"الجيب الخاوي"..

الدار البيضاء اليوم  -

الجيب الخاوي

بقلم - يونس الخراشي

بينما كان وفد مغربي كبير، من حيث العدد، في موسكو الروسية، يحضر عملية إجراء قرعة كأس العالم لكرة القدم، كان لاعبو فريق الرجاء البيضاوي، وإداريوه، ومهنيوه، ومن ينتسبون إليه، ينتظرون رواتبهم، كي يؤدوا ما بذممهم إزاء أهليهم، وذويهم، والحسرة تملأ نفوسهم.

ولأن الذين سافروا إلى موسكو، جيوبهم ملأى بالمال، و"المصبط ما درى بالحافي"، كما يقول المثل الشعبي المغربي، فإنهم لم يكونوا ليشعروا بمعاناة هؤلاء الذين لا مال لهم، والمئات ينتظرونهم كي ينالوا حظهم من الراتب؛ وأي راتب هو ذلك الذي سيحصل عليه إداري أو مأجور صغير، في نهاية المطاف، مقابل أعباء حياتية كبيرة جدا.

يا لها من مفارقة...

من في موسكو يسوقون لكرة مغربية يمثلها منتخب لاعبوه يمارسون في أرقى الفرق العالمية، في وقت يوجد الفريق الفائز بكأس العرش في أزمة مالية قد لا تبقي ولا تذر، ويرتحل البطل المغربي، وبطل أفريقيا، بين ملعب وملعب، ومن مدينة إلى أخرى، ليستقبل ضيوفه، وهو ضيف، وتبحث فرق أخرى عن ملاعب في مدن أخرى، متوسلة إلى سلطاتها كي تسمح لها باستعمال ملاعب ليست لها، ويضرب المكلف بالبرمجة أخماس في أسداس، غير عارف أين يمكنه أن ينظِّم المباراة المقبلة، ولا متى يطلقها.

ويا لها من مفارقة.

من في موسكو يتحدثون عن شيء لا نراه نحن في الواقع. وكأننا نحن الذين لا نرى، ونحتاج بالتالي إلى نظارات جديدة كي يتسنى لنا أن نبصر ما يتحدثون عنه. إذ يقولون للناس هناك إن لدينا بطولة احترافية، وملاعب عظيمة، عبارة عن جواهر متلألئة، ولدينا لاعبون يخضعون لقوانين متطورة جدا، ويحصلون على كامل حقوقهم، ولدينا تحكيم من الطراز الرفيع، ولدينا مسيرون "والله باباه ترامب معندو بحالهم". في حين نحن نعرف جيدا "خروب بلادنا"، حتى إننا نتساءل كل يوم "واش نيت بصح غادي نترشحو لكأس العالم؟ واش بصح هادشي اللي كيقولو هاد الناس؟ يا كما داوين على شي حاجة حنا مكنعرفوهاش؟".

ويا لها من مفارقة.

يهاتفك مسؤول منهم، حالما يقول له أحدهم، إنك كتبت. فلا هو قرأ، ولا الذي قال له إنك كتبت قرأ. ويسألك قائلا:"مفهمتش مالك أشنو باغي؟". وحين تسأله:"أنت اللي اتصلتي، ومعرفتش أشنو باغي؟". يقول لك:"دكشي اللي كتبتي، ما منو والو". تقول له:"يا ربي نكون كذبت عليكم. ولكن خليني نسولك. واش قريتيه؟". يقول بعد رهبة صمت:"قريت ولا مقريتش، المهم راه اللي مبغاش يشوف عمرو غيشوف".

ويا لها من مفارقة.

تنتهي المكالمة. وتأتي أخريات. ونكتب، ولا يقرأون. ولا يهمهم أن يقرأوا، إذ أنهم مشغولون بالسفر، وبوضع الرأي العالم العالمي إزاء تقدم الكرة في بلادنا، ذلك التقدم الذي لا نراه، ولكنهم يتكلمون عنه. ثم يضرب لاعبو الرجاء، والموظفون، والمنتسبون، ويتنقل أكثر من فريق ليضيف ضيفه في مدينة هو ضيف فيها، ثم يجني حكم على فريق آخر، ويصاب لاعب، فيفقد كل حظ في المستقبل، بينما نيمار، الذي تكسرت عظمة من عموده الفقري، يستعد لكأس العالم، وكأنه "حصان عربي".

إلى اللقاء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيب الخاوي الجيب الخاوي



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

GMT 09:43 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

أناقة خبير الرياضيات فيلاني تتغلّب على أزياء ماكرون

GMT 02:38 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد عمور يُعلن خفض ديون "أليانس" للتطوير العقاري

GMT 07:01 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرفي على اتيكيت التقديم وفنونه المختلفة

GMT 09:22 2017 السبت ,28 كانون الثاني / يناير

تعديلات مبهرة في سيارة لامبورغيني "Aventador S"

GMT 07:43 2015 الإثنين ,23 آذار/ مارس

أقراص الكوسا والجبن

GMT 00:05 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تضيء أهرامات الجيزة بالعلمين الفرنسي والروسي

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:23 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

وفاة سائح فرنسي اصطدمت دراجته بحافلة في مراكش

GMT 05:57 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

اندلاع حريق بسوق المتلاشيات في أولاد تيمة

GMT 04:57 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلامية إيمان نبيل تبدي سعادتها بشباب مصر وفكرهم الواعي

GMT 13:48 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

دار "ماكس مارا" تُركّز على صيحة المعاطف الواسعة والضخمة

GMT 21:14 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

دانا فارس تطلق أغنية "تسلم" في "الكريسماس"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca