أكرم علي
ظلّت المخابرات العامة المصرية تعمل في هدوء لسنوات طويلة في عهد كل من الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، من دون أن يعرف أحد كيف تخطط وتنفذ المخابرات المصرية مفاوضاتها مع الأطراف الأخرى للخروج من أيّ معركة فائزة.
وتجلىّ دور المخابرات العامة أخيرًا حين قام مديرها اللواء محمد فريد التهامي، الشخص الذي لا يظهر كثيرا في الإعلام ولا يعرف اسمَه الكثيرُ من المصريين، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، وبعد لقاءات لم تكن معلنة مسبقًا، جاء قرار حاسم في صالح مصر بإعادة 10 طائرات "أباتشي" كانت معلقة منذ "أحداث 3 يوليو" الماضي، والتي عُزِل فيها الرئيس محمد مرسي.
وجَرَت اتصالات مكثفة ومستمرة بين القاهرة وواشنطن، بين وزيري الخارجية نبيل فهمي وجون كيري، ووزيري الدفاع في البلدين، إلا أن زيارة اللواء فريد التهامي إلى واشنطن الأسبوع الماضي حسمت الصراع، وأنهى الصفقة، وأقنع الإدارة الأميركية بإعادة الطائرات "الأباتشي"، والتي تساهم بشكل كبير في مكافحة الإرهاب داخل سيناء وعدد من المناطق الأخرى في مصر.
وللمخابرات العامة المصرية دور بارز أيضًا يؤكّد أنها المفتاح السحري لحل الأزمات، حين استبدلت العشرات من المصريين بالجاسوس الإسرائيلي إيلان غرابيل، الذي تم القبض عليه عقب "ثورة 25 يناير"، ونجَحَت مصر في الافراج عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل تسليم الجاسوس الإسرائيلي.
ستظل المخابرات العسكري هي السلاح القوي التي تحتمي به الدولة المصرية، ويظل الجهاز القادر على حل أزماتها بهدوء من دون أن يعرف أحد تفاصيلها، وكيفية الوصول إلى حل بشأنها.
ولن ينسى أحد دور المخابرات المصرية في رعاية المصالحة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و"حماس" طول السنوات الماضية، حتى اتفقت الحركتان على مبادئ تسوية المصالحة لعودة الدول الفلسطينية مجددًا بعد سنوات طويلة من الخصام.
أتمنّى أن تظل المخابرات العامة المصرية في سياقها الهادئ، وأن تحتفظ بأسرارها التي تمكنها من النجاح، ولا تذهب إلى معترك الأحاديث التي تتناول دورها، وأن تحتفظ بصورتها الذهنية لدى الكثير من المصريين.