الرئيسية » مراجعة كتب

الرباط - وكالات

وأخيرا يجدُ ابن حمّويه من يتذكره من المغاربة، بالبحث والتنقيب في خزائنه الضائعة وزمام تركته الأدبية، وخصوصا رحلته المغربية. فقد أقدمت نجاة المريني (جامعة محمد الخامس بالرباط ) على جمع وتقديم وتحقيق رحلة ابن حمّويه في كتاب عنونته بـ«ما تبقى من رحلة ابن حمّويه المسمّاة الرحلة المغربية» لشيخ الشيوخ تاج الدين أبي محمد عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمّويه الجويني السَّرخسي، المتوفى سنة 642 هـ/1245م، والصادر عن مركز البابطين. وقد نحت في عملها هذا التبويب على مقدمة وثلاثة أقسام وفهارس، بدءا بالتعريف بابن حمّويه سفيرا ثم الرحلة، نوعها ومصادرها، وأخيرا النصوص المحققة. وهو عمل شاق يتجاوز التحقيق إلى التنقيب عن نص ضائع، تفرَّقَ «جسمه» في مؤلفات مُختلفة. تأتي رحلة ابن حمّويه من المشرق إلى المغرب في سفر مُعاكس لعشرات الرحلات التي كانت تتجه من المغرب والأندلس نحو المشرق وبلاد الحجاز والشام. وقد جاء قدوم ابن حمّويه إلى المغرب بعد سفارة أسامة بن منقذ إلى مراكش برسالة من صلاح الدين الأيوبي، حيث وفدَ سنة 593 هـ على يعقوب المنصور الموحدي بعد سنتين من انتصار الموحدين على نصارى الأندلس في معركة الأرك الشهيرة سنة 591 هـ، وأقام بمراكش سبعة أعوام، ثم غادرها إلى مصر حيث وُلِّيَ مشيخة الشيوخ هناك. إن الظرف الذي قدِمَ فيه ابن حمّويه إلى المغرب لم يكن لأجل السياحة ولا السفارة أيضا (فقط)، وإنما رحلة ثقافية، وإلا ما كان اقتعدَ سبع سنوات كاملة بمراكش، ولربما زار فيها الأندلس. إذ أن المقري في «نفح الطيب» هو المصدر الوحيد الذي نبّه إلى وجود هذه الرحلة ونوعها. يقول من جملة ما يورده في هذا الصدد : «وقد ذكرَ في رحلته عجائب شاهدها بالمغرب ومشايخ لقيهم وعلماء من المغرب والأندلس جالسهم وذاكرهم ودوَّنَ أخبارهم وأشعارهم». وتؤكد نجاة المريني، وهي الباحثة المتخصصة في الأدب والثقافة والتاريخ بالمغرب، أن رحلة ابن حمّوية أصبحت المصدر الوحيد في تلك الفترة التاريخية لتراجم وأحداث اعتمد عليها مؤرخون لاحقون من أمثال ابن الشعار الموصلي وابن سعيد المغربي وابن خلكان من القرن السابع الهجري، ولاحقا المقري في القرن 11 هـ. وإذا كان عدد من الباحثين قد أجمعوا على أن ابن حمّويه زار المغرب رسولا من طرف صلاح الدين الأيوبي إلى المنصور الموحدي، فإنَّ بقاءَه فترة طويلة في سياق تاريخي متحول، وثراء ثقافي في مراكش والأندلس، مكّنه من تدوين رحلة فهرسية. وتُصححُ نجاة المريني، في هذا المُؤلف، عددا من المعلومات المرتبطة بهذا الأديب الرحالة، مؤكدة أنه لم يأت في سفارة لصلاح الدين الأيوبي – كما يقول أكثر من مصدر – بسبب أن السلطان صلاح الدين توفيَ سنة 589 هـ، بينما قدِمَ ابن حمّويه إلى المغرب بعد أربع سنوات من تاريخ وفاة صلاح الدين، في عهد ابنه عثمان، لتخلصَ أن الرحلة ليست سفارية وإنما هي فهرسية سياحية، وتعزز هذا التأكيد بنص ثمين وغميس أورده المقري على لسان ابن حمّويه، يقول فيه : «وإن كانت العمومة من المشرق، فإنَّ الخؤولة من المغرب، فحدثَ باعث يدعو إلى الحركات والأسفار، ومُشاهدة الغرائب في النواحي والأقطار، وذلك في حال ريعان الشباب الذي تُعضده عزائم النفوس بنشاطها، والجوارح بخفة حركاتها وانبساطها.فخرجتُ سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة إلى زيارة بيت المقدس وتجديد العهد ببركاته، واغتنام الأجر في حلول بقاعه ومزاراته، ثم سرتُ منه إلى الديار المصرية، وهي آهلة بكل ما تتجمّل به البلاد وتزدهي وينتهي الواصف لشؤونها ولا تنتهي، ثم دخلتُ المغرب من الإسكندرية في البحر، ودخلتُ مدينة مراكش أيام السيد الإمام أمير المؤمنين أبي يوسف يعقوب المنصور، فاتصلتُ بخدمته» ص 34. خصّت نجاة المريني القسم الثالث من هذا المؤلف لتجميع ما تفرَّق في مصادر مطبوعة لابن الشعار والمقري وابن خلكان، بالإضافة إلى مصادر مخطوطة لأبي القاسم الزياني والدكالي السلوي واليحمدي، لتقدم رحلة عالم من مصادر عدد من العلماء. كما ذيلت الكتاب بفهارس مساعدة ولائحة بمصادر ومراجع ستفتح أمام باحثين آخرين الطريق للمزيد من التنقيب عن ابن حمّويه وعلماء القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.  

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

"الأسلحة النووية" لا تزال تهدد العالم في القرن الـ…
"الدّولة وتدبير الحراك" كتاب جديد للدّكتور المغربي محمّد الغلبزوري
"المسغبة" ملحمة سردية لـ ثائر الناشف عن فواجع الحرب…
صدور رواية "سماء قريبة من الأرض" عن الحرب والمقاومة…
صدور رواية "جنة الأكاذيب" وديوان "زئبق وفضة" للكاتب خالد…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة