لندن - سليم كرم
اعترف طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق، بأنه استخف بالقوى التي كانت على وشك إطلاق العنان في العراق بعد الحرب، مشيرا إلى أن فهمه حاليا لمنطقة الشرق الأوسط أصبح أعمق بكثير مما كان عليه وقت الغزو عام 2003. وكشف عن مدى الأخطاء التي حصلت في العراق والتي دفعته إلى المطالبة بحل تطوري لتغيير النظام في أعقاب الربيع العربي. وألقى بلير تصريحات مشابهة من قبل إلا أن هذه التصريحات تأتي قبل أسابيع من نشر تقرير تشيلكوت في يوليو/ تموز عن الحرب، في ما تعد تصريحاته تلك بمثابة خط دفاعه الرئيسي.
وقال بلير في الحدث الذي أقيم برعاية مجلة "بروسبكت" في وستمنستر: " بالطبع استهنا بالقوى التي كانت تعمل في المنطقة وبأنها سوف تستفيد بمجرد سقوط النظام، وهذا هو الدرس، والدرس ليس معقدا لكنه بسيط. فعندما تزيل ديكتاتور تبرز بعض القوى التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار سواء كانت تنظيم "القاعدة" على الجانب السني أو إيران على الجانب الشيعي، وحتى أكون صادقا فإن فهمي الأن للشرق الأوسط أعمق بكثير مما كان عليه عندما كنت رئيسًا للوزراء.
وأضاف: "عندما بدأ الربيع العربي كنت ممن دعوا إلى الحذر، ولكن ماذا تعلمنا من العراق؟ تعلمنا أنه عند التخلص من الديكتاتورية فتأتي بداية فصل جديد حيث تظهر القوى السامة وتبرز التأثيرات وتبدأ في عرقلة الوضع".
وأشار بلير إلى أن "ذلك قاده إلى دعم عملية التطور السياسي"، رافضًا "الاعتذار مرة أخرى عن الغزو على الرغم من علمه بانتقاده في تقرير تشيلكوت لتقديم التزامات للولايات المتحدة حيال ذلك، وبسبب عدم استشارة حكومته بشكل كامل قبل إرسال القوات".
وأوضح بلير أن طائفة حكومة المالكي الذي تولى منصبه عام 2006 لعبت دورا في نفور المسلمين السنة وصعود تنظيم "داعش"، لكنه أشار إلى أن جذور هذا التنظيم يعود تاريخها إلى عدة عقود ولم تكن مسؤولية حكومة واحدة.
وأعرب بلير عن أسفه للطريقة التي أزيل بها صدام حسين، لكنه لا يزال يدعو لمزيد من القوات الغربية على الأرض في سورية والعراق لهزيمة داعش.
واعترف بلير أن تدخل روسيا في سوريا أعطاها ميزة على طاولة المفاوضات، موضحا أن حل النزاع قد يستغرق سنوات، وقال إن " الأمر يقترب من كونه مشكلة بلا حل حاليا وليس هناك وسيلة لهزيمة هؤلاء الناس دون هزيمتهم على ارض الواقع، فالضربات الجوية لن تهزم داعش، ولا يعني ذلك أنها يجب أن تكون قواتنا طوال الوقت ولكن ربنا تقوم قواتنا بالدعم، ولكن بلا شك إذا أردنا هزيمة هؤلاء الناس علينا خوض حرب برية بلا شك، والسؤال الوحيد بالنسبة لنا ما إذا كنا على استعداد لذلك".
وبيّن بلير أن مكافحة "داعش" تتطلب تفكيرا حيث أدرك الغرب أن المعركة تتطلب نفس الإيقاعات البطئية للحرب الباردة. وفي إشارة الى الربيع العربي لفت بلير إلى أنها أظهرت أن الشباب مع القوى الراديكالية التي تعمل داخلها لن يقبلوا الحكومات الاستبدادية، فالديكتاتوريات التي سقطت بعد 2011 فعلت ذلك لأن القلق الاقتصادي والاحباط أفرز مجموعتين من الناس: أصحاب العقول الليبرالية غير المنظمة الذين يريدون اقتصاديات قائمة على سيادة ومجتمعات متسامحة، وفي الجانب الأخر الإسلاميون المنظمون للغاية.
وهاجم بلير دونالد ترامب قائلا " أريد رئيسا قويا لأميركا يسعى إلى بناء التحالفات اللازمة للعالم الغربي، ولن تنجح في بناء التحالفات التي تحتاجها مع الدول الإسلامية من خلال تشويه سمعة المسلمين".