الرباط_ المغرب اليوم
بعد ستة عشر يوما من التنافس لتحقيق شعار البارون بيير دي كوبيرتان “الأقوى الأعلى والأسرع”، وضعت الألعاب الأولمبية الصيفية أوزارها. وككل أربع سنوات، ننبري جميعنا لتقييم حصيلة المشاركة المغربية التي ظلت نتائجها تراوح بين المتواضعة والهزيلة؛ منذ أول مشاركة في أولمبياد روما في 1960 إلى غاية الدورة الحالية. وبالرغم من أن الجميع متفق على أن النتائج المحققة لا تعكس حجم المغرب وإمكاناته المادية والبشرية، فإننا ننصرف عقب نهاية كل أولمبياد إلى حال سبيلنا بعد إبداء بعض التأسف، دون أن ندخل في مكاشفة صريحة وعميقة حول مكامن الخلل في رياضتنا الوطنية.
ينبغي التأكيد، بداية، أن الشعار الأولمبي الذي أطلقه البارون بيير دي كوبيرتان، باعث الألعاب الأولمبية الحديثة: “ليس الأهم في الأولمبياد هو الفوز وإنما المشاركة” لم يعد ملائما لعصر أخذت فيه الرياضة أبعادا جديدة، ولم تعد مجرد متعة لعب بل صارت صناعة قائمة الذات؛ فمن المتوقع أن يتجاوز رقم معاملات الرياضة هذا العام حاجز 800 مليار أورو بما يعادل 3 ℅ من التجارة العالمية و2 ℅ من الثروة الوطنية في البلدان المتقدمة. وأضحت الرياضة مقياسا من مقاييس الحضارة بين الأمم، إذ كانت دول أوربا الشرقية إبان الحرب الباردة تعد الفوز في النزالات الرياضية ضد رياضيي الغرب وجها من وجوه الحرب ضد العالم الرأسمالي.
لذلك، لم تتوان دول مثل الاتحاد السوفياتي وألمانيا الديمقراطية وتشيكوسلوفاكيا في بناء السواعد بطريق الاستعمال الممنهج للعقاقير والمنشطات ومكننة الرياضيين منذ سن مبكرة لحصد النتائج في إلغاء فظيع لإنسانيتهم. واليوم وأمام عولمة الرياضة بفضل الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة، تضخ أغلب الدول أموال طائلة في قطاع الرياضة حتى لا تتخلف عن الركب. وفي دول الخليج، تعمد كثير من الاتحادات الرياضية إلى تجنيس رياضيي الدول الفقيرة من أجل حصد النتائج والميداليات، دون أن يلتفت إلى أخلاقية العملية من الجوانب الرياضية والوطنية. والمغرب الذي يراقب الوضع يسعى، بدوره منذ مدة، إلى أن تعكس رياضته الصورة العامة لبلد واعد يسعى إلى أن تكون له مكانة تحت الشمس.
غير خاف على أحد أن الرياضة لم تكن قط قطاعا إستراتيجيا في السياسة العامة للمغرب مثلها في ذلك مثل الثقافة. والسبب معروف هو طغيان منطق الأولويات في بلاد كانت ولا تزال محكومة بمحدودية مواردها المالية إذا ما قورنت بطموحاتها الاقتصادية والتنموية؛ لكن المغفور له الملك الحسن الثاني وعى الأهمية الدعائية للرياضة، فسعى إلى توظيفها ابتداء من عقد الثمانينيات من القرن الماضي في الدعاية للقضية الوطنية الأولى؛ فأطلق المغرب مبادرات كثيرة، من مثل استضافة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في الدار البيضاء سنة 1983 ودورة الألعاب العربية بالرباط سنة 1985. وسهر العاهل شخصيا على مواكبة مشاركة منتخب كرة القدم في مونديال المكسيك سنة 1986، ثم رعايته مرتين لترشيح المغرب لاستضافة كأس العالم؛ بالرغم من القناعة بضعف حظوظ البلد أمام دول عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
في خضم هذا الاهتمام الذي أبداه المغرب لقطاع الرياضة، تحققت بعض النتائج الإيجابية بفضل عطاءات رياضتين أساسيتين هما كرة القدم وألعاب القوى؛ فقد قفز المغرب إلى واجهة الأخبار في العالم كله بفضل عدائيين من أمثال سعيد عويطة ونوال المتوكل وإبراهيم بوطيب وخالد السكاح وهشام الكروج ونزهة بيدوان وغيرهم، إلا أن الانتشاء بإنجازات هؤلاء الأبطال ظل كالشجرة الكثيفة التي تخفي وراءها واقع الغابة، فالإنجازات المحققة ظلت في جوهرها وليدة مواهب وعصامية أبطالنا أكثر ما كانت نتاج وثمرة سياسة رياضية للدولة. وحتى الحصيلة المحققة بقيت في عمومها دون الإمكانيت البشرية المعتبرة التي تزخر بها بلادنا؛ ففي ستين سنة من الاستقلال لم تستطع بلد مهووسة بكرة القدم أن تفوز إلا بلقب قاري وحيد في بطولة نظمت بنظام النقط دون اللجوء إلى المباراة النهائية الفاصلة. وأكبر إنجاز عالمي حققته الكرة المغربية هو بلوغ الدور الثاني في مكسيكو 1986.
بالنسبة إلى باقي الرياضات الأولمبية لم يحقق المغرب طيلة 14 مشاركة في الألعاب الأولمبية إلا 23 ميدالية (6 ذهبيات / 5 فضيات / 13 نحسيات) ظفرت بها رياضتين فقط هما ألعاب القوى والملاكمة، وبوأت المغرب المرتبة الخامسة إفريقيا والتي لا توازي بأية حال ترتيبه الاقتصادي في القارة السمراء. وإذا انتقلنا إلى المعيار الجهوي نجد المغرب يتبوأ المرتبة العاشرة في سبورة الميداليات بألعاب البحر الأبيض المتوسط متخلفا في الترتيب عن ثلاث دول عربية هي مصر وتونس ثم الجزائر دون نتائج تذكر طيلة عشرين سنة امتدت من دورة بيروت سنة 1959 إلى غاية دورة سبليت سنة 1979.
تعود أزمة الإنجاز التي عانتها الرياضة المغربية في تاريخها إلى عوامل بنيوية أساسية؛ ما لم تشخص ويُبحث لها عن حلول جذرية، فإن رياضتنا ستسقط فيما سقط فيه من يكرر الخطأ نفسه بالظروف نفسها وينتظر نتائج مغايرة.
تكمن أول العوامل في ضعف الاعتمادات المالية المخصصة للنشاط الرياضي العام. ولا نقصد هنا الكرم الحاتمي الذي تحظى به بعض الرياضات الشعبية ولا بعض الرياضيين في إطار برامج انتقائية خاصة، وإنما نقصد العمل القاعدي الأساسي الذي يمس الممارسة الرياضية الشاملة داخل البلد، من خلال الاعتمادات المفروض أن تخصص للبنيات التحتية والتجهيزات واكتشاف المواهب والاهتمام بالفئات العمرية الصغرى وتشييد ملاعب القرب والرياضة المدرسية وغيرها.
نتحدث عن كل ذلك والعالم يعيش اليوم ما يسمى بالصناعة الرياضية L’industrie du sport ، أي صناعة البطل في أفق تحقيق المردودية الاقتصادية والدعائية لهذا الاستثمار.
يكفي فقط أن نشير إلى أنه بغض النظر عن البنيات التحتية الأساسية، يُرافق البطل الواحد ما لا يقل عن عشرين إطارا نذكر منهم تمثيلا الكوتش coach والمعد البدني والمسعف والمدلك والطبيب والإحيائي والمعالج النفسي وخبير التغذية والطباخ ومدير الأعمال؛ وهو ما يتطلب إمكانات مادية ولوجستيكية جد معتبرة. قد يقول قائل إن المغرب ضخ، في السنوات الأخيرة، أموالا طائلة في الرياضة. أي نعم حقيقة لا ينكرها إلا جاحد؛ لكن السواد الأعظم من هذه الاعتمادات ذهبت إلى برامج انتقائية خاصة؛ كالمدرسة الوطنية لألعاب القوى وأكاديمية محمد السادس لكرة القدم وبرنامج رياضيي الصفوة التي تشرف اللجنة الأولمبية المغربية.
وتقوم هذه البرامج على عقيدة الانتقاء وسيلة للارتقاء بالتكفل بالرياضيين الموهوبين ومواكبتهم في مراكز متخصصة بغية الوصول بهم إلى مصاف رياضيي الإنجاز العالي.
قد تُعطي هذه البرامج الانتقائية بعض النتائج، إلا أنها تصطدم بقاعدة ذهبية في مجال الرياضة مؤداها أنه كلما اتسعت قاعدة الممارسين في بلد واتسع الاهتمام بهم كلما ارتفعت حظوظ البلد في تكوين أبطال للصفوة على المستوى العالمي.
لذلك، فإن كل جامعة واتحاد رياضي يبني حظوظه في المنافسة على عدد رخص الممارسة التي يسلمها. من ثم، وجب ضمان حظوظ متساوية للجميع في الإعداد؛ فقد أثبتت التجربة أن أبطالا كانوا واعدين في بداياتهم، إلا أنهم لم يعطوا ما كان منتظرا منهم. وبالمقابل، إن ثمة أبطالا كانوا متواضعين في بداياتهم؛ لكنهم وصلوا إلى الصفوة بالمثابرة والتدريب. والدليل على أن البرامج الانتقائية ليست وحدها التي تصنع رياضيي الإنجاز العالي القادرين على المنافسة على المستوى العالمي هو برنامج رياضيي الصفوة التي تشرف عليه اللجنة الأولمبية المغربية والذي انتقى أبطالا في ست رياضات هي الجيدو وألعاب القوى وسباق الدراجات والسباحة والتايكواندو وأغدق عليهم رواتب مجزية وصلت إلى 20 ألف درهم للاعبين و30 ألف درهم للمدربين من أجل ضمان التفرغ وتوفير شروط الاستعداد الجيد؛ إلا أنه بعد أن صرف البرنامج لما يقارب 19 مليار سنتيم على مدار دورتين أولمبيتين، لم يستطع الأبطال الذين أخذوا ما يعادل أوزانهم ذهبا أن يحققوا سوى ميداليتين نحاسيتين يتيمتين.
ويرتبط عامل آخر بالتعمير والعمران؛ ففي زمن فات، وحتى على قلة البنيات التحتية الأساسية، كانت حواضرنا تتوفر على فضاءات فسيحة وفارغة صالحة لممارسة الرياضة وهي التي فرخت الكثير من أبطال الأمس، إلا أن المد الإسمنتي وعدم استحضار السياسات العمرانية للأبعاد الثقافية والحضارية أسهما في تقليص فضاءات الترفيه من ساحات وملاعب وحدائق عمومية وغيرها مما حدّ من فرص الممارسة الرياضية. ويبقى الحل الاستدراكي البديل هو التركيز على تشييد ملاعب القرب، لا سيما في التجزئات حديثة الإنشاء والمأهولة بالسكان. ونعلم أن هذه الملاعب موجودة بالفعل، إلا أنها تتميز بتركزها في بعض المدن الكبيرة، وداخل هذه المدن نفسها يلاحظ تركزها في بعض الأحياء دون غيرها، وحتى إذا وجدت فإنها تتميز بسوء استغلالها وعدم تكافؤ فرص ولوجها واستغلالها. ومن الفضاءات الحيوية التي لا غنى عن التفكير في إنجازها خلال المخططات المستقبلية مسابح للتدريب، فلا يمكن أن نصنع أبطالا ينافسون في السباحة دون تمكينهم من الفرص المتاحة لنظرائهم في الدول العظمى في هذه الرياضة الذين يظلون في الأحواض لمدد لا تقل عن ست ساعات في اليوم. وينسحب الأمر نفسه على حلبات ألعاب القوى بمسابقاتها التقنية وقاعات الألعاب القتالية.
ولا يمكن للباحث في أزمة الرياضة الوطنية أن يغفل دور الرياضة المدرسية، باعتبارها الخلية الأولى في البناء الرياضي والرافد الرئيسي للأندية الرياضية والمنتخبات الوطنية؛ ففي زمن مضى أيضا كانت الرياضة المدرسية بحق رافعة للرياضة الوطنية، والأدلة أكبر من أن تعد. ويكفينا تدليلا على هذا الواقع أن سعيد عويطة، الذي اختير رياضي القرن العشرين بالمغرب، هو نتاج الرياضة المدرسية. أما اليوم، فإن هذه الرياضة التربوية لم تعد تقوم بدورها كخزان للمواهب الرياضية لعدة أسباب؛ منها: ضعف التجهيزات المدرسية وتقادمها وعدم مسايرتها للتقدم التقني المهول في مجال الرياضة، هذا إن لم تتآكل وتفقد أية فائدة للاستعمال في غياب الصيانة الضرورية، دون إغفال التراجع المضطرد لفضاءات الرياضة المدرسية في المؤسسات التعليمية المستحدثة نتيجة ضعف الرصيد العقاري ومحدوديته، أما التعليم الخاص الذي أصبح يستأتر بحصة هامة في التأطير التربوي بالمغرب، فحدث ولا حرج، فبنايات كثير من مؤسساته لا تستوعب حتى حجرات الدرس فأنى لها أن تحلم بفضاءات الرياضة، ولا ندري ما إذا كانت وزارة التربية الوطنية تتشدد في إلزام هذه المؤسسات في دفاتر التحملات بتخصيص فضاءات للرياضة بمواصفات معينة.
ومن الأسباب التي قزمت عطاء الرياضة المدرسية تراجع الاهتمام الذي كنا نوليه في المغرب لمسابقاتها، سواء المحلية أو الجهوية والوطنية. ومما يحد كذلك من العطاء المنشود للرياضة المدرسية الغياب التام للرياضة الجامعية، باعتبارها الامتداد الطبيعي الذي يتلقى مشعل أو شاهد الرياضة المدرسية؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي تصنف باعتبارها البلاد الرياضية الأولى في الكون، تعتبر الرياضة الجامعية رافعة للرياضة الأمريكية، وتخصص جل الجامعات الأمريكية ميزانيات ضخمة لإعداد الرياضيين، لا سيما في كرة السلة وكرة القدم الأمريكية وألعاب القوى. وتحرص الجامعات الأمريكية على استقطاب الكفاءات الرياضية حتى تلك التي لا تتوفر على معدلات الولوج وتغريها بتخفيض الرسوم وحتى الإعفاء منها. أما في المغرب، فتفتقر جل الجامعات المغربية للبنيات التحتية الرياضية الأساسية. وقد عايننا، بالفعل، تلاميذ كانوا واعدين في الرياضة المدرسية؛ لكنهم توقفوا بمجرد التحاقهم بالجامعات، علما أن أغلبهم يلتحق بالجامعة في سن دون العشرين، أي في قمة العطاء الرياضي، فنخسر أبطال وبطلات في ظل غياب مقومات الاستمرار في النشاط الرياضي.
ومما لا غنى عنه للنهوض بالرياضة الوطنية مسألة في غاية الدقة والخطورة وهي التنقيب عن المواهب. والأصل هو أنها مسؤولية الأندية الرياضية بالدرجة الأولى إلى كونها الأقرب في نطاقها الجغرافي للممارسين؛ لكنها في الجوهر مهمة جسيمة تتجاوزها بكثير، إذ أثبت العلم والتجربة المشهودة كذلك أن الإنجاز الرياضي العالي يتوقف على مجموعة من المتطلبات، أبرزها اكتشاف المواهب في سن جد مبكرة، فقد توفر الدولة التجهيزات والبنيات التحتية والمتطلبات المكتسبة بالعلم والتدريب المتخصص وغيرها، إلا أن المتطلبات الحاسمة تبقى هي تلك المرتبطة بالجوانب الخلقية الوراثية ممثلة في الصفات الجسمانية التركيبية كالطول والوزن ونوع الألياف العضلية لتوجيه الرياضيين في كل لعبة دون إغفال الأداء المهاري والاستعداد الجسماني والموهبة. وكثير من الرياضات كالجمباز والسباحة والمسابقات التقنية في ألعاب القوى وغيرها تتطلب لإعداد البطل بدء التدريب في سن جد مبكرة. واكتشاف هذه المواهب أصبح يزداد صعوبة أمام الاختلالات البنيوية التي يعانيها العمل الرياضي القاعدي بسبب أفول الرياضة المدرسية وتراجع المساحات المخصصة للممارسة الرياضية وعدم مواكبتها للنمو الديمغرافي مما سبق وسردناه. والمعضلة عندنا في المغرب أن الأندية تدور فقط بالملتحقين بالتداريب في رحابها بغض النظر عن مواهبهم وتوفرهم على مقومات النبوغ الرياضي، والأمثل تشجيع الموهوبين على الالتحاق بفضاءات التدريب.
ومما يمكن أن يتأتى به ذلك تشجيع الممارسة الرياضية في المدارس والجامعات رفعا لتحفظات أولياء الأمور وجعل المسار الرياضي متوازيا مع المسار الدراسي، ثم التركيز بالخصوص على نظام القدوة؛ فقد أنجب المغرب أبطالا كبار أكدوا أن الرياضة يمكن أن تكون بدورها وسيلة للترقي الاجتماعي، فحين ظهر سعيد عويطة في أواسط الثمانينيات شكل نموذجا حث كثير من الشباب على الجري، ويُحكى أن هشام الكروج نفسه تفوق بفضل محاكاته لمثله الأعلى سعيد عويطة.
ومن مكامن الخطورة على الإنتاج الرياضي بالمغرب الاعتماد الذي ظهر في الخمس عشرة سنة الأخيرة في كثير من الرياضات على مساهمات الجيلين الثالث والرابع من مغاربة العالم. وهؤلاء نفتخر في جميع الأحوال بمغربيتهم ونُجل فيهم تفضيلهم لبلد الآباء والأجداد بالرغم من مغريات اللعب تحت راية بلد الاستقبال؛ لكن هؤلاء الأبطال إن كانت إنجازاتهم تُحسب على المستوى القاري والدولي للمغرب، فإنها ليست نتاجا خالصا للرياضة المغربية، لأن هؤلاء الأبطال تكونوا بالبنيات التحتية وإمكانات دول مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا وغيرها. ومن شأن الاعتماد المتزايد عليهم أن يغطي على واقع الرياضة الوطنية في وقت ينبغي أن يسعى فيه المغرب إلى تأهيل رياضته المحلية وجعلها مرآة لكل ما يتحقق من نمو داخل البلد.
إن مقارنة الإنجازات التي حققها المغرب في الأولمبيادات السابقة بإنجازاته في الأولمبيادين الأخيرين بلندن وريو يؤكد أن تحقيق الإنجاز الرياضي العالي لا يتوقف على ضخامة الميزانيات المرصودة لإعداد الأبطال في إطار برامج انتقائية خاصة، وإنما يرتبط باستيحاء لتجارب الدول المتصدرة لترتيب الميداليات بالعمل الرياضي القاعدي الشامل، على سبيل المثال خصص المغرب مكافأة للظفر بالميدالية الذهبية بلغت ما يقارب 140 ألف أورو، فيما لم تخصص فرنسا (المرتبة السابعة) للمكافأة نفسها سوى 50 ألف أورو، وخصصت الولاية المتحدة الأمريكية (المرتبة الأولى) مبلغ 22 ألف أورو، أما ألمانيا (المرتبة الخامسة) فاقتصرت على مبلغ 15 ألف أورو. ويرى العارفون ببواطن الأمور أن حظوظ الظفر بالميداليات لا يتوقف على مقدار المكافآت المالية المرصودة؛ بل بإعداد رياضيي الإنجاز العالي بالشكل الذي يمكنهم من المنافسة على مستويات عالية تجعلهم يستحقون بحق لقب رياضيي الصفوة.