الشغب بسبعة أرواح؟

الدار البيضاء اليوم  -

الشغب بسبعة أرواح

بقلم - بدر الدين الادريسي

كان من الضروري أن نتفهم عمق الإحباط وقوة الحسرة التي ضربت مؤسسي والمنتسبين لمختلف «الإيلترات» المساندة للأندية الوطنية، والقرار يصدر جازما ومقرونا بالنفاذ المعجل، يقول بحظر رفع هذه «الإليترات» لـ «التيفوات» من أي نوع، بل وبحل من ثبت بالدلائل القاطعة أنها كانت متورطة في العديد من مشاهد العنف والشغب التي طالت الملاعب الوطنية، فمع ما كان من تعبير عن شدة الغضب، بالمقاطعة المعلنة للمباريات، حتى أن الكثير من الأندية وجدت نفسها تلعب وكأنها واقعة تحت أحكام «الويكلو» التي تخلي المدرجات من الجماهير، وأيضا بالمناوشة بشتى الطرق، فإنه كان على من أنيطت بهم مهمة تجفيف منابع الشغب ومتابعة المساطر القانونية، عدم الإستسلام أمام مظاهر الهدنة التي سيطرت على المشهد الكروي الوطني، بخاصة لما وجدت الفصائل المشجعة للأندية نفسها مكرهة على العودة تدريجيا للملاعب، ما دام أن لا أحد غير الأندية مصدر العشق هي من يؤدي فاتورة هذا الهجران المعلن.
كان من الضروري أن تتواصل حملات التوعية والتحسيس وأن يتواصل الإجتهاد في تقنين العلاج، بخلق آليات تنزع فتيل الشغب مما تبقى من هذه «الإيلترات» والتي ذهب أكثرها ضحية تهور وأنانية من إنتموا لهذه «الإيلترات» إما بهدف الإنتفاع المادي أو بهدف تفجير المكبوتات بالتنزيل المهجن والبديء للشعارات التي تنادي بها هذه «الإيلترات».
ما حدث بمراكش خلال مباراة الرجاء والكوكب من شغب دموي، ما كان يستحق أن يعامل كما حال مشاهد شغب سابقة، بنفس عبارات الأسى والحزن والهروب للأمام، كما لا يمكن أن نلصقه بطرف دون الآخر، فمسؤولية ذاك الإنفلات الخطير الذي روع الآدميين وخرب المنشآت ولطخ صورة كرة القدم المغربية في لحظة دقيقة وحساسة يسابق خلالها المغرب قوى ثقيلة جدا من أجل ربح رهان تنظيم كأس العلم 2026، تقع على الجميع بلا إستثناء، فإن كانت الفصائل المساندة للرجاء قد انحرفت وخرقت القوانين، فإنه كان بالإمكان معاقبتها على ذلك بطرق أخرى غير الزجر والتنكيل الذي يفضى إلى مآل كارثي لا أحد فينا يريد أن يراه على مسرح كرة القدم، بل ويحرض على الإنتقام والفتنة، فقد كان أنجع عقاب هو حرمان هذه الجماهير بالمطلق من مرافقة فريقها في كل المباريات التي يلعبها خارج ميدانه، وإن كانت قوات الأمن قد تدخلت من وحي مسؤولياتها لتطبيق القانون الذي لا يعلى عليه، فإنها كانت بحاجة إلى مقاربة أمنية إستباقية، تتوقع درجة الخطورة لكل فعل وتتصرف على إثرها بما يلزم من صرامة ومن حكمة أيضا من دون تهييج المشاعر.
إن ما حدث بمراكش من شغب وعنف، وقد تعامل معه القضاء بمتابعة المتورطين طبقا للقانون، وسارعت الجامعة على ضوئه، إلى معاقبة الرجاء بمباراتين «ويكلو» وبغرامة مالية تزيد طين الأزمة المالية بلة، يجب أن يعيد لطاولات النقاش والحوار الجزء المبتور من مواجهة الدولة لهذه الآفة الخطيرة، الجزء المرتبط بزيادة الحرص ورفع مستويات اليقظة وأيضا بمواصلة إبداع الحلول، فمن كان يظن أن الشغب سيموت لمجرد وجود قوانين رادعة فهو واهم، لأن ظواهر مجتمعية ومرضية من هذا النوع، غالبا ما تقاوم كل وسائل العلاج والمواجهة، وتتقمص ما لا يعد ولا يحصى من صور، ولا سبيل للتخفيف من وطأتها غير تربية النشء على قيم الإعتدال وثقافة الفرجة والروح الرياضية، التي لا تسمح بالتطرف ولا تبيح العنف بمختلف أشكاله وتحظر أيضا تخريب الذات.
لذلك أعود مجددا لأنتصر كما كل السوسيولوجيين للمقاربة التربوية والسوسيولوجية، كأنجع المقاربات للقطع مع ظواهر مسيئة ومعيقة لأي تطور ومشوهة لمشهدنا الرياضي، ولا أرى من سبيل للرفع من قدر هذه المقاربة التربوية والسوسيولوجية، سوى إشراك مؤسسات وأكاديميات البحث العلمي في إبداع أنماط جديدة تكون قادرة على اجتثاث دابر العنف كيفما كان شكله وجنسه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشغب بسبعة أرواح الشغب بسبعة أرواح



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

GMT 05:00 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

أفكار عملية بسيطة لتنسيق حديقة منزلك في صيف 2018

GMT 05:38 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"ماتشو بيتشو" مدينة ألانكا لغز وعظمة طاغية

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 01:19 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

د. باسم هنري يُبشّر بعلاج للإنزلاق الغضروفي

GMT 18:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 07:12 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

جهزي طعامك بنفسك في مطعم " Dinning Club" في لندن
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca