بقلم - محمد بنيس
* أضاعته المدينة العربية.. و دفعته الريح بين الشوامخ و الصدى..
* المواطن العربي المتفرج.. علمته المدينة أن يتفرج.. وديعا لكن بصوت المهيب!!
* المتفرج العربي في الملعب.. يسب.. يشتم.. يوزع باقة ماجنة.. فاسقة على اللاعبين أحيانا.. و على الحكام دائما.
.. جاء من البيت للملعب بعد أن خاض معركة مع زوجته حول المصروف.. لف من الشارع الثاني حثى لا يمر من أمام البقال و الجزار.. وصل الملعب و هو يلعن كل شيء.. كل شيء.. و ينتقد كل شيء.. كل شي.. و لا بد أن يصرخ في وجه الحكام.. و يقدم لهم باقة فريدة من الشتائم الملفوفة في غنج لقيط و في رداء كاريكاتيري!
.. جاء للملعب و هو ربما يشك في زوجته.. و ربما في جاره.. و يشك أن رئيسه في العمل يسرق جهده.. و ترقيته تأتي مع وصول الأجل .. يأتي للعمل و قد رأى الشارع سيارته فارهة يركبها مسؤول انتخبه ليقوم بإصلاح حيه و زقاقه و يغلق أفواه البلاعات المفتوحة.. أن يدافع عنه في المجلس التعليمي أو البرلمان.. أن يطالب بتخفيض الأسعار و بزيادة الدخل.. لكنه سرق سرق صوته في الانتخابات و لم يدافع عن أي أحد .. دافع عن نفسه و زاد و زاد من دخله و من مميزاته.. و بعث أولاده يدرسون في الخارج و اقتنى لزوجته الصغيرة الثانية كلبا "كانيش" ليلحس وجهها و يؤنسها و يكون نلاحظه كصوت الموسيقى!!
.. ماذا يمكن أن ننتظر من هذا المواطن.. عفوا من هذا المتفرج و قد أتى للملعب يحمل بين ضلوعه بركانا من الجمر و المشاكل و الحاجة والقهر؟
.. لا بد من إسقاطها.. لذلك هو يلعن الحكام.. يلغي صفاراتهم و قراراتهم.. و كأن حكم المباراة هو سبب الزيادة في الأسعار.. و هو الذي سرق صوته و دخل البرلمان.. و هو الذي يحاربه في رزقه في عمله و يضيف أرقاما أخرى لفاتورات البقال و الجزار و الأقساط...!!
.. المتفرج العربي بعد كل هذا القهر.. يموت ضيقا و هو يشاهد أناسا يلعبون.. و يقال و الله أعلم أنهم يلعبون شيئا إسمه كرة القدم