقاء العفن والخبث الكروي متفشيا في شرايين الأجهزة التسييرية والمسابقات القارية، سواء للمنتخبات أو الأندية.
العالم شاهد يوم الجمعة الماضي مهزلة، محرقة، مجزرة، أو سموها كما شئتم، هناك بملعب رادس ضواحي تونس، في أمسية رياضية وكروية تزامنت مع ليلة دينية روحانية هي ليلة القدر، لكن للأسف خلت من جميع المسميات الرياضية والأسس الأخلاقية، وغابت فيها الملائكة لتنزل الشياطين وتعيث فسادا في أرضية الملعب وفي الكواليس.
كنا نتوقع إحتقانا وندية وإثارة في أوجها، وإنتظرنا معركة صاخبة كحال المباريات النهائية وخصوصا تلك التي تجمع العرب فيما بينهم، وقلنا أن إياب نهائي عصبة الأبطال الإفريقية بين الترجي والوداد ديربي ناري وهائج لما ميز مباراة الذهاب من توثر وإستعدادات مشحونة لنزال العودة، لكننا لم نتكهن قط بأن الحفل سيُهدم قبل نهايته، وسيتحول إلى فوضى وفضيحة، بسبب التحكيم مجددا، وتقنية «الڤار»، عفوا «العار».
ما بدأه المصري جريشة أكمله الغامبي غاساما بعدم إحتساب هدف مشروع لوليد الكرتي كان سيعيد الوداد في اللقاء وسيقلب الطاولة على التونسيين، ولأن العذر وهو عطل "الڤار" أقبح من الزلة وهي تأكيد الحكم المساعد والحكم الرئيس عن تسلل خيالي، فقد هاج وثار الفرسان الحمر منطقيا وطبيعيا عقب الشعور بالظلم الشديد، والمؤامرة التي إنطلقت في الرباط وتواصلت في تونس، لذبح الوداد وإهداء الترجي اللقب بلعبة التحكيم والكواليس، وعن سبق الإصرار والترصد وأمام مرأى العالم.
قيل أن شيطانا نافذا تحدى الجميع وقرر قبل المباراة غلق غرفة "الڤار" وألغى هذه التقنية، وتحصن بمسؤوليته داخل الجهاز التنفيذي "للكاف" ومعه بعض مواطنيه في نفس الجهاز، ليتآمر على إغتيال الحكم الخامس بعدما أطعم جوعه ذهابا، ليؤمن خوفه إيابا، ويعفيه من ورطة ثانية تجنبه الحرج.
بدا المشهد مقيتا ومخزيا لرئيس "الكاف" والثلاثي التونسي النافذ وهم يحاولون إقناع رئيس الوداد بإكمال المباراة وسط اللاعبين، كلقطة وصورة تخلص كيف تُدبر الأمور بإفريقيا ككل وكيف يُسير جهاز الكرة، وكيف «يخرج عينيه» أحد الشياطين أمام العدسات دفاعا عن مصلحته وخطته التي نسج خيوطها مع معاونيه، في وقت يظهر فيه المسؤول المحايد والأول عن الفضيحة قزما ومغلوبا على أمره، وغير قادر على إتخاذ قرار من أجل حل الورطة، والحفاظ على الهيبة والكبرياء المفقود، ووقف بث شريط الأضحوكة التي يشاهدها الأوروبيون عبر قنوات هولندية وفرنسية شهيرة.
إن كانت تونس كاملة وبملعبها رادس الذي تسميه جوهرة المتوسط غير قادرة على تشغيل "الڤار" فهذه مصيبة، وإن كان تم تعطيله قبل ساعات عن قصد فهي فضحية، أما عدم علم "الكاف" بالواقعة وعجزها عن التواصل والإخبار، وحتى التدخل قبل وأثناء المباراة، فالأمر يعتبر كارثة مؤسساتية تستدعي من الفيفا أن توقف نشاطها وتقيل مسؤوليها، وتضع إفريقيا اليتيمة في مزاد للتبني، لعل أسوأ عقلاء الأوروبيين وأضعف حكماء الأسيويين يقبلون بتسييرها.
مسكين هو معلق قناة «فوكس سبور» الذي أضاع 3 ساعات من وقته في وصف ما لا يوصف، وقال للمتفرجين في العالم عبر الهواء أنه لن يعلق مجددا على مباراة للأفارقة، ومساكين هم الذين يُظلمون سنويا في المسابقات الإفريقية ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، أندية ومنتخبات، ولا يملكون الجرأة ولا القدرة على تشكيل لوبي ضاغط أو إعلان الإنسحاب الجماعي من "الكاف"، فالفساد هو الصمت عن الفاسدين والتظلم في صمت، والتغيير هو ذاك الطفل النائم والمرعوب الذي سيسكن الأفارقة أبد الدهر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شياطين ليلة القدر شياطين ليلة القدر



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca