القاهرة-سهام أبوزينة
فيما يستعد وفد صيني رفيع للتوجه إلى واشنطن لاستئناف محادثات التجارة المتوترة بين البلدين، قال وزير التجارة الصيني تشونغ شان، الأحد، إن الشركات الصينية تواجه مصاعب كثيرة بسبب الخلافات التجارية، موضحاً خلال مؤتمر صحافي في بكين أن «التجارة تواجه تحديات غير مسبوقة... تحديات خارجية وداخلية».
ومن المتوقع عقد جولة جديدة من محادثات التجارة رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، في واشنطن يومي 10 و11 أكتوبر (تشرين الأول)، ويرأس الوفد الصيني ليو هي، نائب رئيس الوزراء والمستشار الاقتصادي للرئيس الصيني شي جينبينغ.
وصرّح تشونغ أن الصين ستتوسع في الاستيراد، وأن الإجراءات الرامية لاستقرار التجارة ستفرز نتائج إيجابية، لكن دون الكشف عن تفاصيل.
وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الأحد، أن وفداً صينياً برئاسة ليو هي سيتوجه إلى واشنطن في الأسبوع الثاني من أكتوبر. وأعرب نائب وزير التجارة وانغ شوين عن أمله في أن يتمكن الجانبان من تقريب وجهات النظر خلال هذه الجولة من المحادثات، لافتاً إلى ضرورة أن يكون الحوار قائماً على مبادئ «الاحترام والمساواة».
وكان ليو هي قد تحدث عبر الهاتف في وقت سابق من هذا الشهر مع الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، واتفقا على عقد لقاء الشهر المقبل، في محاولة جديدة لإنهاء الحرب التجارية المستمرة منذ عام بين البلدين.
وأجّلت الولايات المتحدة مؤخراً فرض رسوم إضافية على سلع صينية حتى منتصف أكتوبر، كما تراجعت الصين عن فرض رسوم على لحوم وفول صويا من الولايات المتحدة، وأعفت بعض المنتجات الكيماوية من فرض رسوم إضافية. ووصف الجانبان هذه الإجراءات بأنها «بوادر حسن نية».
وأظهرت بيانات اقتصادية، أصدرتها بكين في وقت سابق من الشهر الحالي، تباطؤ النمو في عدد من القطاعات، بعدما ألقت الحرب التجارية بظلالها على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
لكن على جانب آخر، تدرس الإدارة الأميركية إجراءات جذرية جديدة لممارسة ضغوط مالية على بكين، من بينها إلغاء إدراج شركات صينية بالبورصات الأميركية. وقالت مصادر لـ«رويترز» إن الخطوة ستأتي في إطار جهد أوسع نطاقاً للحد من الاستثمارات الأميركية في الصين، فيما يرجع جزئياً إلى تنامي المخاوف الأمنية بشأن أنشطتها.
وكان وزير الخارجية الصيني قال، يوم الجمعة، إن الرسوم الجمركية ونزاعات التجارة قد تدفع العالم إلى الركود، وإن بكين ملتزمة بحلها «بطريقة هادئة وعقلانية وتعاونية».
ورغم إشارة «رويترز» مساء أول من أمس إلى نفي من وزارة الخزانة الأميركية لوجود خطط «حالية» لاستهداف إدراج الشركات الصينية، فإن المخاوف لم تنتهِ. وأشار مراقبون إلى أن التصريح الرسمي تضمن عدم وجود «خطوات حالية» للاستهداف، لكنه لم ينفِ دراسة الأمر، ما يعني إمكانية اللجوء إليه في حال تعثر المفاوضات أو كورقة ضغط.
وأوضحت «بلومبرغ» أمس أن تخوف المستثمرين من مغبة خطوة كهذه تُترجم عبر موجة تراجع للأسهم الرئيسية بالبورصتين الصينية والأميركية على حد سواء، بفعل حالة العزوف عن شراء الأصول الخطرة والبحث عن ملاذات آمنة يركنون إليها.
وأغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأميركي تعاملات الأسبوع الماضي على انخفاض بواقع 7 نقاط، في أعقاب ما نشر بأن مسؤولين أميركيين يعكفون حالياً على دراسة شطب الشركات الصينية من سوق الأسهم الأميركية، كما تكبدت كبريات الشركات الصينية خلال تعاملات الجمعة الماضية خسائر كبيرة؛ حيث هبطت أسهم مجموعة «علي بابا» الصينية بنسبة 5.15 في المائة، فيما انخفضت أسعار أسهم «جيه دي كوم» بنسبة 5.95 في المائة، وأيضاً أسهم متصفح «بايدو إنك» بنسبة 3.6 في المائة.
ونقلت «بلومبرغ» جينفر أليسون، خبيرة مختصة لدى مؤسسة «بي أو إس» قولها: «لا يمكن الاستهانة بتداعيات التصعيد الأميركي... فتبعاته كفيلة بضرب معدلات النمو الاقتصادية العالمية بسبب تقييد حركة التجارة العالمية، وتنذر بإثارة غضب الجانب الصيني إلى حد قد يقوده إلى اتخاذ رد فعل انتقامي والامتناع عن شراء سندات الخزانة الأميركية».
وهو ما أكد عليه الخبير الاستراتيجي لدى مصرف «دويتشه بنك» الألماني ألن روسكين، مشيراً إلى أن «سعي واشنطن لوضع قيود على الاستثمارات الأميركية في الصين سيرتد سلباً على المصالح الأميركية، نظراً إلى أن الصين تضطلع بدور أكبر كمستثمر في الأسواق الأميركية؛ مقارنة بالدور الأميركي في السوق الصينية. كما أنه يبعث برسالة مقلقة للمستثمرين بأن العلاقات الأميركية الصينية تشهد توتراً شديداً، إلى حد قد تصعب معه رؤية اتفاق تجاري قريباً».
وتوقع روسكين أن يصبّ ذلك في صالح الأصول الآمنة، مثل الذهب والعملات الرئيسية المنافسة للدولار، مثل اليورو والين الياباني، بدعم افتراضية أن الصين ستلجأ جراء هذه الخطوة للبحث عن أسواق بديلة عن السوق الأميركية.
كما نسبت «بلومبرغ» إلى مايك كولينز، مختص في إدارة الأصول ذات العوائد الثابتة لدى مؤسسة «بي جي أي إم» قوله: «ما نعهده حالياً ما هو إلا مثال حي على أن الحرب التجارية ستطول، ولن تنتهي في المستقبل القريب... لتظل متأرجحة ما بين التصعيد تارة، والتهدئة تارة أخرى، دون اتفاق حقيقي».
قد يهمك ايضا :