الجزائر – ربيعة خريس
تضمّن مخطّط الحكومة الجزائرية الجديدة إقرارًا صريحًا بخطورة الوضع المالي الذي تمر به البلاد جراء تدنّي أسعار النفط في الأسواق العالمية، مؤكدًا أنّ عام 2017 سيختتم "بصعوبات حقيقية"، في حين يبدو عام 2018 أكثر تعقيدًا، ويوحي هذا الوضع أنّ الحكومة ستتخذ قرارات صعبة ستتضح ملامحها في قانون الموازنة للعام المقبل الذي سيحال على البرلمان الجزائري بغرفتيه شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
واعترفت حكومة رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي بصعوبة الوضع المالي، معتبرة أنّ الوضع المالي "يثير القلق" بسبب الصعوبات المالية المترتبة عن تراجع الجباية البترولية، واستهلاك مجمل الموارد المالية الموجودة في صندوق ضبط الإيرادات الذي نفذ شهر فبراير/شباط الماضي، حسب وثيقة مخطط عمل الحكومة، التي توضح أنّ هذه الاحتياطات تنفذ باستمرار حيث انتقلت من 193 مليار دولار في مايو/أيار 2014 إلى 105 مليارات دولار في يوليو/تموز الماضي، كما شهدت احتياطات الصرف في الجزائر في نهاية شهر يونيو/حزيران 2017 تراجعًا قدّر بثلاثة مليارات دولار في شهر واحد، فيما بلغت نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2016 قيمة قدرت بـ114.1 مليار دولار.
وتوضح الوثيقة بأنّ "الوضع يبقى حرجًا جدًا على مستوى ميزانية الدولة في الظرف الحالي، ومن المرتقب أن يختتم عام 2017 بصعوبات حقيقية بينما عام 2018 ينذر بأن تكون معقدة أكثر"، وتوحي هذه الأرقام أنّ حكومة رئيس الديوان الرئاسي الأسبق أحمد أويحي تتجه نحو اتخاذ قرارات صعبة اقتصاديًا واجتماعيًا، ستلقي بظلالها على القدرة الشرائية للشعب الجزائري.
وأعلنت الحكومة الجزائرية، لمواجهة هذا الوضع المالي الصعب، عن مواصلة سعيها في ترشيد النفقات المالية من خلال التقليل من نفقات التسيير، ويوحي هذا الإجراء أنّ الجهاز التنفيذي لن يقرّ أي زيادات في أجور العمال الجزائريين خلال العامين الماضيين، يحدث هذا في وقت كثفت النقابات المستقلة حراكها لاسترجاع حقوقها والمطالبة بتحسن القدرة الشرائية التي شهدت تدهورًا ملحوظًا منذ أن طرقت الأزمة الاقتصادية أبواب البلاد عام 2014.
ويتوقّع أن تعقد 13 نقابة مستقلة فاعلة تشمل قطاعات الصحة والتربية والتعليم المهني، لقاءً الأسبوع الجاري، للفصل في الإضراب الذي هددت بتنظيمه مع بداية الدخول الاجتماعي للمطالبة بتحسين القدرة الشرائية وإلغاء التقاعد النسبي ورفع سن التقاعد إلى 60 عامًا للرجال و55 عامًا للنساء، والمطالبة بإشراك النقابات المستقلة في القرارات المصيرية التي تهمّ الموفين باعتبارها شريكًا اجتماعيًا.
ويحمّل التكتل النقابي الحكومة المسؤولية أمام التحديات الراهنة، معلنًا التصدي للقرارات المجحفة، في ظل إجماع معظم النقابات بأنّ قرارات الحكومة لا تخدم مصالح موظفي معظم القطاعات ويهددها، ومن المرتقب أن تفجّر قرارات الحكومة لمواجهة تبعات الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، صراعًا كبيرًا داخل قبة البرلمان الجزائري بين الأحزاب المحسوبة على السلطة الجزائرية والمعارضة التي تطالب بحماية القدرة الشرائية للشعب الجزائري.