بقلم : المهدي شبو
من الأسباب التي قزمت عطاء الرياضة المدرسية تراجع الاهتمام الذي كنا نوليه في المغرب لمسابقاتها، سواء المحلية أو الجهوية والوطنية، ومما يحد كذلك من العطاء المنشود للرياضة المدرسية الغياب التام للرياضة الجامعية، باعتبارها الامتداد الطبيعي الذي يتلقى مشعل أو شاهد الرياضة المدرسية؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية التي تصنف باعتبارها البلاد الرياضية الأولى في الكون، تعتبر الرياضة الجامعية رافعة للرياضة الأمريكية، وتخصص جل الجامعات الأمريكية ميزانيات ضخمة لإعداد الرياضيين، لا سيما في كرة السلة وكرة القدم الأمريكية وألعاب القوى.
وتحرص الجامعات الأميركية على استقطاب الكفاءات الرياضية حتى تلك التي لا تتوفر على معدلات الولوج وتغريها بتخفيض الرسوم وحتى الإعفاء منها.
أما في المغرب، فتفتقر جل الجامعات المغربية للبنيات التحتية الرياضية الأساسية، وقد عايننا، بالفعل، تلاميذ كانوا واعدين في الرياضة المدرسية؛ لكنهم توقفوا بمجرد التحاقهم بالجامعات، علما أن أغلبهم يلتحق بالجامعة في سن دون العشرين، أي في قمة العطاء الرياضي، فنخسر أبطال وبطلات في ظل غياب مقومات الاستمرار في النشاط الرياضي.
ومما لا غنى عنه للنهوض بالرياضة الوطنية مسألة في غاية الدقة والخطورة وهي التنقيب عن المواهب،والأصل هو أنها مسؤولية الأندية الرياضية بالدرجة الأولى إلى كونها الأقرب في نطاقها الجغرافي للممارسين؛ لكنها في الجوهر مهمة جسيمة تتجاوزها بكثير، إذ أثبت العلم والتجربة المشهودة كذلك أن الإنجاز الرياضي العالي يتوقف على مجموعة من المتطلبات، أبرزها اكتشاف المواهب في سن جد مبكرة، فقد توفر الدولة التجهيزات والبنيات التحتية والمتطلبات المكتسبة بالعلم والتدريب المتخصص وغيرها، إلا أن المتطلبات الحاسمة تبقى هي تلك المرتبطة بالجوانب الخلقية الوراثية ممثلة في الصفات الجسمانية التركيبية كالطول والوزن ونوع الألياف العضلية لتوجيه الرياضيين في كل لعبة دون إغفال الأداء المهاري والاستعداد الجسماني والموهبة.
وكثير من الرياضات كالجمباز والسباحة والمسابقات التقنية في ألعاب القوى وغيرها تتطلب لإعداد البطل بدء التدريب في سن جد مبكرة. واكتشاف هذه المواهب أصبح يزداد صعوبة أمام الاختلالات البنيوية التي يعانيها العمل الرياضي القاعدي بسبب أفول الرياضة المدرسية وتراجع المساحات المخصصة للممارسة الرياضية وعدم مواكبتها للنمو الديمغرافي مما سبق وسردناه.
والمعضلة عندنا في المغرب أن الأندية تدور فقط بالملتحقين بالتداريب في رحابها بغض النظر عن مواهبهم وتوفرهم على مقومات النبوغ الرياضي، والأمثل تشجيع الموهوبين على الالتحاق بفضاءات التدريب.