بوغوتا - الدار البيضاء اليوم
يقول البعض إنك إذا تمنيت أمنية ما في بوغوتا عاصمة كولومبيا، فإنه من المرجح للغاية لأمنيتك أن تتحقق، ذلك لأنها واحدة من أعلى المدن فوق مستوى سطح البحر في قارة أميركا اللاتينية، وهناك شعور دائم يساورك فيها بأنك أقرب ما تكون إلى السماء.أغلب الوقت تنعم هذه المدينة بسماء زرقاء داكنة مع أشعة شمس ساطعة. ومما يضاف إلى ذلك، أنها محاطة بالجبال الخضراء شاهقة الارتفاع التي تخلق مناخاً شتوياً دافئاً يساعد في التغلب على صقيع الصباح الباكر. ولكن ذلك لا يجاوز الساعات الأولى المبكرة من النهار، لأن بوغوتا لا تعرف البرودة القارسة ولا الحرارة الشديدة. وفي ظل درجات الحرارة التي نادراً ما تربو على 15 درجة مئوية، فإن مناخها بارد بالأساس، نظراً لارتفاعها عن سطح البحر.
يُطلق البعض على بوغوتا اسم «أثينا أميركا الجنوبية»، نظراً لتنوعها الثقافي الذي لا يضاهيه ثراء سوى العاصمة الأرجنتينية بوينس أيريس أو مكسيكو سيتي.كما تبرز أهمية المدينة من واقع سعيها الحثيث كي تتحول إلى مركز تجاري متعدد المجالات. فلقد اتخذت العديد من الشركات العالمية الكبرى مقراتها فيها، ما يجعلها على الصعيد المحلي أيضاً مدينة الفرص.تأسست مدينة بوغوتا في عام 1538 ميلادية، ويعيش فيها حالياً نحو 7 ملايين نسمة، وهو رقم يتوقع أن يزيد نظراً للهجرات الداخلية، وارتفاع عدد المواطنين الذين ينتقلون للعيش فيها من مختلف المناطق الأخرى في البلاد. وتضم المدينة الكبيرة سلسلة من الفنادق العالمية الكبرى، فضلاً عن مجموعة متنوعة ومختارة من الفنادق الفاخرة التي تتناثر عبر العديد من المناطق الحصرية داخل المدينة أو في الأحياء التاريخية.الأنشطة التي يمكن الاستمتاع بها أثناء الوجود في العاصمة بوغوتا، مدينة الجميع كما يصفها البعض كثيرة من:
تناول الطعام على ارتفاع أكثر من ثلاثة آلاف متر، حيث يمكن مشاهدة تل مونسيرات الكبير من كافة أرجاء المدينة تقريباً. ويفضل بعض الناس تسلق التل بآلاف الخطوات حتى القمة سيراً على الأقدام، والكثيرون الآخرون يفضلون ذلك على ركبهم إبان بعض الاحتفالات الدينية الخاصة هناك. ولكن لا داعي للقلق، فهناك العديد من وسائل النقل المتاحة لتأخذك إلى أعلى التل في لحظات معدودة.يعمل القطار المعلق في هذه المنطقة منذ عام 1929، وتم تدشين العمل بالتلفريك منذ عام 1955، وكلاهما وسائل نقل تأخذك إلى تل مونسيرات الكبير الذي يستحق الزيارة، لا سيما في لحظات غروب الشمس، حيث يمكن مشاهدة السماء بلونها البرتقالي الناري من هذه القمة العالية والاستمتاع بالمناظر المذهلة. ويمكن أيضاً استشراف مدينة بوغوتا الكبيرة من هذا الارتفاع الشاهق حتى وإن كنت لن تميز منها سوى الأضواء المتناثرة على مرمى البصر. ويشتق تل مونسيرات الكبير، الذي كانت تسكنه قبائل «مويسكا» الأصلية في العهود القديمة، اسمه من جبل مونتسيرات الإسباني الواقع بالقرب من برشلونة. فكولومبيا خضعت في الماضي لحكم الإمبراطورية الإسبانية ما يُفسر أن العديد من المسميات لا تزال باقية فيها.
وتوجد في أعلى تل مونسيرات الكبير كنيسة كاثوليكية، وعدد من الشوارع الصغيرة المشيدة بالحجارة، بالإضافة إلى مطعمين معروفين على مستوى العالم.أول هذه المطاعم يدعى «سان إيسيدرو»، وهو معروف بقائمة طعام تغلب عليها النكهات الفرنسية. وأثناء الاستمتاع بالعشاء اللذيذ والمناظر الطبيعية على نغمات البيانو. ويعد سرطان البحر من أفضل ما يمكن تناوله في هذا المطعم الذي يوجد داخل منزل عتيق من الطراز الاستعماري الإسباني القديم محاطاً بباقات من الزهور يملأ شذاها الأجواء.أما المطعم الثاني الموجود أعلى تل مونسيرات الكبير، فيسمى «كازا سانتا كلارا»، ويواصل العمل هناك منذ عام 1979. وهو مطعم مختص بتقديم مجموعة متنوعة من الأطباق المحلية التي تعكس فنون الطهي والمأكولات الكولومبية التقليدية. كما يقدم المطعم قائمة خاصة لفترة ما بعد الظهيرة. وفي كولومبيا، من المعتاد للغاية تناول وجبة خفيفة ما بين وجبتي الغداء والعشاء تسمى وجبة «أونسيس»، تُقدم ما بين الساعة الرابعة والخامسة عصراً.
- التجوال عبر تاريخ كولومبيا
تتميز شوارع وسط بوغوتا التاريخية، حيث يوجد مقر البرلمان (الكونغرس)، وقصر «نارينو» الرئاسي، بأنها شوارع ضيقة ومرصوفة بالحصى. ولم تطرأ تغييرات كبيرة على شكل المركز التاريخي القديم منذ أيام الحكم الاستعماري الإسباني.خلال هذه الجولة، يعد قصر «سان كارلوس» من الأماكن التي لا بد من زيارتها، وهو مقر وزارة الخارجية الكولومبية حالياً. وهو من الأماكن ذات الأهمية الكبيرة في تاريخ كولومبيا؛ حيث تمكن المناضل والمحرر الكبير سيمون بوليفار من الهروب عبر نافذة صغيرة من نوافذ هذا القصر في عام 1828، ناجياً بحياته من مؤامرة اغتياله، بمساعدة من شريكته مانويليتا ساينز.
توجد في المنطقة أيضاً العديد من الكنائس القديمة ومتاحف التاريخ الوطني. ومن أكثرها إثارة للاهتمام متحف «فرناندو بوتيرو»، الذي تبرع بمجموعة أعماله الفنية الخاصة لصالح بلاده. كما يمكن العثور على أسماء لشخصيات كبيرة ومهمة ضمن مجموعة مقتنيات وكنوز الفنان الراحل بوتيرو.حي «لا كانديلاريا» القديم، من المناطق الساحرة التي تتناثر فيها الساحات والمنازل ذات الألوان الزاهية التي تعكس الكثير من الثقافات.كاتدرائية الملح، التي تعتبر عملاً من أعمال الهندسة الحديثة، كما تعد أولى عجائب المباني في كولومبيا. وليس من الضروري أن تكون من المتدينين لكي تُعجب من بناء هذه الكاتدرائية التي شيدت بالكامل تحت سطح الأرض داخل منجم قديم للملح. وتوجد الكاتدرائية على مسافة 180 متراً تحت الأرض، وجرى بناؤها عن طريق إزالة نحو 250 ألف طن من الملح. وكانت الكاتدرائية قد افتتحت أبوابها للزوار اعتباراً من 16 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1995، لكن عمال المناجم الذين كانوا يواصلون العمل لعقود طويلة في تلك المنطقة المشهورة بمناجم الملح، شرعوا في بناء الكاتدرائية منذ عام 1930، وأحد أبرز العناصر التي تميزها القبة الكبيرة التي يبلغ ارتفاعها 11 متراً، وقطرها 8 أمتار، وهي محفورة بالكامل في الملح، ويقول البعض هناك إنها رمز الاتحاد بين السماء والأرض.
غني عن القول إنك بمجرد دخول الكاتدرائية، تغمرك رائحة الملح التي تملأ المكان. وهناك أضواء ملونة تخلق مناخاً درامياً يفرض نفسه على البيئة الداخلية. وتتسع الكاتدرائية الملحية لاستقبال نحو 10 آلاف شخص على مساحة شاسعة تبلغ 10 هكتارات. أما موقعها، ففي منطقة زيباكويرا، البلدة الصغيرة التي تبعد بنحو ساعة واحدة بالسيارة من العاصمة بوغوتا، ويتذكرها الجميع هنا لأنها المكان الذي شهد أيام الدراسة الثانوية للأديب الكولومبي العالمي غابرييل غارسيا ماركيز، الحائز على «جائزة نوبل» في الأدب.
- الاستمتاع بجولات تذوق الطعام الرائعة
أصبحت العاصمة بوغوتا، اليوم، واحدة من أشهر عواصم قارة أميركا اللاتينية من حيث الاستمتاع بعروض متنوعة ووفيرة من الأطعمة المختلفة والمتميزة. ويمكن للزوار الاستمتاع بالمأكولات الكولومبية التقليدية إلى جانب الأطباق العالمية. وفي الآونة الأخيرة، أصبح الطهاة في كولومبيا يركزون جهودهم على محاولات دمج الأطعمة والنكهات، مع إدخال المأكولات الفرنسية أو الإسبانية ضمن المكونات الكولومبية التقليدية. فأصبح من السهل للغاية العثور على ما يناسب كافة الأذواق.ونظراً لأن كولومبيا من البلدان الاستوائية، فهي تقدم خيارات لا حصر لها من المكونات الغذائية من فواكه وخضراوات ولحوم. بالإضافة إلى ذلك، تحظى كل منطقة من مناطق البلاد بأطباقها ونكهاتها الفريدة. يتيح موقع مدينة بوغوتا في أميركا الجنوبية زيارتها من أي ركن من أركان العالم، حيث توفر العواصم الأوروبية الرئيسية رحلات الطيران اليومية المباشرة إليها، فضلاً عن العديد من المدن الرئيسية في الولايات المتحدة الأميركية شمالاً. ويعد مطار «إل دورادو» الدولي أحد أكبر مراكز النقل الحديثة وذات الأهمية في المنطقة اليوم.
قد يهمك أيضــــــــــًا :