البعوض و«النبيذ المصري»

الدار البيضاء اليوم  -

البعوض و«النبيذ المصري»

بقلم: سفيان أندجار

حطت بنا الطائرة في مطار الأقصر في ساعة متأخرة، فوجدنا في استقبالانا الأستاذ الصديق العزيز أشرف محمود، كان ببذلته الرياضية الزرقاء يقف أشبه بجندي في بهو المطار، صافحنا بحرارة ورحب بنا، كانت عباراته الترحيبية مثل قائد يقدم نفسه لكتيبته في أول يوم للتجنيد.

لا أتذكر بالحرف ماذا قال، لكن ما أثارني هو طريقة إلقائه للترحيب، وكيف شد على يدي بقوة حتى خلتني في رياضة «برا دفير». قدمنا له أنفسنا، وكان سؤاله الدائم حول عبد اللطيف متوكل، كان ينطقها باللهجة المصرية فتقع على أذنك كأنها نغمة موسيقية، خصوصا أنه كان يصر على نطقها بـ«عبد اللطيييييييف»، أمرنا بدون مقدمات بالتحرك نحو الفندق الذي سنقيم به، والذي سيحتضن أيضا أشغال المؤتمر.

توجهنا في سيارة نحو الفندق، كان أشرف محمود رجلا يقظا وحذرا، لا ينطق الكلام على عواهنه بل كلماته كانت جد دقيقة ومحسوبة، وكانت فكرتي الأولية عنه أنه رجل صارم لا يحب الحديث كثيرا، لذلك اخترنا الصمت طيلة الطريق وكنا نجيب فقط عما طرح علينا من أسئلة، لكن في الوقت ذاته كان لبقا جدا وهو يصطحبنا إلى غرفنا في الفندق، والذي كان عبارة عن تجمع سكني تحيط به المساحات الخضراء وقريب من النهر.

أعجبت بالمنطقة لكونها هادئة أكثر منها سياحية، وتريح النفس، لكن سرعان ما كان لي ترحيب من نوع آخر، فبمجرد أن استحممت والتحفت بالمنشفة اخترت أن أغفو قليلا لأستريح من عناء السفر، سرعان ما تلقيت ترحيبا من نوع خاص، بحكم أن المكان يوجد بمنطقة معشوشبة، فكان بطبيعة الحال «البعوض المصري» أول من استقبلني بلدغاته، وكم كان مشتاقا إلي لأنه لم يسأم من الترحيب بي حتى مطلع النهار، رغم جميع المحاولات والطرق لإيقافه، من صراع معه أو هروب واختباء منه، لكن في كل مناسبة كان يمسك بي ويصر على منحني قبلات الترحاب.

استيقظت في اليوم الموالي وأنا «مزكرش»  بلدغات البعوض، فما كان لي إلا أن أتهيأ، خصوصا أن أشرف أخبرنا أن الاجتماع التأسيسي سيكون في وقت مبكر، وعلينا أن نهيئ أنفسنا لحضوره.

اتصلت بصديقي رشيد لكي نلتحق لتناول وجبة الإفطار قبل الذهاب إلى الاجتماع،  فتصادفنا ببعض  المدعوين في غرفة تناول الطعام على رأسهم أشرف محمود، والذي عرفنا إلى باقي الزملاء.

أتذكر كثيرا تلك الوجبة فقد كانت عبارة عن طاولة طويلة مملوءة بكل أنواع الحلويات والخبز وغيرها من المقرمشات، بالإضافة إلى البصل والطماطم والخس. كنت أنا ورشيد نتجنب تناول الخضروات في الفطور، لأننا لم نعتد عليها، خصوصا إذا تعلق الأمر بالبصل.

كان هناك مشروب أحمر يتهافت عليه الكثيرون يشبه «النبيذ الأحمر»، ارتبت في أمره منذ البداية قبل أن أبادر أحد العاملين بالسؤال عنه، ليقول لي إنه «الكركديه» وهو مشروب مصري له منافع كثيرة. بدأ الرجل يسرد لي مزايا ومنافع الكركديه، وقال إن هذه المنطقة تشتهر به كثيرة، ويعد من أجود الأنواع. سمع تحاورنا بعض الزملاء المصريين ليدخلوا على الخط، ويسردون قصصا عن الكركديه، فمنهم من قال إنه غني بمضادات الأكسدة وآخرون حدثوني عن فوائده بالنسبة إلى ضغط الدم وأنه يخفض مستويات الدهون ويعزز صحة الكبد ويساهم في فقدان الوزن، بل منهم من ذهب إلى حد القول إنه يقلل من نسبة الإصابة بالسرطان.

صراحة فوائده أغرتني بشكل كبير حتى طعمه الذي يشبه التوت البري، لدى أصبحت مدمنا عليه، خصوصا بعد علمي أنه يحسن الدورة الدموية، وكان لزاما علي أن أفكر في أصدقائي «الأبعاض» الذين كنت على يقين أنهم سينتظرونني كل ليلة طيلة مقامي في المنطقة، للترحيب بي قبل خلودي إلى النوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعوض و«النبيذ المصري» البعوض و«النبيذ المصري»



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca