الشارقة_أزهار الجربوعي
أكد الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي في مقابلة مع "المغرب اليوم" أن "الحصانة الرئيسية للأوطان هي حصانة ثقافية بالأساس"، معتبرا أن الأوطان العربية تمر بفترة حرجة وبسلسلة من العواصف التي تقتلع العديد من أسس الكيانات الوطنية في العالم العربي، مشدّدا على أن الخلاص مما أسماء بـ"المخاض الدموي العسير" لن يكون إلا بإعلاء شأن قيمة الإنسانية على ما دونها من المذهبية والطائفية.
واعتبر زاهي وهبي أن الحراك السياسي الذي يعيش على وقع العالم العربي من ثورات وانتفاضات ستتولّد عنه حركة ثقافية جديدة تواكب هذه المرحلة الراهنة من التاريخ العربي، مشدّدا على أن "الثقافة الاستهلاكية المائعة لا تستطيع أن تواكب حراك هؤلاء الشباب في دفاعهم عن قضايا التنمية والعدالة والحرية والمساواة".
وأكد الإعلامي اللبناني زاهي وهبي أن عوامل كثيرة تقف وراء تصدّر لبنان لصناعة النشر والكتب الانتشار الواسع لمثقفيه وكتابه ومفكريه، أبرزها سقف الحرية المرتفع، إلى جانب الانفتاح التاريخي نظرا لموقع لبنان المتمركز على المحور التاريخي في البحر الأبيض المتوسط "وهو ما جعله يمثل حلقة وصل على مر التاريخ بين الشرق والغرب"، فضلا عن تعدّد الطوائف الذي أثرى بدوره الثقافات ومجالات الإطلاع ومصادر المعرفة والثقافة في لبنان.
واعتبر زاهي وهبي أن اللبنانيين يتمتعون بحيوية ثقافية على مر التاريخ تبلورت من خلال مساهمتهم في نشأة الصحافة العربية واحتضان لبنان لأول مطبعة في الشرق الأوسط، كما ساهم لبنان في ولادة الصحافة في مصر إلى جانب الاهتمام منذ القدم بالسينما والمسرح ، مشدّدا على أن اللبنانيين مازالوا حاضرين إلى الآن في أهم الصحف والمجالات الإعلامية ، معربا عن أمله في أن يلتفت اللبنانيون إلى هذه المسألة وأن لا تجرفهم الثقافة الاستهلاكية والمظاهر، وأن ينحازوا أكثر إلى العمق والجوهر الذي تمثله الكتابة والمعرفة.
وأكد الإعلامي اللبناني زاهي وهبي أن جميع أشكال الانفتاح مهمة ولا يجب إنكار دورها، مشدّدا على أن "الحصانة الرئيسية للأوطان وخاصة الصغيرة منها مثل لبنان هي حصانة ثقافية بالأساس".
واعتبر زاهي وهبي أن الطريقة الوحيدة لحماية الثقافة الوطنية من التجاذبات السياسية والطائفية، تكمن في "التركيز على الإنسان كقيمة، وإعادة إعلان شأن ومبادئ المواطنة، في جميع الدول العربية حيث يجب معاملة الإنسان كمواطن وعدم التعامل مع الإنسان بعرقه وطائفته ولونه ، خاصة وأن القواسم المشتركة التي تجمع شعوب المنطقة أكبر بكثير من تلك التي تفرقها، فالشعوب موحدة فيما بينها بالرابط الإنساني الأكبر والأعمق إلى جانب اللغة العربية الجميلة ثم الدين الإسلامي الذي يدين به أغلب شعوب المنطقة ولكن مع احترام دور وأديان الآخرين ومع الإقرار بما قدمه المسيحيون في الشرق من زاد مهم ساهم في إثراء الحضارة الإسلامية، لذلك وجب التعامل بانفتاح فكلما تقدمنا وتعاملنا باحترام، أعطينا للإنسان حقه كفرد ومواطن وكلما قدّمنا انتماءه كمواطن على انتمائه الديني كلما استطعنا أن نُحصّن أوطاننا ونتلاقى بعيدا عن القطرية والشوفينية".
واعتبر زاهي وهبي أن الأوطان العربية تمر بفترة حرجة وبسلسلة من العواصف التي تقتلع العديد من أسس الكيانات الوطنية في العالم العربي، مشدّدا على أن الخلاص مما أسماء بـ"المخاض الدموي العسير" لن يكون إلا بإعلاء شأن الإنسان والفرد وإعلاء قيمة الإنسانية على ما دونها أما التقوقع داخل الطوائف والمذاهب والتيارات لن يقدم إلا الخراب والويل".
وبشأن تأثير الحراك السياسي الذي يعيشه العالم العربي الحالي والانتفاضات التي يشهدها على الحركة الفكرية والثقافية في الوطن العربي " قال زاهي وهبي" " تعلّمنا من التاريخ أن المراحل المفصلية التي تعيشها أمة معينة لا بد لها أن تنعكس على كل أشكال الحياة وأنماط التعبير، مثلما انعكست هزيمة 67 وتركت أثرا مفصليا في الأدب والفن العربي وماتلاها من أحداث على غرار انتفاضة الحجارة التي أثرت على حركة الشعر والرواية العربية".
واعتبر الإعلامي اللبناني زاهي وهبي أن ما يعيشه العالم العربي "سواء كان ربيعا أم خريفا أم شتاء عربيا ، فإنه سيترك بلا شك أثرا في الثقافة والفن"، مضيفا القول "أتمنى أن هؤلاء الشباب الذين نزلوا إلى الشارع وانتفضوا بتلقائية قبل أن تُسرق منهم الثورات لصالح أجندات مختلفة إقليمية ودولية ، أن يكون لديهم الوعي الكافي لأن يلتفتوا إلى المعنى الجوهري للحياة الذي يكمن في الأدب والفن، مشدّدا على أنه على المدى التوسط والبعيد لا بد أن تولد نصوص وأغنيات ومسرح جديد يواكب هذه المرحلة الراهنة من التاريخ العربي.
وأكد زاهي وهبي أن لا يمكن "للثقافة الاستهلاكية المائعة أن تواكب حراك هؤلاء الشباب في دفاعهم عن قضايا التنمية والعدالة والحرية والمساواة"، مؤكدا أن أزمة الثقافة والقراءة في الوطن العربي تعود أساسا إلى الواقع العربي المتأزم سياسيا وإقتصاديا فلا يمكن مطالبة امرئ جائع بأن يعطي أولوية للكتاب في حياته أو آخر مستعبد ومتعرض للظلم بأن يقرأ في الوقت الذي يسعى فيه نحو حريته وكرامته.
وأكد وهبي أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق السلطات التي لم تستطع أن تؤمن تنمية عادلة ولم تتمكن من محو الأمية لو توفر الازدهار والعدالة، بل عمقت الفوارق الطبقية ومنحت الامتياز لقلة قليلة على حساب الأغلبية، وهو ما جعل الثقافة العربية في مأزق كبير يشترك في مسؤوليته الجميع بدءا بالبيت والمدرسة والجامعة، ولكن العامل الرئيسي يبقى للأنظمة السياسية التي لم تعزز ولم تواكب هذه المسائل بشكل جدي ، ذلك أن موازنات وزارات الثقافة في العالم العربي ما زالت مخجلة ومتدنية وهو ما يجعل الشعوب تعول على وعي التيارات المدنية والقوى الأهلية والسياسية والنقابية في التحفيز على القراءة التي تشكل حصنا منيعا للإنسان.
وبشأن جديده الشعري والإعلامي أكد زاهي وهبي أن ديوانه الأخير "انتظار الغريبة" يندرج في نفس السياق مع دواوينه السابقة "، رغبات منتصف الحب، لمن يهمه الحب، تعريف القبلة"، والتي تتحدث أغلبها عن الحب ، مضيفا "نحتاج إلى الحب في مجتمعاتنا العربية خاصة وعلى هذا الكوكب عامة إما أفراد أو جماعات للتغلب على الأحقاد والضغائن لذلك أحاول من وراء شعري إلى أن أبشر بالحب".
أما إعلاميا فأكد زاهي وهبي أنه يتابع تقديم برنامجه بيت القصيد على شاشة قناة الميادين وهو برنامج ثقافي منوع يهم جميع أشكال الإبداع العربي من موريتانيا والمغرب حتى مسقط واليمن، من الشعر والفن والموسيقى إلى الأدب والفن التشكيلي...