الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم
“تنبيه صارخ إلى ضعف الاقتصاد المغربي في مواجهة عدم الانتظام المتزايد في معدلات تساقط الأمطار وتوالي سنين الجفاف” جاء على لسان جيسكو هنتشل، المدير الإقليمي لدائرة المغرب الكبير ومالطا في مجموعة البنك الدولي، التي رصدت توالي سنوات الجفاف على مدى ثلاث سنوات خلال الأربعة أعوام الماضية؛ ما دفع المسؤول في البنك الدولي إلى اعتبار المملكة تعيش على وقع “أزمة جفاف بنيَوية”.
وسلط تقرير “مرصد الوضع الاقتصادي للمغرب، ربيع 2022″، المقدّم يوم الأربعاء 20 يوليوز، بقعة الضوء على إشكالية الماء التي تزايدت حدّتها خلال العقد الأخير؛ تجسد ذلك في تخصيصه فصلا كاملا للحديث عنها مع تقديم اقتراحات وتوصيات بشأن سبل التدخل وممكنات الحل.
ويتعرض الاقتصاد المغربي لـ”صدمات هطول الأمطار” من خلال ما تشكله موجات الجفاف الأخيرة من تذكير قوي بضرورة واستعجالية التحرك؛ إذ “ساعدت التقلبات الكبيرة مستويات هطول الأمطار على تضخيم الركود في عام 2020 وانتعاش عام 2021 بينما ستؤدي إلى إبطاء النمو مرة أخرى عام 2022″، يرصد التقرير.
ونبه خبراء اقتصاديون للبنك الدولي، أعدوا التقرير المذكور، إلى إمكانية أن تؤدي “زيادة التواتر في مواسم الأمطار الضعيفة إلى تحول الجفاف ليصبح أحد التحديات الهيكلية، وهو ما سيكون له تأثير شديد طويل الأجل على الاقتصاد المغربي”. وبحسب معطيات البنك الدولي فقد انخفض توفر الموارد المائية المتجددة من 2560 مترا مكعبا إلى حوالي 620 مترا مكعبا للشخص الواحد سنويا بين عامي 1960 و2020؛ ما يجعل المغرب في “حالة الإجهاد المائي الهيكلي” (أقل من 1000 متر مكعب)، مقتربا بسرعة من “عتبة النقص المطلق في المياه” البالغة 500 متر مكعب للفرد سنويا.
وخلال الفترة نفسها، قام المغرب ببناء أكثر من 120 سدا كبيرا، ساهمت في زيادة إجمالي سعة تخزين المياه بواقع عشرة أمثال، لكن البنك الدولي أشار إلى أن “الحجم الفعلي للمياه المخزنة في السدود الرئيسية في البلاد انخفض خلال معظم السنوات العشر الماضية”، ما يُظهر حسب معطيات أوردها التقرير أن “سياسة تشييد السدود والاعتماد عليها فقط لم تعد فعالة كما في السابق”.
وأفاد تقرير المؤسسة المالية الدولية بأن “إجمالي منسوب المياه بلغ حوالي 33 في المائة عندما تعرضت المملكة لأحدث موجة من موجات الجفاف، ما شكل تهديدا للأمن المائي في بعض أحواض الأنهار في المغرب ودفع السلطات إلى اتخاذ تدابير طارئة مختلفة”.
أمام هذا الوضع، أوصى البنك الدولي مسؤولي السياسات المائية في المغرب بـ”عدم الاكتفاء بتطوير البنية التحتية، رغم أنها شرط ضروري ولكنه غير كاف لمواجهة ندرة المياه”، مطالبا بدعمها عبر “سياسات إدارة وتدبير الطلب على المياه” التي تحفز الموارد المائية المستدامة والفعالة والعادلة.
ويعد المغرب من بين “أكثر بلدان العالم معاناة من الإجهاد المائي”، حسب المدير الإقليمي لدائرة المغرب الكبير ومالطا بالبنك الدولي، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يفرض اعتماد إصلاحات مستعجلة، يظل أبرزها “تسعير الموارد المائية الأكثر شُحا بقيمتها المناسبة”، مع تطوير آليات فعالة لتخصيص المياه من خلال نظام حصص قابلة للتداول، على سبيل المثال، و”إنتاج ونشر بيانات دقيقة وشاملة عن الموارد المائية واستخدامها”؛ خالصا إلى أن الخبرة الدولية تشير إلى أن معالجة ندرة المياه تتطلب دمج “الحلول الهندسية” مع سياسات إدارة الطلب على المياه الفعالة.
يشار إلى أن أهمية قضايا الماء دفعت مؤلفي وخبراء البنك الدولي إلى إفراد فصل خاص عن الآثار الاقتصادية الكلية للجفاف وندرة المياه بالمغرب، باستخدام بعض التحليلات التي تم تضمينها في تشخيص البنك الذي سيصدر قريبا في “تقرير المناخ وتنمية الدولة”.
قد يهمك أيضا
تأخر تساقط الأمطار يخيف "الكسابة" وينذر بإضعاف محصول الحبوب