النصيري يطلق العنان

الدار البيضاء اليوم  -

النصيري يطلق العنان

بقلم: بدر الدين الإدريسي

من منا لم يسعد بالذي شاهده بالأمس في مباراة ليغانيس وبتيس إشبيلية في الليغا الإسبانية من الدولي المغربي يوسف النصيري، الذي يعلن عن نفسه اليوم كواحد من أكثر الأسود الذين ينشطون بالبطولات الأوروبية توهجا وتألقا ولمعانا؟

بل من منا، لا يعجب بهذا الفتى الذي جرى تكوينه في بيئة كروية مغربية خاصة بأكاديمية محمد السادس، بالإصرار الذي تملكه منذ أن يمم أشرعته شمالا صوب نادي مالقا الإسباني، وبالمجهود الخرافي الذي بذله لكي يستكمل تكوينه وبعدها ليفرض نفسه في محيط كروي لا يقبل إلا بالمتوفقين والقادرين على تحمل تبعات كرة القدم من المستوى العالي؟

شاهدت يوسف النصيري في مباراة ليغانيس وبيتيس، يوقع على أول «هاتريك» له في الليغا الإسبانية، ويصل إلى هدفه الثامن مع ناديه الذي انضم إليه هذا الموسم قادما من مالقا، والسابع له منذ بداية سنة 2019، بل ويجسد في ذلك الملكات التقنية الرائعة التي نجح الإحتراف الإسباني في إخراجها ومن تم صقلها وتهذيبها، ليكون يوسف النصيري كما قال صحفيون رياضيون إسبان، من أمهر المهاجمين العالميين، إن هو واصل الإشتغال على نواحي كثيرة في أدائه الفردي وفي إلتزامه بالتكتيك الجماعي الذي يلزم اللاعبين بمهمات دقيقة بخاصة عندما تكون الكرة في حوزة الفريق المنافس، ما يعني أن ذكاء اللاعب وثقافته التكتيكية، لابد وأن تسمح له بفعل كل ما يريح زملاءه في الحالتين الدفاعية والهجومية على حد سواء.

ولو نحن طرحنا على أنفسنا سؤالا بمنتهى السذاجة:

كيف كان سيكون حال يوسف النصيري فيما لو فوتته أكاديمية محمد السادس لكرة القدم لإحدى الأندية الوطنية؟

مؤكد أن حاله لن يكون أفضل ولا حتى مثله اليوم بعد موسميه مع مالقا وموسمه الذي انتصف مع ليغانيس، وليس لنا أن نغضب من هذه الحقيقة المطلقة ولا أن نتحرج في النطق بهذا الحكم القطعي، ولو أنني لا أسمح لنفسي بإطلاق الأحكام القطعية، فلا التقاليد الكروية ولا المناخات التكتيكية التي تسود بطولتنا الوطنية، كانت لتسمح ليوسف النصيري بأن يستكمل أولا التكوين القاعدي الذي خضع له بأكاديمية محمد السادس، وبأن يساعد نفسه ثانيا على استخراج المكنونات الفنية القابعة فيه، وبأن يتطور بنسبة عالية جدا في ضبط نفسه مع المستويات العالية التي هي سمة ملازمة لبطولات كبرى كالليغا الإسبانية.

إن مبتدأ هذا الظهور الرائع ليوسف النصيري في البطولة الإسبانية، هو محيطه المغربي الذي نشأ فيه وساعده في مرحلة مفصلية على إبراز خاماته الفنية، لعل ذلك يدعم ما كنا نقوله دائما بأن الرأسمال البشري الحامل لجينات الإبداع موجود فعلا بالمغرب، وأن ما يجب أن يتطور بوثيرة سريعة جدا، هو جانب التكوين والتأطير بمستوياته المتوسطة والعليا، بما يفرضه ذلك من تأهيل المستكشفين والمؤطرين وأيضا برصد الإمكانات المادية واللوجيستية الضرورية التي تخرج الأكاديميات ومراكز التكوين من رحم الإنتظار والتسويف الذي طال لسنوات.

إن تألق النصيري هو صورة من تألق نجوم مغاربة نشأوا في بيئة كروية مغربية خالصة، سبقوه بسنوات إلى الليغا الإسبانية، فتأثروا بسحرها وجمالها وأثروا فيها بإبداعاتهم حتى صاروا من علاماتها المضيئة، بدءا بالعربي بنمبارك ووصولا إلى نورالدين نيبت، لذلك أنا واثق من أن ما يفعله اليوم يوسف النصيري بالليغا، هو تلميع جديد للموهبة المغربية الخالصة، فالأندية الإسبانية الموصوفة على أنها أندية مكونة، ستدفع لا محالة بمنقبيها ومستكشيفها لإعادة سبر الأغوار المغربية، تماما كما أن الروائع التي ينسجها يوسف بالليغا لابد أن تقنعنا بضرورة الإنتباه إلى الثروات البشرية الحاملة لجينات الإبداع، والتي يتم هدرها والتفريط فيها بسبب هواية التدبير لكرة قدم المستوى العالي.      


عن صحيفة المنتخب المغربية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النصيري يطلق العنان النصيري يطلق العنان



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca