لا مصباح لا جرار المغرب الذي نختار

الدار البيضاء اليوم  -

لا مصباح لا جرار المغرب الذي نختار

بقلم : د/ محمد بنلحسن

في القريب من الأيام، سيمر يوم السابع من أكتوبر، وسيتم الإعلان عن الفائزين في الانتخابات التشريعية، كما سنتعرف جميعا من سيخونهم الحظ، أو  الذين سيأبى محالفتهم، لكن السؤال الحيوي في هذا السياق، من الأهم،  هل فوز  حزب المصباح، أو فوز الجرار، أو الميزان، أو غيرهم من  الأحزاب الوطنية، أو فوز  بلدنا؛ المغرب؟
لكن هل يصح أن نضع المغرب مع الأحزاب السياسية  في كف واحدة؟
إن المغرب ليس حزبا، وليس له مرشحين، ولا قوائم انتخابية!!
هل هناك إمكانية لتحويل فوز حزب سياسي في المغرب  إلى فوز للوطن ؟
كيف ذلك؟ 
لا جدال في أن "كل حزب بما لديهم فرحون"،  كما أكد الكتاب   العزيز، وهذه حقيقة ثابتة،  وستستمر كذلك أبد الآبدين؛ في كل الأزمان؛ وهي حقيقة لا يتناطح حولها عنزان، ولا يحاجج فيها عقل إنسان؛ فلا يمكن لأنصار المصباح، أن يتمنوا الفوز لغير مرشحيهم، كما أن المتعصبين للجرار، لا يتخيلون أحدا آخر سيكون منتصرا في انتخابات 7 أكتوبر، غير رجالهم ونسائهم وشبابهم الواردة أسماؤهم ضمن لوائح الحزب التي تقدم بها للانتخابات .
وقد رأينا كيف يتم بناء مكونات الأغلبية من الأحزاب السياسية الفائزة بعد إجراء الانتخابات لا قبلها ..
كم مرة سمعنا عن محاولات بعض الأحزاب السياسية تقديم مرشح واحد في الدوائر  الانتخابية، مثل  أحزاب الكتلة الوطنية مثلا، لكن عند حلول ساعة الجد، يقدم كل حزب مرشحيه، على أن يتم ترتيب إجراءات التحالف والتكتل فيما بعد الانتخابات...
وحتى مسألة تحديد الحلفاء قبل الانتخابات، قلما يتجاوب معها الزعماء السياسيون، والمكاتب الوطنية للأحزاب، لأن الانتخابات في المغرب، مفتوحة على جميع الاحتمالات...
وقد تابع الجميع ولاشك، كيف تم الإعداد لمجموعة أحزاب ج 8 قبل انتخابات 2011، ولكن خريطة التحالفات عرفت تغيرات جوهرية ما بعد فرز  الأصوات وإعلان النتائج ...
وقد رأينا كيف تحالف حزب التقدم والاشتراكية مع العدالة والتنمية وليس مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي فضل الخروج للمعارضة احتراما على حد قولة لإرادة الناخبين التي وضعت الحزب في المرتبة الخامسة.. ما سجلنا تحالف الاتحاد مع البام وليس مع اليسار الاشتراكي الموحد على الرغم من تقاربهما في المرجعيات..
هذا الميل كل الميل؛ والتعلق كل التعلق، بأهداب الحزب، وأركانه وأعمدته ورجاله ونسائه، فضلا عن شعاراته، وأيديولوجيته، وخطه السياسي، والذي يشبه الهوى النفسي والذاتي؛ والذي لا يمكن أن نقول عنه إنه يضل صاحبه عن الطريق الصحيح؛ والمسلك الرشيد، والحكم السديد؛ بل وجب على العقلاء في بلادنا، عده خيارا واختيارا، من صميم ممارسة الحقوق الفردية والجماعية المتعارف عليها عالميا...
لكن السؤال الجوهري الذي يواجهنا في هذا المقام، ماذا عن غير المنتمين لهذين الحزبين؟
إذا كان الانتماء للأحزاب السياسية يندرج في إطار ممارسة الحقوق الأساسية المتوافق عليها كونيا، فلا شك ولاريب، في أن عدم الانتماء للأحزاب السياسية، يعتبر أيضا ممارسة مشروعة وسليمة، للحق في الانتماء من عدمه؛ بطبيعة الحال، بغض النظر عن خلفيات الابتعاد عن المؤسسة الحزبية الوطنية، سواء بسبب النفور من آلياتها وخطاباتها ووعودها، أو سبب عدم الإحساس بالميل الفطري وغياب الرغبة في الانتماء..
إن الذين لا يهمهم فوز فلان أو علان، في هذه الانتخابات؛ هل يمكن اعتبارهم خارج الإجماع الوطني؟
وهل وجب إكراه الناس وحملهم على الانتماء القسري؟
وهل إذا لم يفز الحزب الذي أتعاطف معه، وأميل لبرنامجه، أعلن كفري بالديموقراطية وقوانينها؟
وهل انتصار الحزب الذي سأصوت على مرشحيه؛ يدفعني لخدمة الأنصار فقط؟
هذه أسئلة مقلقة وجوهرية؛ يجب أن تدفعنا للتفكير العميق والاستراتيجي؛ من أجل المدى البعيد، ومن أجل غد مشرق لجميع المغاربة والمغربيات، بغض النظر عن لونهم السياسي؛ وعن وجوده من عدمه...
إن الانغلاق على الحزب وأنصاره، من شأنه المساس بروح المواطنة التي يجب أن تتفوق على أي شعور آخر، إن الأحزاب السياسية وسيلة لا غاية، الغاية الكبرى والمرمى البعيد، هو خدمة الوطن والمواطنين.. وجلب المنافع لهم، ودفع المضار  عنهم...
إن أواصر الوطنية والمواطنة، أوثق من أواصر الحزب، والمذهب والجماعة أو الحركة...
لماذا لا نعتبر نضالنا الفردي والجماعي، في أحزابنا وخارجها، واجهة لخدمة الوطن وقضاياه؟
وبناء عليه، فإنني أدعو للارتقاء بممارستنا السياسية، وذلك بالانخراط الجماعي والمجتمعي، في إسداء خدماتنا للوطن، وإقامة التفاضل والتمايز، بناء على قدرة وكفاءة مؤسساتنا الحزبية، على الولاء للوطن والمواطنين والمواطنات فقط .
لنجعل من يوم السابع أكتوبر عرسا ديموقراطيا تنتصر فيه إرادة الناخبين والمواطنين؛ من أجل تحقيق التقدم والازدهار الذي يحلم به جميع المغاربة بعيدا عن انتماءاتهم وولاءاتهم ...
إن الامتحان المقبل، لا يكمن في براعتنا الخطابية، وبلاغتنا اللفظية من أجل استمالة المصوتين وإقناعهم  ببرامجنا وخططنا؛ للظفر بالكراسي البرلمانية؛ بل يتمثل في مدى قوتنا الاقتراحية البناءة والفعالة، والتي تراهن على تقديم البدائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ التي لا تستهدف السموق بحزب سياسي ما، ولكن تستهدف الرقي بالوطن والمواطنين...ما أحوجنا لأحزاب مواطنة، وبرامج مواطنة، وخطاب دعائي...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مصباح لا جرار المغرب الذي نختار لا مصباح لا جرار المغرب الذي نختار



GMT 01:00 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 21:38 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 07:46 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 11:05 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 20:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض الجيل الثاني من "رينو كابتشر" في معرض فرانكفورت

GMT 07:04 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

اوتلاندر PHEV 2019 تتمتع بانخفاض الضرائب

GMT 05:07 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتداء بيجامات النوم خارج المنزل أكثر صيحات الموضة تنافسية

GMT 06:57 2016 الثلاثاء ,19 إبريل / نيسان

أهم 5 ألوان للشعر في موضة صيف و ربيع 2016

GMT 08:05 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"الجينز المطاطي" يعود من جديد بعد اختفائه عن عالم الموضة

GMT 05:08 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حذاء المحارب الرانجر ""Combat Shoes يُسيطر على موضة الخريف

GMT 19:21 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عاصى الحلانى يحيى ذكرى رحيل وديع الصافى بكلمات مؤثرة

GMT 17:47 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة غنوة سليمان إثر حادث سير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca