توفيق مصباح
قدمت قنوات أبوظبي الرياضية درسا في الاحترافية والنقل التلفزيوني المبهر في التسويق الرياضي للديربي البيضاوي المنتظر ببن الغريمين الرجاء والوداد يوم السبت المقبل 2 نونبر 2019 برسم منافسات كأس محمد السادس للأندية الأبطال. على مدار سنوات طويلة لم تلتقط مختلف الفنوات المغربية، بما فيها قناة ميدي 1 تي في وقنوات "البينسبورت"، القيمة التسويقية للديربي البيضاوي، والآلاف، بل الملايين، من المناصرين الذين يشجعون الفريقين البيضاويين. أبوظبي الرياضيين التي كانت "تتحرش" بنقل الديربي البيضاوي منذ السنة الماضية أعدت سيناريو "جهنميا" لتحقيق حلمها، وهي التي كانت قاب قوسين من إجراء مباراة استعراضية بين الغريمين البيضاويين، لولا أن تاريخ هذه المبارة تقاطع زمنيا مع مشاركة الرجاء في نهائي كأس السوبر الإفريقي. وكي لا تضيع هذه الفرصة الذهببة التي قد لا تتكرر استبقت القناة الإماراتية الزمن وأوقعت القرعة في الكأس العربية الرجاء والوداد في نهائي مبكر قبل الأوان، وبعد أن كان لعابها يسيل من أجل تنظيم ديربي في لقاء واحد، ها هي تحصل على نسختي ديربي في شهر واحد. وهذا ما يفسر التغطية "المجنونة" وغير المسبوقة لمباراة في مرة القدم، في الأعراف المنافسات الرياضية تظل مجرد مباراة في كرة القدم. لكن في الواقع اصطدام الرجاء والوداد ليس رياضيا فحسب، بل هو تاريخي وتجاري وتسويقي وسوسيوثفافي وسبكولوجي وفرجوي، تجتمع فيه كل هذه اابهارات والمقبّلات ليكون عرضا "احتفاليا" و"طقوسبا" و"كرنفاليا"، ليس على رقعة الملعب بل فوق المدرجات وخارج الملعب.
غباء التلفزيون المغربي والقطري الذي يشتري البث الحصري لمباريات البطولة الوطنية منها مباريات الديربي، هو الذي جعله يفوت "صفقة" تجارية تتقاطع فيها الرياضة وأشياء أخرى خارج الكرة. وهذا ما فطنت إليه قنوات أبوظبي الرياضية التي أوقفت "الزمن الإماراتي" لتضبطه على عقارب زمن المغرب وزمن الديربي، لتحيط بكل صغيرة وكبيرة بهذه المباراة التاريخية أسلوعا قبل انطلاق صفارة بدايتها عبر ربورطوجات وحوارات لجس نبض مدينة الدارالبيضاء قبل موعد الديربي، استطاعت أن تنبش في التاريخ و"طابوهات" الناديبن العريقين، بنت جسرا بين الماضي والحاضر، ربطت بين الأجيال، وجعلت من الديربي ملحمة بيضاوية، وها هي تحصد الأرقام، ففي ظرف ساعة تقاطرت أكثر من 6 آلاف رسالة نصية قصيرة عبر "الواتساب"، وضجت صفحات القنوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمغردين والمدونين والمبحرين والآلاف من المنخرطين الافتراضيين الجدد.
فاللهم أكثر من غباء تلفزيون العرايشي وسليم الشيخ كي يستمتع المغاربة بالأطباق الدسمة التي تحضرها قنوات أبوظبي الرياضية التي تقدم خدمات مجانية للرياضة والسياحة الوطنيتين، ودروسا في النقل الرياضي الاحترافي.
اللهم اجعل الغشاوة على أبصارهم حتى يفعل الله أمرا كان مقضيا.