شخصيا قلتها فور إعلان حسنية أكادير مرافقا لنهضة بركان للدور الموالي في كأس الكونفدرالية، على أن من يستحق الثناء وعبارة الشكر هم لاعبو الرجاء قبل سواهم، ولولا نخوتهم ومغربيتهم ما كان لإنتصار الحسنية قيمة ولا حتى طعم.
لولا رباعية الرجاء بالكونغو والتي ستظل درسا للتاريخ، ما كان لهدف الفحلي أن يلهم سواسة للإحتفال بتأهلهم التاريخي والمستحق لربع النهائي.
قد يقول قائل أن الرجاء سافرت للكونغو سعيا خلف ما بقي له من بصيص أمل، وفازت لأنها آمنت بشعرة الحظ ولو كانت رهيفة التي كانت أمامها، لكن الرد الشافي على هذه الرواية هو أن من قدموا هذه الفتاوي هم أنفسهم الذين شغلوا مواقع التواصل الإجتماعي بمونطاجات وأفلام استبقت الوضع، وتحدثت عن تراخي مقصود سيظهره لاعبو الرجاء في الكونغو ليساهموا في إقصاء الحسنية عملا بمقولة «علي وعلى أعدائي».
يستحق الرجاء وشاح السنة وجائزة الوروح الرياضية، لأن لاعبيه أظهروا معدنهم الأصيل و تحملوا عناء تنقل مرهق وهم مستنزفون ذهنيا وبدنيا بسبب الميار الماراطوني لعدد المباريات التي خاضوها منذ سنة ونصف.
ولأن الرجاد سافرت صوب الكونغو وهي جريحة ومذبوحة بسكين الغدر في مباراة بركان الشهيرة، والتي قسمت ظهر النسور وورطتهم في حسابات معقدة داخل هذه المجموعة.
يستحق الرجاء جائزة الفير بلاي قبل غيره، لأنهم تنقلوا في الطائرة لآلاف الكيلومترات وهم يعلمون في قرارة نفسهم أنهم يطاردون خيط الدخان، ويلاحقون السراب ليقينهم أن الحسنية ستنتصر زمام نهضة بركان، وحين أقول يقينهم فليس لتقديم تأويل بشأن أي مؤامرة قد تكون أطراف هندست لها في الكواليس، لكن لأن هذا هو الشعور الذي حمله لاعبو الرجاء في جوفهم قبل رحلة الكونغو.
فأن يرحل فريق يائس منهار وفي حكم المقصي لبلد صعبة بتضاريس كروية وعرة، وفي ملعب أشبه بالفرن ودرجة حرارة تشوي الجلد و يلعب مباراة عمره وينتصر، رغم ما بلغهم بين الشوطين كون أكادير منتصرة أمام رجال الجعواني، فهنا لا يسعني إلا أن أرفع القبعة وأتوجه بالتحية لكل لاعب رجاوي فردا فردا.
لاعبو الرجاء ردوا على خرافة خسارتهم أمام أوطوهو لينتقموا من المجهول المعلوم، وقدموا خدمة يستحقها الفريق الأكاديري والذي لا ناقة ولا حمل له في خاتمة الرجاء ومصيره داخل مجموعته.
وحين نتأمل واقع هذه المجموعة فيقينا أقول أنه لولا بعض كوارث التحكيم لكان ترتيبها مغاير تماما للوضع النهائي الذي انتهت إليه، وخاصة مبارتان أجريتا ببركان الأولى بين النهضة والحسنية والثانية بين النهضة والرجاء وحكاية الفضيحة التي تحكم في بطولتها الحكم الكامروني إيسوما وأدارها من خلف الستارة مخرج شبح.
لو خسر الرجاء في الكونغو للحق لاعبيه وطاقمه التقني وإدارته فاصل لا نهاية له من النقد والجلد، ولاتهموهم بالتآمر ضد الحسنية و لقامت الدنيا و لم تقعد .
لكن بعد ملحمة الأخلاق والدرس الكبير الذي قدمه الرجاء لإصحاب الضمائر الحية والميتة والمستترة، وهم يتجاوزن أوضاعهم النفسية المهزوزة ويغالبون جراحهم ليقدموا هدية العبور للحسنية، فهنا قلة قليلة من نوهت بهذه البطولة وهذا السلوك الرياضي الرائع للعالمي.
صحيح الرجاء لا تلوم إلا نفسها بعد الإقصاء بسبب تدبيرها السيء للقاءات المجموعة، لكنكم لو عدتم لما كتبت يوم حكموا على الرجاء بالمنفى والتهجير والإغتراب، فقد قلت أن صاحب هذه الفكرة ارتكب جريمة في حق الفريق وحرمه من أهم لاعب من لاعبيه وهو جمهورها الرائع وقدم خدمة لمنافسيه.
الحسنية والنجم والنهضة البركانية وأوطوهو دويو هؤلاء كلهم واجهوا الرجاء بالرباط وكأنهم بملعبهم، لأن لاعبي الرجاء أصلا لا يرتاحون في هذا الملعب ويحق لهم ذلك بلغة الأرقام والنحس الذي طاردهم في العاصمة.
الرجاء خسر اللقب لكنه ربح تاج الروح الرياضية، قدم درسا في الأخلاق لكل من تآمروا عليه ولمهندس غلق المركب الذي سيرتاح الآن بعد الذي حدث. ولعل ما حدث داخل هذه المجموعة من أحداث سيكون ملهما لمبدعي «فبلادي ظلموني» كي يضيفوا قوافي وموشحات جديدة لموالهم الأسطوري ..وعيد ميلاد سعيد.
عن صحيفة المنتخب المغربية