مجموعة الموت في انتخابات تشرين الأول

الدار البيضاء اليوم  -

مجموعة الموت في انتخابات تشرين الأول

بقلم: كمال قصير

أجد عنوان "مجموعة الموت" مناسبًا جدًا لوصف الوضع الذي توجد عليه معركة بناء واختيار المرشحين الكبار لترأس اللوائح الحزبية للانتخابات تشرين الأول/أكتوبر المقبلة، وإن كان هذا العنوان مستقى من أدبيات ومصطلحات الرياضة، إلا أنه يفي بالغرض لرسم الصورة التي كانت عليها انتظار بعض الأحزاب السياسية لحظة إعلان رؤساء لوائح حزب العدالة والتنمية، خاصة بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة.

في الجهة المقابلة، يبدو أن الصورة الكاملة للاتجاهات المحتملة لحزب العدالة والتنمية ومنهجية اختياره رؤساء اللوائح، لم تكن واضحة جدا بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة. في وضع يشبه قرعة التصفيات النهائية في بطولات كرة القدم عندما تنتظر الفرق على أعصابها لحظة الإعلان عن منافسيها في المجموعات. لما يترتب عن ذلك من إعادة النظر في الخطط والاستعدادات اللازمة للتكيف مع الوضع الجديد.

وفي تقديري، هكذا كان حال حزب الأصالة والمعاصرة ليلة انتظار إعلان حزب العدالة والتنمية عن مرشحيه لرؤساء اللوائح الانتخابية، والمجموعة التي دفع بها لخوض هذه المعركة السياسية.

وفي المستوى الأعمق، هنالك رسائل يبعث بها الحزب من خلال منهجية إدارة الانتخابات القادمة، حيث يبدو نادرًا في التاريخ السياسي المغربي القريب أن تجد حزبًا سياسيًا بعد نهاية تجربته الحكومية بما لها وما عليها، أن يقرر خوض الانتخابات برئيس حكومته وبكتلة من هذا الحجم من وزرائه الذين تحملوا المسؤوليات الحكومية، سواء بإنجازاتهم أو إخفاقاتهم.

وترشيح حزب العدالة والتنمية لكل وزرائه ينطوي على كثير من الرسائل، وهو لا يعني فقط منحه الثقة للأداء السياسي لهؤلاء الوزراء على رأس وزاراتهم. لكنه أيضا تقدير لقوة خصومه ومنافسيه في المواجهة القادمة في شهر تشرين الأول/أكتوبر، والتي يحتاج معها إلى حشد كل طاقاته وقياداته القادرة على حسم الدوائر التي وضعت فيها. فهو لا يواجه خصما سهلا في الانتخابات القادمة ويحتاج أن يلقي بكل ثقله من خلال المجموعة التي اختارها.

وهذا الحجم من الرهان على كل هذه الوجوه التي تحملت المسؤولية الحكومية يعتبر سابقة في العمل السياسي والحزبي في المغرب. أولا لأن اختيار هذه المجموعة مر عبر إجماع داخل الحزب، وهو الأمر الذي لا يتحقق في باقي الأحزاب السياسية التي تجد صعوبة في الاتفاق على تزكية مرشحيها دون الدخول في الصراعات الداخلية التي تصاحب هذه العملية.

ويخوض حزب العدالة والتنمية الانتخابات القادمة بتصور سياسي يشبه لعبة "الشطرنج"، حين يختار تغيير تموضعات وأماكن ترشيح قيادات الصف الأول في مدن ومواقع تتبدل حسب الحاجة السياسية ومتطلبات المرحلة، بما يسمح بضمان استمرار تواجد الوجوه السياسية البارزة داخل المؤسسات المنتخبة. وما دمنا نتحدث عن لعبة "الشطرنج"، فقد اختار الحزب في الخمس سنوات القادمة الاحتفاظ بملكه داخل رقعة اللعبة والدفع به لجولة أخرى.

ترشيح كل وزراء حزب العدالة والتنمية الذين تم الإعلان عنهم، والآخرون الذين ربما سيعلن عنهم لاحقا، يعني أن الحزب قد رفع سقف المنافسة بالنسبة لباقي الأحزاب السياسية الأخرى، ويضطرها إلى البحث عن الشخصيات القادرة على مواجهة مرشحين من الوزن الثقيل. وفي نفس الوقت صعّب عليها الأمر وضيق عليها مساحات الحركة، لأنها في الواقع لا تتوفر كلها على مرشحين يمتلكون مؤهلات المنافسة القوية.

يبعث الحزب من خلال كتلة الوزراء الذين رشحوا رسالة تعكس تموضعه السياسي والتنظيمي للمرحلة المقبلة. ومفاد الرسالة تعويله على هذه المجموعة في رسم ملامح المشهد السياسي المغربي في السنوات القادمة، وأن دورها مطلوب مستقبلا. وأن خبراتها السياسية والوظيفية تمثل حاجة كبيرة للفترة القادمة.

فهذه المجموعة في تقدير الحزب ضمانة أساسية لمتابعة وصفته الإصلاحية ورؤيته لطبيعة إدارة المرحلة القادمة، وأن اختيار هذه المجموعة يعني بالدرجة الأولى أن لا شيء تغير في طبيعة معاركه القادمة، ولا اصطفافه السياسي، ولا في كيفية إدارة علاقته مع خصمه الأول حزب الأصالة والمعاصرة. فكلا الحزبين قد باتا على إدراك لمقدرات وإمكانات بعضهما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجموعة الموت في انتخابات تشرين الأول مجموعة الموت في انتخابات تشرين الأول



GMT 01:00 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 21:38 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 07:46 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca