بقلم - يونس الخراشي
حين كنا نقترب من نهاية برنامج "حديث الصحافة"، على قناة "دوزيم"، مباشرة بعد عبور المنتخب الوطني إلى مونديال روسيا 2018، طرح الزميل عبد الله الترابي، منشط البرنامج، السؤال الآتي:"هل يمكن القول إن قضية اللاعب المحلي والمحترف انتهى أمرها اليوم؟". قلت له:"بالعكس، الآن يتعين أن يطرح الموضوع لنقاش أعمق".
كان اللقاء في جو الفرح الكبير. لا يمكنك حتى أن توجه "ريشة" نقد لرونار أو لقجع، فأحرى سهام النقد والانتقاد. ومر الكلام كأن لم يسمعه أحد. "شكون داها فيك يا الزميطة نهار العيد". مع أن المنتخب الوطني كان مقبلا على منافسات عالمية، وكان يحتاج بالفعل إلى نقد بناء في العمق، يستدعي بالضرورة متكلمين جديين وموضوعيين، ومخاطبين لديهم صدر رحب. إنه المنتخب الوطني المغربي، وليس منتخب رونار أو غيره.
أول أمس سمعت الدولي السابق عزيز بنيج يقول بالحرف:"بغينا لاعبين مهاريين، وليس روبوات نبرمجها، ثم نطلقها في الملعب. على اللاعبين أن يبدعوا. أي نعم، احترام خطة المدرب ضرورة، ولكن على اللاعب أن يبدع، أن يضيف شيئا من عنده". وأيده زميله في الاستوديو التحليلي لقناة "بي إن سبورتس"، الدولي السابق ربيع العفوي بالقول:"المنتخب اليوم لا يتوفر على لاعبين مهاريين. لديه لاعبو الرقابة والالتحامات الهوائية، ولكنه بدون لاعبين يخرجون الكرة من الخلف"؛ أي يـ"سلونها كما تسل الشعرة من العجين"، فيمتعون، ويبدعون.
هل تعرفون لماذا لم يعد المنتخب مطمئنا؟ ولم يكن ناجعا أمام إيران؟ ولماذا ضيع التأهل إلى الدور الثاني لكأس العالم؟ ولم صار لاعب "بدون" يجد له مكانه، في وقت يجلس لاعب آخر في بيته، ويتابع المباراة في شاشة التلفزيون؟
لسبب بسيط؛ هو أننا صرنا نعيش "عقيدة الأسبقية"، وتتمثل في أن جلب لاعب مغربي يحمل جنسية ثانية يسبق فتح الباب للاعب من البطولة لديه مهارات عالية. وإذا بنا نرى، منذ سنوات، تجاها متواترا نحو الاهتمام باللاعبين، أبناء البلد، ممن يبرزون في الخارج، ويتخوف من حملهم لقميص بلدان المهجر، على حساب الاهتمام باللاعب الذي يوجد هنا بيننا، ويعامل بمقولة "هذا ديالنا، وقتما بغيناه نلقاوه".
دعونا نكن واضحين من الآن، فالمنتخب للجميع. هذا لا نقاش فيه، ولا مزايدة. المشكلة ليست هنا بالذات، بل في الاهتمام بجانب على حساب آخر. فما دام المسؤولون يرون، ولهم الحق في ذلك، بأن جلب اللاعبين الذين يبرزون في الخارج مهم جدا، لأسباب قد تكون أحيانا بعيدة عن الرياضة، فما عليهم سوى أن يخططوا لذلك، بطريقة لا تضر بالتوجه نحو اللاعب المحلي، المهاري، الجاهز لحمل قميص المنتخب الوطني، في كل حين.
لنلخص.
الاهتمام بجلب اللاعبين الحاملين لجنسيات أخرى جيد، ولكن "عقيدة الأسبقية" جعلته يطيح بالمنتخب في ما يعرفه "الكوايرية" بـ"النقابة". فقد صار بعض اللاعبين يعطوننا الانطباع بأنهم مستدعون أيا كانت حالتهم، في وقت يشعر غيرهم بالغبن، لأنهم يستحقون الاستدعاء، لكنهم لا يتوصلون من الناخب الوطني بدعوة.
المنتخب للجميع لا تعني بالضرورة أنه لجميع اللاعبين الذين يبرزون في الخارج، ونخاف أن يحملوا قميص بلد ثان. بل للجميع تعني كل اللاعبين الجاهزين، والذين يملكون مهارات، ويمكنهم أن يغيروا النتيجة في أي لحظة، بفعل حاستهم الكروية العالية.
هذا رأيي، وربما أكون مخطئا