لا مجال للإستخفاف بالمسؤولية

الدار البيضاء اليوم  -

لا مجال للإستخفاف بالمسؤولية

بقلم عبد الله الفردوس

كــم كان المشهــد مرعبًا ومخيفًا ومحزنًا.. فالـذي حــدث في ملعب محمد الخامس، يوم السبت الماضي، كان بالفعــل فظيــعا وبشعًا، وعبثا فــي عبث.
ما حــدث كان أشبه بمــؤامرة ضـد الرياضة.. ضــد التربيــة.. ضــد الفرجـــة.. ضــد منطــق العـقل الســوي والبــراءة والحــياة.
ما حــدث كان أشبه مــا يكــون باستهــداف لــفريق رياضي كبيــر، ومدرسة كــروية عــريقـــة طـالما خــدمتها ورعتــها شخصيات وطنية مرموقة، وطالما أعطت الكثيـر والكثيـر للممارســة الرياضيــة فـي هــذا البلـد، وصنعـت الزمـن الجميـل لمؤسســة فريق الرجـاء البيضاوي. بل إن ما حصل تزامن مع احتفالات فريق الرجاء بذكرى تأسيسه، فتحول الاحتفال إلى مأساة، وبالتالي إلى مآتم.
فـأن تتحـــول فرصـة الفـرجة والتنافس الرياضـي إلى إزهاق الأرواح وإسقاط الضحـايا، وأن يتطـور الشغب إلى إرهاب وترهيب في مدرجــات الملاعب، فــذاك ما يستــوجب القيــام حينها بالمتعيـن وعــلى كــافة الأصعدة والمستويات.
نعــم، اليـوم  وبعــد حصــول الفاجعــة المـؤلمة، لا منــاص  من قــراءة  عميقــة وجــريئة أيضا لكــل عـناصر المشهــد  ومن كـــل جوانبـه التنظيميـة والأمنية والتدبيــرية، سيمـا وأن الكــارثة الأخيرة ليست الأولى مــن نوعهـا، وأن ظــاهرة “الشغـب” أو“الهوليغــانز” أخذت في التحــول إلى أفعال إجرامية وتخريبــية بعيدة كــل البعــد عن الريـاضـة وأخلاقياتها.
ولابـد من ملاحــظة أن هــذا التحــول جـرى ويجـري في سيــاق صــارت فيــه “الظاهــرة الكرويــة” تخــضع لشتــى أشكال الاستغـلال والتوظيف المتنافـي وقيـــم الرياضة وأهدافها التربـوية، ســـواء عن طريق الترويج التجاري للمباريات “الوطنية والأجنبية”، أو مــن خلال “ريــع” احتــلال المواقـع داخل بعــض الأندية وغير ذلك مــن الممـارسات والسلوكيات السلبيــة التي وصلــت إلى أعلى الهــرم الكــروي الدولــي “الفيــفا”.
كمـا كانت لهـذا المنزلق السلبــي تداعيــاته وتأثيراته حتى عــلى جمـهور كـرة القــدم، وخاصة وسـط الشباب والأحداث، فعوض القيـم الرياضية النبيــلة، والتربيــة على روح المســؤولية والتضامن، والتنافس الشريــف، تفشــت، بيــن بعض الفــئات، ظواهــر الانحــراف والعنـــف، وانحـرفت الهــواية الرياضية عن غايتـــها فتحـــولت إلى نقيـــضها.
ومــن عـــواقب ذلــك سقـــوط هـؤلاء الضحــايا، من الموتــى والجرحــى، الذين نتقــدم لعائلاتهــم بتعازينا الصادقــة، وللمصابين بمتمنيــاتنا بالشفــاء العاجــل لهم. وإن كانت الإدارة العــامة للأمن الوطـني قد أعلنت بأن ولايــة أمــن الدار البيــضاء قـد فتحـت “بحثا قضائيا تـحت إشراف النيـابة العامــة المختصة، وذلك لتحــديد ظروف وملابســات أعمال الشغب هـذه”، فـإن هــول المصــاب يستــدعي بالفـعل، ليس فقــط الكشـف عن ظروف ومـلابسات الحادث، ولكــن تحــديد المســؤولية، والقيـــام بكــل الإجراءات اللازمـــة لوضع حـد لكل ما يمكـــن أن يكــون قــد حصل مـن اختلالات أو تقصيــر، وكـذا لمــظاهـر الفــوضى السائــدة داخل الملاعب وخارجها.
بهــذا الخصوص نقلت وسائل الإعلام ما وصفته بإجراءات تأديبية أو عقابيــة صادرة عن الجـامعة الملكية المغربية لكرة القـدم، وتتلخــص في حرمان نادي الرجاء من اللعب أمام الجمهور في ما تبقى من مباريات الإياب، وتغريمه مبلغ 10 ملايين سنتيــم وتعويض جميــع الأضرار التي حصلت بملعب محمد الخامس.
لكـن الذي ينبغي أن يكــون واضحــا هو أن الموضوع أكبـر من جامعة كرة القــدم، ويتجـاوز مهـامها ودورها، فالأمر يتعلــق بأرواح وســلامة المواطنين، وبالمس بالنــظام العام، وبتخــريب المـرافق العامـة والممتلكــات الخاصة.
الموضوع لا يتعلق، بعــد واقعـة “السبت الأسود”، بمخالفة نـظام من أنظمة المنافسـة الرياضيـة، بــل هو امتــداد للفــوضى العارمــة، والتجاوزات المريعــة التي تزحف على الفضاءات العامــة، والتي تعطي الانطــباع بأن “كل شيء جائز” في هذه الفضـاءات وفي شوارعنا وأزقتنا، بــدءً بالترامي على الملك العام إلى تخريب وسائل النقل العمـومي وإلى الاعتــداء على المارة، ومن مخالفـة قوانين السير إلى كل البشاعات التي تحصــل على أرصفة الشارع العام …
ولذلك، فالسلطات الحكوميــة والأمنية، لهـا مسؤوليتها في وضعية التسيب الحاصلة بجـل المـدن والأماكن العامــة. وهي مســاءلة اليـوم عن نتــائج وجـــدوى  الإجراءات  المحــدودة التي سبق أن أعلن عن اتخــاذها مــن مجموعــة من القطاعات الحكوميــة بــعد وقـــوع حـــوادث سابقة.
وهــذه السلطات، وليــس الجامعات والجمعيات الرياضية، هي التي عليــها اليوم مسؤولية  معالجــة المشكــل في كل أبعاده وأسبــابه ومصــادر تغــذيته. ولا مجــال للاستخفــاف أو الاستهــانة بالمسؤولية في هذا المجال – كما في غيره – لأن المجال الرياضي مفــروض فيه أن يكـــون المثــل والنموذج في احترام القــانون، والسلوك المسؤول، والتحلي بروح المواطنـــة.
وبالطبع، فضمن المعالجــة الشاملة، هناك ضرورة إعادة النظـر في مجموعة من مقتضيات تنظيم النشـاط الرياضي “الكــروي” بالخصوص، وتقنيــن كل فعالياته، وإحاطة عمل الجامعة والأندية بالشفافيــة وبمراقبــة تدبيرها المالي، وإعادة الاعتبــار للدور التربوي للرياضة عــوض الخطاب “التخديري” والهستيـري الذي يطبع نقل المباريات والأناشيد والشعارات التحريضية، ليس داخل الملاعب فقط، بل وداخل المستودعات، وذلك للحد من النزوع نحــو توظيــف الرياضـــة في مآرب غيـــر رياضية.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مجال للإستخفاف بالمسؤولية لا مجال للإستخفاف بالمسؤولية



GMT 08:24 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

ملعب محمد الخامس..مسلسل لا ينتهي!!

GMT 10:55 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

تتويج الرجاء العالمي

GMT 16:08 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

ملعب محمد الخامس..مسلسل ممل !!

GMT 20:19 2016 الجمعة ,21 تشرين الأول / أكتوبر

من يتحمل مسؤولية ما يقع في "الرجاء"

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca